حلم العُماني!!

المعتصم البوسعيدي

 

 

عاشت الجماهير العُمانية أياماً مليئةٌ "بالدراما" في الدوحةِ القطرية، التي لا زالت تحتضِنُ بطولة خليجي 24 وتعيشُ التجمُعَ الخليجي الكروي ــ إن صح التعبير ــ الباعث للأملِ وسط ما تعيشهُ المنطقة من أحداثٍ سياسيةٍ ساخنة. دراما البطولة ــ وللأسفِ الشديد ــ انتهت بالنسبةِ لجماهيرِ "سامبا الخليج" بشكلٍ مُحزن؛ حين فقدَ مُنتخبنا الوطني لقبهُ وودعَ البطولة من دورِها الأول.

المشهدُ الذي انتهت عليه قصة مُشاركتنا في خليجي 24 لم يكُن مُفاجئا في ظلِ التوجس من مستوى المُنتخب منذُ تولي الهولندي "كومان" قيادة الدفة الفنية خلفاً للراحلِ "فيربيك"؛ حيثُ لم يُحسن المُدرب المُحافظة على مستوى المنتخب السابق، ولم يتمكن من إيجادِ هوية واضحة، ولا حتى تعويض النواقصِ الفنيةِ المُوجودة، وباتَ ــ مؤخراً ــ يُعيد أسطوانة قديمة نُدركها تمام الإدراك حول منظومة الكُرة العُمانية ومدى قابليتها للتطويرِ والارتقاء الطموح.

مع كُلِ ذلك، كانت الجماهير العُمانية الرقم الثابت في المُعادلة؛ سواءً بالكمِ الذي يؤازر في المُدرجاتِ مهما اختلف مكانها وزمانها، أو بالُلحمةِ والتعاطي مع التشجيع الناثرَ للبهجةِ والسعادة والعاكس للصورةِ الجميلة عن وطنِ المحبةِ والسلام، وبوعيٍ كبير حول مستوى المنتخب وما يدور حوله فنياً وإدارياً، دون أن يكون لذلك أدنى تأثير على حجمِ المُساندة في كل الأحوال.

أمّا المشهد في اتحادِ كُرة القدم، فأعتقد أنّه لم يكُن شفافاً ذا قراءةً سهلة، ولم يكُن مُغيّراً لواقعٍ صارَ إلى أفضل؛ بل ومع مرورِ الأيام أصبح واقِعنا الكروي أكثر تعقيداً وغموضاً ونتائج راهنَ الاتحاد على تحقيقِها خاصة بعد الفوز بخليجي 23، وحتى حين كان المشهد جلياً لدى الجميع تمسكنا بحُلمٍ عُماني مغلف بالأمل، لكنه على ما يبدو سقطَ في منتصف الطريق، ولا زلنا نحلمُ كحلم "نصر وهدان القط" في المسلسلِ المصري القديم "حُلم الجنوبي" للفنان القدير صلاح السعدني إنتاج العام 1997م.

 

الحُلم العُماني لمُستقبلِ الكُرةِ العُمانية يبدو مُشابهاً لحلمِ الجنوبي في المسلسل؛ تحركهُ العُواطف الوطنية الجياشة بوجودِ كنزٌ سيُغير الملامح الشاحبة والوجوه المُكفهرة الحزينة، هذا الكنز احتاج للتضحياتِ وصادفَ العقباتِ وتجاذبته النفوس الشتى ممن تمتلك الإمكانيات وعكسها، وكُلما اقتربنا من اكتشافه حدث أن ابتعدنا عنه.

لقد انتهت حلقات المسلسل والكنز باقِ في قلوب عارفيه؛ حُلم لم يستيقظ كحالِ كرتنا في كل حلقاتها؛ نائمةٌ لم نصل إلى كنزِها حتى ونحن نملكُ خارطة الطريق وإحداثيات المكان!! وها قد عادَ "نصر وهدان القط" في الحلقةِ الأخيرة إلى قريتهِ بعد كفاح وصبر لم ينل منه إلا الشتات، جسد مُنهك وحُلم بعيد تقوده الحياة إلى قدره وقد تعثرت به الأسباب. ونحن مثله نعودُ من خليجي 24 وحُلمنا البعيد يقود كُرتنا المُستديرة إلى المصيرِ المجهول، والذي أظن أنّ أولَ انكشاف له يُحتم علينا الاعتراف الصريح جداً بعدم نجاحنا أو ــ بصريح العبارة ــ بفشلنا الذريع، وأن نتجاوز التسويف والدراسات المُتأنية؛ لأننا ــ في اعتقادي ــ "نعرف البئر وغطاءه" وبالتالي "أما ضرب ووجع ولا جلس وهجع"!!