انعدام الجاهزية للسياحة الداخلية

 

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

لقد حبا الله بلادنا عُمان بطبيعة جميلة ومناطق سياحية رائعة وذلك بتنوع المناخ والتضاريس الجميلة التي تتفرد بها عن سائر البلدان لا سيما البلدان العربية، والخليجية تحديداً.

فعمان بجبالها الشاهقة، وبوديانها وأفلاجها وأنهارها وشلالاتها المتدفقة، وشواطئها الجميلة، وحاراتها القديمة الجميلة وطقسها المعتدل على مدار العام تستقطب العديد من الزوار من داخل السلطنة وخارجها.

فقد شهدت السلطنة قبل أيام منخفضاً جوياً تسبب في هطول الأمطار على معظم محافظات وولايات السلطنة، مما أدّى إلى جريان الأودية والشعاب، وامتلاء السدود، واستمرار جريان المياه في الأودية بما يعرف محلياً بالغيول ومفردها (غيل) نتيجة فيضان الأفلاج وامتلاء قنواتها.

ونظراً لتعدد أودية وقرى ولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة وتنوّع مقوماتها السياحية فقد شهدت الولاية خلال إجازة العيد الوطني التاسع والأربعين المجيد توافد الآلاف من السواح من المواطنين والمقيمين.

وقد حظيت الشلالات والعيون المائية في نيابة الحوقين وقرية المدينة، وقرية الخاضة بالنصيب الأوفر من الزوار، وهناك قوافل سياحية قد خيّمت في عدد من القرى بالولاية، إلى جانب عين الكسفة، وفلج المُيَسَّر المسجل في قائمة التراث العالمي، إضافة إلى وادي السحتن، ووادي بني عوف، ووادي الحيملي، ووادي الحاجر، ووادي بني هني، ووادي بني غافر، لما تمتاز به هذه الأودية من وجود تضاريس جميلة وارتفاعات شاهقة للجبال والتي تستهوي هواة التسلق والمغامرات، حيث أصبحت ولاية الرستاق قبلة الزائرين ليس خلال هذه الإجازة فحسب، وإنّما في مختلف الأوقات.

ففي ظل هذا الإقبال من الزائرين لهذه الولاية تحديداً، ما الذي قدمته وزارة السياحة في هذه الولاية من خدمات لهؤلاء الزوار كالمقاهي والاستراحات وأماكن للاستظلال، في ذات الوقت، ما هي استعدادات وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه من المرافق الخدمية كدورات المياه والمتنزهات وغيرها.

فالمعروف أنّ من أهم الركائز الأساسيّة للسياحة في كل دولة الاهتمام بالسياحة الداخلية وتوفير المرافق الضرورية التي يحتاجها السائح المحلي ويبحث عنها السائح الزائر، كتهيئة الفنادق والمنتجعات السياحية في مختلف أرجاء البلاد، وتهيئة الأماكن السياحية ذات المقومات الطبيعية، وكمثال في السلطنة هذه الأفلاج والعيون ومنابع المياه والشواطئ والرمال الصحراوية التي تجتذب سائحي الرياضات ومتسلقي الجبال ومحبي المغامرات.

فمع انعدام هذه الخدمات من الجهات المعنية قام بعض الزوار برمي المخلفات في المكان بعد استمتاعهم بالاستجمام والمقيل في تلك الأماكن الجميلة، وهذا تصرف غير حضاري مما يؤسف له.

وقد انتشرت بعض الصور عن تلك المشاهد عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تستنكر مثل هذه التصرفات من قبل بعض الزائرين، حيث أبدى أهالي قرية المدينة بوادي بني هني استياءهم من هذه التصرفات، فأبت أنفسهم أن يشاهدوا قريتهم الوادعة الهادئة النظيفة بهذا الوضع، فنظموا معسكراً شارك فيه الصغير قبل الكبير، وقاموا بجمع تلك المخلفات في أكياس وحملوها في سيّاراتهم الخاصة لرميها في الأماكن المخصصة لها في ظل انعدام دور شركة بيئة في القيام بواجبها لنقل هذه المخلفات في وقتها.

في ختام الحديث: إنّ ما قام به بعض الزوار في قرية المدينة لا يبرر عدم وجود خدمات بيئية في المكان، في المقابل نطالب الجهات المعنية بالاهتمام بهذه المواقع خاصة في هذا الموسم الذي يعتبر موسماً للسياحة الداخلية سواءً في الرستاق أو في غيرها من الولايات.