العلماء تناولوا تأثير الصراعات والنزاعات على المسارات الفقهية

20 ورقة عمل تثري نقاشات اليوم الثاني من "ندوة تطور العلوم الفقهية".. واستعراض واسع للآراء المذهبية حول "فقه الماء"

...
...
...
...
...
...
...
...

◄ تسليط الضوء على فقه الماء في الفقه المالكي والحنفي والحنبلي والشافعي والجعفري والزيدي

◄ استعراض قضايا الزراعة وإدارة الماء في التراث الفقهي الإباضي

◄ النائطي: الحكمة الإلهية اقتضت تشريع الأحكام لتنيظم حياة الناس في الدنيا

 

 

 

تواصلت، أمس، ولليوم الثاني على التوالي، أعمال ندوة "تطور العلوم الفقهية في عمان"، في نسختها الخامسة عشرة، بعنوان "فقه الماء في الشريعة الإسلامية.. أحكامه الشرعية وآفاقه الحضارية وقضاياه المعاصرة"؛ حيث جرى استعراض 20 ورقة عملية تناولت مختلف الجوانب المتعلقة بفقه الماء.

واشتملتْ أعمال الندوة في اليوم الثاني على 5 جلسات عمل متصلة بمحاور قضايا الماء في الفقه الإسلامي، وفقه الماء في مكتبة التراث الإسلامي.

 

الرؤية - محمد قنات

تصوير/ راشد الكندي

 

 

وعُقِدت الجلسة الأولى من اليوم الثاني تحت عنوان "قضايا الماء في الفقه الإسلامي"؛ وتضمنت تقديم 3 أوراق عمل؛ قدم خلالها الدكتور مهنا التجواني ورقة عمل تحت عنوان "الزراعة وإدارة الماء في التراث الفقهي الإباضي"، أشار فيها إلى أنَّ كتب التراث أصول اجتهادية، وأن رأي اهل النظر والترجيح يرفع بين المتنازعين، وأن السلف الصالح دعا لضرورة الاستفادة من الماء وأدواته، وقد يتحول الماء إلى صراع دولي في المستقبل. فيما نادى دكتور فرحات بن علي -في ورقته التي حملت عنوان "السيول والجفاف وفقه التكافل الاجتماعي"- إلى ضرورة إحياء ندوة تطور العلوم الفقهية على مر الأيام؛ لما لها من أهمية تقدمها في العلوم الفقهية بصورة عامة. وأضاف أنَّ الإسلام يتميز بالتكافل عن غيره من القوانين الوضعية الدولية خاصة فيما يتعلق بالكوارت الطبيعية.

 

القضية الأولى

وقال دكتور جابر طايع يوسف سلطان وكيل أول وزارة الأوقاف المصرية رئيس قطاع الشؤون الدينية: إنَّ الماء يمثل القضية الأولى لشعوب الأرض قديمًا وحديثًا؛ فعلى ضفاف النيل قامت أول حضارة بشرية عرفها التاريخ الإنساني، وعلى ضفاف دجلة والفرات قامت حضارات العراق القديمة ببلاد الرافدين، والحضارات البابلية والأشورية...وغيرها. وذكر أنَّ قضية الماء تمثل تحديًا كبيرًا بين مصر ودول حوض النيل، تضع صانعي القرار في تحدٍّ كبير، مما يُحتِّم الإسراع في تطوير العلاقات الدبلوماسية المصرية مع تلك الدول، وتفعيل دور المؤسسات الدينية المتمثلة في الأزهر الشريف والأوقاف والكنيسة، في التعامل مع قضية مياه النيل؛ للمساهمة في تفعيل التواجد المصري بين دول حوض النيل؛ من خلال تبادل البعثات التعليمية والدينية، والثقافية، من أجل نشر ثقافة العدالة والسلام بين شعوب تلك الدول من المنبع إلى المصب بعيدًا عن فكرة الحق المطلق لدول المنبع. وأوضح أنَّ قضية الماء أحد أهم التحديات المعاصرة، ومما يزيد الأمر تعقيدًا التحولات المناخية المضطربة التي أثرت في كثير من مناطق العالم؛ مما يتطلب زيادة تنمية الوعي الوطني، والإقليمي، والدولي بقضايا المياه؛ فالحفاظ على الماء من التلوث، وترشيد استخدامه أمرٌ ضروري، ومطلوب حتى في حالة الوفرة المائية، كما أنَّ للماء أهمية عظيمة؛ حيث يربط جميع النظم الحيوية على كوكب الأرض بجميع عناصرها؛ مثل: النبات، الحيوان، وسائر الكائنات الحية وكذلك العناصر اللاحيوية؛ مثل: التربة، الهواء، أشعة الشمس والمناخ...وغيرها، كما تظهر أهمية الماء عند الإنسان؛ إذ يقوم باستخدامه في جميع أغراضه المختلفة كالزراعة، والصناعة، والترفية، وتوليد الكهرباء، فضلًا عن أهمية الماء لسائر الكائنات الحية.

 

العرف والتشريع

وأشار محمد إقبال أبوبكر النائطي الندوي في ورقة تحت عنوان "استغلال الماء بين العرف والتشريع"، إلى أنَّ للماء مجموعة من القواعد غير المكتوبة التى اتبعها الأفراد فى سلوكهم أجيالاً متعاقبة حتى نشأ الاعتقاد لديهم بأن هذه القواعد أصبحت ملزمة، وأن مخالفها سيتعرض لجزاء الجماعة، وأن حكمة الله عز وجل اقتضتْ تشريع الأحكام التي تنتظم بها حياة الناس دنيا وأخرى، وهذه الأحكام مستوعبة لجميع صرفات المكلف، فلا يخرج عنها فعل من أفعاله، ومن مظاهر هذا الاستيعاب اعتبار الشريعة للعرف، وذلك لاختلاف أحوال المكلفين زمانا ومكانًا في كثير من الأحكام الشرعية التي يرجع تقديرها إليهم، فاعتبرت الشريعة عرف المكلف، ونزلته منزل الشرع، وقبلته في مجالات كثيرة عملا منها بقاعدة اليسر ورفع الحرج عن الناس في حياتهم ومعاشهم؛ فلا يكاد يوجد باب فقهي إلا وقد اعتبرت الشريعة فيه العرف وحكَّمته حتى نص الفقهاء على أن من قواعد الشرع التي أسس عليها قاعدة اعتبار العرف والعادة.

 

الجلسة الثانية

وقال الدكتور محمد الغزالي إنَّ الماء عصب الحياة، فمِمَّا يدل على ذلك هو نشوء الحضارات الإنسانية وازدهارها حول منابع المياه ووديانها ومجاريها وروافدها، مثل الحضارة المصرية والبابلية والفارسية التي نمت وازدهرت على شواطئ الأنهار والبحار. وإلى يومنا هذا، نرى أكبر مدن العالم ومراكز النشاط الاقتصادي والحضاري ترافقها شواطئ الأنهار أو البحار، ويدل على ذلك اندثار الكثير من الحضارات القديمة أيضا بسبب نضوب الماء أو نفاد مصادره، كما يدل على أهمية الماء أيضا نشوب الحروب والصراعات والنزاعات حول منابع المياه على مدى التاريخ الإنساني، هذا ويتنبأ بعض المطلعين على شؤون العالم تصاعد هذه النزاعات والصراعات في المستقبل، بل إنهم يحذرون الناس من اندلاع حروب من جراء السيطرة على مصادر المياه النقية؛ فتتعالى الأصوات من مختلف التخصصات تطالب بالحفاظ على قطرة الماء نظيفة.

وحملت الجلسة الثالثة عنوان "فتاوى الماء في الفقه الإسلامي"، وتضمنت تقديم 6 أوراق عمل؛ شارك فيها الدكتور عبدالله بن راشد السيابي بورقة عنوانها "فتاوى الماء في الفقه الإباضي".

وقدم الدكتور مجدي محمد عاشور ورقة عمل بعنوان "فتاوى الماء في الفقه المالكي"، وقال إنَّ المذاهب الفقهية انطلقت من الأدلة الشريفة في تشريع الأحكام والآداب التي تقوم بتنظيم شؤون الماء كمرفق حيوي، وبتمييز صفاته الصالحة للاستعمال من غيرها التي تخرجه عن هذه الصلاحية؛ سواء كان في العبادات أو في العادات، وسواء كان هذا الاستعمال من آدمي أو حيوان أو نبات، فضلًا عن تضمنها تفاصيل دقيقة توضح كيفية امتلاكه وحيازته وأصول المشاركة في منابعه وجريانه وتوزيعه وسائر المعاملات المتعلقة به وحل المنازعات التي قد تنشأ حوله، مع مراعاة الاعتبارات البيئية وما يقرره أهل الاختصاص والخبرة.

وقُدِّمت ورقة عمل أخرى بعنوان "فتاوى الماء في الفقه الحنفي"، قدمها الدكتور ضمير محي الدين، فيما قدم الشيخ أحمد محمد صالح الصالح ورقة عمل عنوانها "فتاوى الماء في الفقه الحنبلي"، وشارك الشيخ عبدالله العزى بورقة عمل عنوانها "فتاوى الماء في الفقه الزيدي"، واختتمت الجلسة بورقة عمل قدمها الدكتور هلال اللواتي عنوانها "فتاوى الماء في الفقه الجعفري".

وتواصلتْ أعمال الندوة بالجلسة الرابعة التي حملت عنوان "فقه الماء في مكتبة التراث الإسلامي"، وتضمنت 4 أوراق عمل؛ حيث قدم المكرم الدكتور إسماعيل الأغبري عضو مجلس الدولة، ورقة عمل بعنوان "فقه الماء في المكتبة العمانية"، وشارك الدكتور حميد الحمر بورقة عمل عنوانها "فقه الماء في المكتبة المالكية والشافعية"، فيما قدم الدكتور عبدالستار أبو غدة ورقة عمل بعنوان "فقه الماء في مكتبة الأحناف"، واختتمت الجلسة بورقة عمل قدمها الدكتور محمد كمال امام بعنوان "فقه الماء في كتب الأموال والخراج".

وشهدت الجلسة الخامسة والختامية تقديم 3 أوراق عمل، يشارك فيها الدكتور فيصل الحفيان بورقة عنوانها "فقه الماء في كتب الأزمنة والأنواء"، فيما يقدم حسن الشعيبي ورقة عمل بعنوان "الأوقاف وفقه الماء.. رؤية مقارنة"، واختتمت الجلسة بورقة عملية قدمها الدكتور عبدالله بن سعيد المعمري بعنوان "وقف المياه.. دراسة شرعية واجتماعية".

ومن المقرر أن تختتم الندوة أعمالها اليوم باستعراض عدد من أوراق العمل لمناقشة فقه الماء.

تعليق عبر الفيس بوك