"فورين بوليسي": سمعة "حزب الله" تنهار في لبنان

مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية بقلم ريبيكا كولارد، صحفية وكاتبة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط

ترجمة- رنا عبدالحكيم

"الإرهابيون الإرهابيون.. وحزب الله إرهابيون".. كان هذا النوع من الهتاف قبل شهر واحد أو نحو ذلك، لا يمكن تصوره في لبنان. لكن بعض المئات من المتظاهرين المناهضين للحكومة صرخوا بهذا الهتاف، ووقفوا على طريق رئيسي في بيروت الأسبوع الماضي، في مواجهة متوترة مع مؤيدي حزب الله وحركة أمل الشيعية.

ومع استمرار الغضب على نطاق واسع في لبنان، ومع دفاع زعيم حزب الله حسن نصر الله عن الحكومة، فإن هالة القدسية حول حزب الله قد تلاشت تمامًا.

واتسمت المظاهرات في الغالب بالسلمية، وناهضت الطبقة الحاكمة بكل مكوناتها من جميع الطوائف الدينية والأحزاب السياسية. وحتى وقت قريب، كان ينظر إلى نصر الله، الذي لا يتبوأ منصبا حكوميا رسميا، على أنه أعلى من الفساد المستشري الذي تسبب في دفع البلاد نحو الانهيار، وخاصة بين قاعدة الدعم الشيعية لحزب الله. فطرد حزب الله للقوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية في عام 2000 عزز مكانة الحزب كجماعة "مقاومة" بين اللبنانيين من جميع الطوائف والانتماءات السياسية. وحتى بعد حرب 2006، التي تركت أجزاء من لبنان في حالة خراب، حظي الحزب بدعم شعبي لما اعتبره الكثيرون في لبنان انتصارا على العدوان الإسرائيلي. وفي مايو 2008، استولى مقاتلو حزب الله على وسط بيروت بعد أن هددت الحكومة بإغلاق شبكة الاتصالات الخاصة بالحركة وإزالة حليف مسؤول عن أمن المطارات، مشيرين إلى أسلحتهم داخل الحدود وليس باتجاه الحدود لأول مرة في تاريخ الحزب.

وتلاشت سمعة الحزب بصورة أكبر منذ الأيام الأولى للاحتجاجات في منتصف أكتوبر الماضي، حيث شهد لبنان حشودًا كبيرة تنزل إلى الشوارع في المناطق الشيعية بشكل أساسي مثل صور والنبطية. وفجأة، مع هتاف المتظاهرين هناك بشعارات مناهضة للحكومة مطالبين بنظام جديد ونخبة سياسية جديد، فقد وجد حزب الله نفسه جزءًا من المؤسسة المستهدفة. ويقول الحاج علي وهو أحد المتظاهرين إن الاحتجاجات تمثل تحديًا مباشرًا للمكاسب التي حققها حزب الله في انتخابات 2018 وتهديدًا لأجندة السياسة الخارجية للحزب. وعندما أصر نصر الله على عدم تنحي الحكومة اللبنانية، شعر الكثير من المحتجين بأنه جزء من المشكلة. وحاول نصر الله تشويه سمعة المحتجين، ولمح إلى أنهم يتلقون تمويلا من السفارات الأجنبية. وسخر المحتجون من ذلك الادعاء، واستقال العديد من الصحفيين من جريدة الأخبار اللبنانية التي تمثل داعما إعلاميا للحزب.

وفي الأسبوع الماضي، ومع خروج الآلاف من الناس إلى شوارع إيران بعد ارتفاع أسعار الوقود هناك، سعى المحتجون في وسط بيروت إلى إيجاد سبب مشترك معهم، مرددين هتاف: "من طهران إلى بيروت، ثورة واحدة لن تموت".

وليس واضحا تماما كيف بدأت المواجهات الأسبوع الماضي. لكن الأمر الواضح أنها أثارت مخاوف من تصعيد عنيف لتمرد لبنان المستمر منذ ستة أسابيع ضد نظام المحاصصة الطائفية الهش، ووضع صبغة أخرى على صورة حزب الله كمدافع عن البلاد.

ويصف العديد من المتظاهرين المناهضين للحكومة، المتنافسين الداعمين للأحزاب بأنهم "يتعرضون لغسيل مخ". ولا يقتصر الأمر على مؤيدي حزب الله وحركة أمل، بل أيضًا على أولئك الذين خرجوا بأعداد أقل في مواجهات لدعم رئيس البلاد ميشيل عون وغيرهم من الأحزاب مؤخرا.

وقال متظاهر يدعى نادر يسراوي، إنه يعتقد أنه في النهاية، كلهم يريدون نفس الشيء، فكلهم يريدون العيش بحرية ويتطلعون لحياة أفضل.

لكن يبدو أنهم يرون مسارات مختلفة لتحقيق هذا الهدف، فاشتباكات الأسبوع الماضي تشير إلى مستقبل مجهول.

تعليق عبر الفيس بوك