صفحةٌ أخرى من حكايا الصّمْتِ

 

هشام مصطفى| مصر

 

هُزِّي الحُروفَ يُساقِطِ المعنى الأسيرْ

وَ كُلي وَقَرِّي عَيْنِكِ الحيْرى

فَكُلُّ عُقولِنا سَكْرى بِأسْئلَةِ المساءِ

على شواطئِ تيْهنا الأبَدِيِّ ثاوٍ

فوْقَ أَجْنِحَةِ النَّوارِسِ لِلْغَدِ الأعمى الكسيرْ

ــ جَلَسَتْ تُراوِدُ عَنْ فتاها سِرَّهُ المَسْكونَ

خَلْفَ مِدادِ الحرْفِ والسَّطْرِ الأخيرْ  ــ

لا تحْزني ...

فَجَنينُكِ المَصْلوبُ يَحْمِلُ فَوْقَ ظَهْرِ الحَرْفِ

أَجْوِبَةَ المَتاهةِ إذْ يسيرُ على طريقِ الشعْرِ

مَوْثوقَ اليَدَيْنِ مُشَوَّهَ القدمينِ مشوق الّلمى

مازالَ يَذْكُرُ...

كَيْفَ خانَتْهُ السّطورُ على موائدِ عُرْيها

تَغْتالُ مِنْ طُهْرِ القصيدةِ كيْ

تُلَمْلِمَ ما تَبَقَّى مِنْ شِتاتِ مِدادِها

لِتُعيدَ رَسْمَ ملامحِ الوَجْهِ الغريبِ

على قميصِ الشِّعْرِ كي

يرْتَدَّ إبْصارُ المعاني من متاهات المشاعرِ

في مساءاتِ الضريرْ

حَيْثُ الفراغُ يُنازعُ الحَرْفَ الكسيحَ لكيْ

يُزيحَ عَنِ المُخَبَّأِ خَلْفَ أبوابِ السؤالِ جوابَهُ

ماذا سَيَحْمِلُ في جِرابِ الشعْرِ للسَفَرِ البعيدِ بلا خُطى؟

أتُرى... سَيُجْدينا نهارٌ لمْ يَجِدْ عينا ترى؟

هي في النّهاية مِنْحَةً... (لا تُشْترى)

كالّليل إذْ يَنْسَلُّ مِنْ بَيْنِ أَجْنِحَةِ الضِّياءِ ظلامُهُ

كيْ يَمْنَحَ الحُزْنَ الجمالَ بأعْيُنِ الآتي مِنَ الصَّمْتِ العسيرْ

فاللا وجودُ هناكَ يَخُطُّ في لَوْحِ الحياةِ قصيدةً

كُتِبَتْ على صَدْرِ المساءِ وفَوْقَ أنْجُمِهِ الّتي

أهْدَتْ ترانيمَ الغيابِ إلى خُطى صَوْتِ الضَّميرْ

جاءَتْ وأنْتَ تسير فوقَ موْجٍ مِنْ دماء الوَقْتِ

تسْألُهُ الخلاصَ لِتَشْرَبَ المَطَرَ المُعَتَّقَ مِنْ

نَبيذِ الدَّمْعِ في عينِ الضريرْ

لا السّطْرُ ... لا الكلماتُ...  تطْفئُ مِنْ لَهيبِ الحرْفِ

حيثُ مَخاضُ آلامِ الحقيقيةِ لانعتاقِ الفكْرِ مِنْ

قيدِ البلاغةِ عِنْدَ مُفْتَرَقِ المعاني في نهاياتِ المسيرْ

فالعابرونَ إلى جزائرِ حُلْمِهمْ

حيثُ المسافاتُ البعيدةُ والمتاهاتُ التي

لا المَنُّ والسَّلوى سَتُطْعِمُهمْ

ولا الغيماتُ تَحْميهمْ فكلُّ دُروبِهم حُبْلى

بأشواكِ المُخَبَّأِ في طريقِ الأنبياء إلى دجى المعنى المنيرْ

صَمْتُ الحقيقة حينَ يعلوها ضبابُ الأغنياتِ غدتْ سنا

كالموتِ كالميلادِ كالفرح المُغَبَّرِ بالدموعِ إذا

تعانقَ شوقُهُ بِخُطى الغيابِ وأحْرُفِ العَتَبِ المريرْ

فدعي الحروفَ....

فلم تَعُدْ تُجْدي المعاني أو مسيحَ الشعرِ

في زمنِ العبيدِ  مدادُهُا

  فالأمنيات ضلالةُ الصوتِ الحسيرْ.

تعليق عبر الفيس بوك