"فايننشال تايمز": اشتعال الغضب الشعبي في إيران مع تفاقم الأزمات الداخلية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

اشتعل الغضب الشعبي في إيران، وتعرضت البنوك للنهب، وأُحرقت محطات البنزين وحوصرت الطرق السريعة، مع خرج الآلاف إلى الشوارع في مدن الجمهورية الإسلامية في أكبر احتجاجات منذ عامين، بحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

واشتعلت التظاهرات بعد قرار الحكومة خفض الدعم عن الوقود؛ في وقت تئن فيه تحت وطأة العقوبات الأمريكية. وهذا يعني أن الأسعار في محطات البنزين سترتفع بنسبة 50% على الأقل، بينما يعاني الاقتصاد من الركود ومعدلات تضخم تتجاوز 40%.

كما في لبنان والعراق المجاور في الأسابيع الأخيرة، سرعان ما اتخذت الاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية اتجاها معارضا للنظام الحاكم. وهذه أول مظاهرات احتجاج واسعة النطاق منذ أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العقوبات "الأشد على الإطلاق" على إيران، وتبدو أكثر عنفًا من المظاهرات الكبيرة التي اندلعت في ديسمبر 2017. ومن الواضح أن الطبقات الوسطى والدنيا- التي لا تتماشى مصالحها الاقتصادية والسياسية دائمًا- متحدة أيضًا هذه المرة.

وترى الصحيفة أن الشعور بالظلم وخيبة الأمل في إيران واضح، وكذلك الحال بالنسبة للنظام الإسلامي غير المستقر الذي يواجه أصعب تحدٍ له منذ حرب الثمانينات مع العراق. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لإيران بنسبة 9% هذا العام. وتسببت العقوبات الأمريكية في انخفاض صادرات النفط الإيرانية، التي تمثل شريان الحياة الاقتصادي للدولة، من 2.8 مليون برميل يوميًا في مايو 2018 إلى أقل من 500000 برميل في الوقت الحالي.

وأعلنت إدارة ترامب عن دعمها للمتظاهرين، ومن المؤكد أنها تعتبر هذه الاضطرابات دليل على أن إستراتيجية "الضغط الأقصى" تؤتي أُكلها. غير أن الصحيفة اعتبرت أنه "من السذاجة الاعتقاد بأن النظام يقترب من الانهيار". ففي السنوات الأربعين التي تلت الثورة الإسلامية، أثبت النظام أنه مرن وعملي لأنه واجه تهديدات لا تعد ولا تحصى.

وقدمت طهران حجة اقتصادية لارتفاع أسعار الوقود، قائلة إنها ستوفر 2.55 مليار دولار للمدفوعات النقدية المستهدفة للمحتاجين، وأن أكثر من 70% من سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة من المقرر أن يتلقوا مزايا شهرية بسبب تخفيض الدعم.

ومن المؤكد أن هناك حجة قوية للحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الغنية بالنفط لإصلاح أنظمة الدعم القديمة وغير المستدامة. ففي عام 2016، أنفقت المنطقة 74 مليار دولار على دعم الوقود، وفقًا لصندوق النقد الدولي. وعن طريق خفض فاتورة الدعم، يمكن توجيه المزيد من الأموال نحو الإنفاف على الرعاية الاجتماعية.

ومن القاهرة إلى طهران، يُنظر إلى الحكومات التي تنفذ الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة متأخرا، على أنها أنظمة كليبتوقراطية (تستحوذ على ثروات الشعب) تخدم مصالحها الخاصة على حساب الجماهير. وقد تساعد نفقات الرعاية الاجتماعية في تخفيف حدة الغضب في إيران. أو كما حدث قبل عامين، فإن الاضطرابات قد تتلاشى في النهاية مع عودة السكان المتعبين إلى صراعاتها اليومية. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فمن المحتمل أن يتم القضاء على الاحتجاجات بالقوة. وفي كلتا الحالتين، سيستمر الغضب الشعبي في الاشتعال بشكل خطير مع زيادة التضييق وكبح الحريات في إيران.

وترى الصحيفة أن أكبر تهديد لا يكمن خارج حدود إيران بل بين المواطنين الغاضبين بصورة متزايد. وإذا كان الحكام في طهران يهتمون بشعبهم الذي طالت معاناته، فسيظهرون بعض المرونة لتخفيف التوتر مع الولايات المتحدة. وكلما طال الانتظار، زاد الخطر على النظام.

تعليق عبر الفيس بوك