علَّمني قابوس

فاطمة الحارثي 

كُنَّا صغارا تبهجنا الزينات المعلقة، والأعلام والأناشيد في الكرنفالات الوطنية، على ضفاف شهر نوفمبر المجيد، وكبرنا على ذلك، وما زلنا نمارس أهازيج نوفمبر المجيد ونهلل لمقدمه، وكلنا شوق لرؤية ولي أمرنا وباني نهضتنا خلف شاشات التليفزيون في كل 18 نوفمبر.

ميلاد وطن تسلح بقائد حكيم ومرشد جليل، ليست المنجزات والعمران ما يُسكنه في أنفسنا فقط، بل عُمق حكمته في استدامة كل خير من حولنا، إذ اشرقت به الحياة من خلال إعداد الشباب لتحمل مسؤوليات هذا الوطن العزيز تعليما وتثقيفا وتشريعا؛ إذ أهَّل الكثيرين للإسهام بدور حيوي في بناء المجتمع العماني المعاصر والانفتاح والإقبال على العالم بكل ثقة ورزانه.

كلنا عُمان، كلنا قابوس أيقونة فكر هذا العصر ومرجعا يُثري الحياة على الأرض. نطقه السامي نبراس ألهم القريب والبعيد، الوطن والأوطان، وألهمني: "إن عزائمكم القوية، واندفاعتكم الأصيلة للنهوض ببلادكم.. هي الحافز المحرك لمسيرتنا المباركة".

ألهمني العزيمة وعدم اليأس والاستمرار بالمحاولة حتى نبلغ الأهداف، وأن نيل الأمور الجيدة ليس سهلا ولا بسيطا ولا في متناول اليد، بل نحتاج إلى المثابرة والصبر وبذل الجهد والتضحيات احيانا.

"فلنقف جميعا أمام الله مطيعين مخلصين مجتهدين مساعدين بعضنا البعض ومساعدين حكومتنا لتحقيق أهدافنا".

ألهمني البذل والعطاء دون شرط، وأن خريطة النجاح هي بالإخلاص والإيثار، الكل للفرد والفرد للكل.

"عندما نرجع بالنظر إلى الوراء نرى أن كل التطور الذي حدث في السلطنة هو تطور يجيء حيثما كانت الحاجة لذلك التطور".

ألهمني أنَّ مفتاح الحياة بعدم إضاعة الوقت في الفسيفساء من الأمور، والتفكير الصائب نبراس التطور، فلكل أمر وقته وزمنه المناسب.

"وقامت الحكومة قدر استطاعتها بأداء الواجب للشعب العماني وأنا أتكلم كعماني وليس كرئيس".

ألهمني التواضع والانتماء، وأن العمل أداء، لا طبقية فيه بل مسؤوليات، ولابد من البذل من قبل الجميع ليستقيم الحال.

"هناك أمر مهم يجب على جميع المسؤولين في حكومتنا أن يجعلوه نصب أعينهم، ألا وهو أنهم جميعا خدم لشعب هذا الوطن العزيز".

ألهمني أن المناصب مسؤولية وتكليف، وليست امتيازا أو تفضيلا.. وأن للصغير قبل الكبير حقًّا له وعليه.

"أنا ناديت مرارا بحسن الجوار ومد اليد لمن يريد أن يصادق شرط وجود الاحترام المتبادل"

ألهمني أن لا أكون إمعة، وأن أحافظ على احترامي لذاتي وإنسانيتي، وأن لا أرضى إلا بالاحترام المتبادل في أية علاقة.. العدالة في المعاملة.

"إنَّ رقي هذا البلد العزيز وتقدمه، ونهضته وتطوره، ورفعته وعزته، ورخاءه ونماءه، لهي الغاية العظمي والهدف الأسمى لكل عماني ينبض بالإخلاص قلبه".

ألهمني أنَّ وطنيتي ليست اسم وطن أُنسب إليه، بل عُمق الإخلاص في الأداء والبذل له، ووضع الأهداف السامية وأن أنأى بنفسي عن الشخصنة والتفكير المحدود، أن أنظر وأتعمَّق لأبعد الحدود وأحكم على الأمور بتوازن بعيد عن التعصب بقرارات بعيدة المدى عميقة الأثر، ولابد من تنازل الأطراف إذا اقتضى الأمر من أجل الصالح العام.

"عندما نصل بالتعليم إلى الدرجات العليا، فنحن مطالبون بأن نضيف إلى تلك المعارف معارف جديدة، أن نبحث، نستنبط، أن نفكر، أن نتدبر، وعلينا أيضا أن نصحح معارف من سبقنا؛ لأنه في كثير منها نظريات والنظريات تكون متجددة".

ألهمني البحث الجاد والنهل ما استطعت من علوم، وأن أبلور تلك العلوم لصالح الإنسان. وأن العلم بحر لا ينتهي ويتجدد كالموج.. ألهمني أن أصبح إنسانًا صالحًا مُفكِّرا مجددا، وأن أضع بصمة صالحة على خارطة الإنسانية.

----------------------

رسالة:

التطور ليس بالمقارنة مع الغير أو التنافس، بل بحجم تذليل الصعاب من أجل الجماعة والفرد.. إنَّ المقياس الفعلي لكل تطور هو رُقي الإنسان على رقعة أرض يسكنها، وليس بطول البنيان أو ضخامتها أو حتى وجود أحدث أنظمة التكنولوجيا.. إن الإنسان هو الأساس وهو الملهم وله سخر الله ما على الأرض لخدمته وليس العكس.

اللهم احفظ لنا حكمة ولي أمرنا قابوس وارزقه الصحة والسلام.. لك الولاء.