"واشنطن بوست": ترامب المحاصر يرحب بأردوغان الساخط

مقال بقلم إيشان ثارور محرر بقسم الشؤون الخارجية لصحيفة واشنطن بوست

ترجمة- رنا عبدالحكيم

بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة إلى الولايات المتحدة التقى فيها الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، والأمر بالنسبة لترامب، قد يكون تحولًا مرحب به، فيما تتزامن زيارة أردوغان مع بدء أولى جلسات الاستماع العلنية في تحقيق مجلس النواب الأمريكي في عزل الرئيس.

وتشهد العلاقات الأمريكية التركية أوقاتا عصيبة. فإدارة ترامب والمشرعون في الكونجرس غاضبون من شراء تركيا لنظام صواريخ روسية مضادة للطائرات، وستبرز الخلافات حول هذه الصفقة بشكل كبير في المناقشات التي ستجري هذا الأسبوع. وهناك أيضا الأزمة التي تشكلها التوغلات التركية في شمال شرق سوريا وهو غزو حقيقي سمح به ترامب، لكنه أثار غضب الكثير من مؤسسات السياسة الخارجية والدفاع في واشنطن.

وحث المشرعون الإدارة على إلغاء دعوة ترامب للرئيس التركي. ودعا آخرون لفرض عقوبات أكثر صرامة على تركيا. وتجلى غضبهم الجماعي بصورة واضحة عندما صوت مجلس النواب الشهر الماضي على الاعتراف بمذبحة الأرمن قبل قرن من الزمن إبان حكم الدولة العثمانية، واعتبارها إبادة جماعية. وكان هذا قرارًا رمزيًا تمت عرقلته على مدى عقود بسبب الضغط التركي والولاء الأمريكي لحليف الناتو.

ولدى أردوغان شكاواه الخاصة أيضا. فبحسب ما ورد، أخبر أردوغان المراسلين الأتراك قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة أن تسليم رجل الدين التركي فتح الله غولن- الذي يعيش في ولاية بنسلفانيا وتتهمه السلطات التركية بتدبير محاولة انقلاب عام 2016- سيتصدر جدول أعماله مع ترامب، وأنه سيضغط على الرئيس الأمريكي لإيقاف تحرك وزارة الخزانة الوشيك ضد بنك هالك التركي الحكومي، المتورط في خطة للتهرب من العقوبات لمساعدة إيران التي تخضع للتحقيق من قبل السلطات الأمريكية.

وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض روبرت أوبراين إلى محطة سي بي إس الإخبارية "إذا لم تتخلص تركيا من نظام S-400، فمن المحتمل أن تكون هناك عقوبات"، في إشارة إلى البطاريات الروسية المضادة للطائرات التي اشترتها حكومة أردوغان من موسكو. وأضاف "سوف تشعر تركيا بتأثير تلك العقوبات".

وإلى جانب جعل تركيا تتخلى عن أنظمة S-400، ستسعى إدارة ترامب إلى وقف دائم لإطلاق النار في شمال سوريا؛ حيث تسببت التوغلات التي قامت بها تركيا وأتباعها من السوريين العرب في هروب مئات الآلاف من المدنيين من منازلهم وسط تقارير لا تعد ولا تحصى عن الانتهاكات والإعدام بإجراءات غير عادلة وعمليات نهب الممتلكات. ويبدو أن اللقطات الأخيرة للطائرات العسكرية الأمريكية توثق العديد من الحوادث التي قامت بها القوات المدعومة من تركيا والتي قد تشكل جرائم حرب.

إن الرابطة الرئيسية التي تحافظ على العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا الآن هي "التفوق" بين الزعيمين. ففي خطاب خاص في ميامي الأسبوع الماضي، وفقًا لـ"إن بي سي نيوز"، أشار مستشار الأمن القومي السابق لترامب جون بولتون إلى أن اهتمام ترامب بسياسة تركيا كان مدفوعًا بمصالح شخصية ومالية تتعارض مع حكم مستشاريه للسياسة الخارجية. ونظرت مقالة في صحيفة نيويورك تايمز إلى شبكة المصالح التجارية التي تربط بين صهر ترامب وأبناء أردوغان- أحد كبار مستشاري البيت الأبيض والآخر ووزير المالية التركي- والقناة الخلفية الواضحة التي بنوها بين الرئيسين.

وقال إريك إس إدلمان سفير الولايات المتحدة في تركيا خلال إدارة جورج دبليو بوش، لصحيفة تايمز: "ترامب يتجاهل العلاقات الرسمية بين الأمم في العديد من الحالات ويفضل العلاقات الأسرية أو العلاقات المحسوسة". وأضاف "من المؤكد أن أردوغان يفضل هذا النوع من العلاقات لأنه يدير نظام رأسمالي محبب له. لكن يجب أن تكون مصدر قلق لجميع الأمريكيين".

وفي اتصال هاتفي مع الصحفيين، قال ميرف تاهيروغلو من منظمة "مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط" إن حملة أردوغان المنهجية للقمع الداخلي- والتي شملت في الشهر الماضي عشرات الاعتقالات من الأتراك لمجرد التعبير عن رفضهم للهجوم السوري على وسائل التواصل الاجتماعي- لا يمكن أن تكون منفصلة عن سياساته في الخارج.

إن ترامب، الذي لم يمجد أبداً يوما الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخارج، من المحتمل أن يكون أصمًا تجاه هذه المخاوف. وفي خطاب ألقاه يوم الثلاثاء، تخلص من معارضة زيارة أردوغان، قائلاً إنه سعيد بمقابلة جميع زعماء العالم. "حتى الطغاة منهم؟"، فقد قال الرئيس "لا بأس فليتفضلوا بالدخول".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة