التكنولوجيا المالية "Fintech"

عبيدلي العبيدلي

Fintech ، هي تعبير مختصر، ناتج -كما تعرفه الكثير من المصادر- من "دمج كلمتي التكنولوجيا المالية التي تصف قطاع الخدمات المالية الجديد في القرن الحادي والعشرين". وفي بادئ الأمر كان المصطلح ينطبق على التكنولوجيا المطبقة على المرحلة الأخيرة من المؤسسات المالية الاستهلاكية والتجارية المعترف بها. ومنذ نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، توسع هذا المصطلح ليشمل أي تجديدات تكنولوجية في القطاع المالي، بما في ذلك التجديدات في مجال محو الأمية المالية والتعليم، والخدمات المصرفية للأفراد، والاستثمار، وحتى تشفير العملات مثل البيت كوين.

وتُجمع الكثير من التقارير التي تتناول مسيرة التكنولوجيا المالية، على أنها "في تطور مستمر في جميع أنحاء العالم، وقد وصلت بالفعل إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وفي الواقع، تضاعف عدد الشركات الناشئة التي تقدم الخدمات المالية من 46 شركة إلى 105 شركات ناشئة في الثلاثة أعوام الماضية -نصف هذه الشركات تقدم حلولاً للدفع، بينما ثُلثها يقدم خدمات إقراض وجمع تمويل- حسب التقرير الذي أصدره مختبر ومضة للأبحاث بالتعاون مع بيفورت. ويتوقع التقرير أن يرتفع عدد الشركات إلى 250 شركة بحلول العام 2020".

ويمضي التقرير مؤكدا على انتشار "الشركات الناشئة التي تبنت التكنولوجيا المالية في 12 دولة عربية. وكل 3 شركات من أصل أربع شركات يقع مقرها في الإمارات العربية المتحدة أو لبنان أو الأردن أو مصر. وتعتبر الإمارات من أكثر المراكز نشاطاً، حيث وصل معدل النمو السنوي المركب خلال أربع سنوات إلى حوالي 60%. وتعتبر المدفوعات من أشهر القطاعات حيث تمثل نصف الشركات الناشئة التي تقدم خدمات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

ويرصد التقرير ذاته 4 فرص مواتية، تقف وراء تطور التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذ تبلغ "عملية إقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة نصف المتوسط العالمي، وفي الوقت نفسه ازدياد حجم التجارة مصرفيا الإلكترونية أربعة أضعاف على مدار خمسة أعوام، واهتمام كل عميل من أصل اثنين بالخدمات الرقمية الجديدة".

وتتوقع العديد من مراكز الدراسات التي ترصد تطور حركة التكنولوجيا المالية، وتأثيراتها على الأسواق المالية، أن تمارس تلك التكنولوجيا دورا مهما ومؤثرا في إعادة صياغة طرق وسبل ممارسة المؤسسات المالية لأعمالها؛ انطلاقا من كون تلك التكنولوجيا تتفاعل مع تلك المؤسسات وفق مجموعة من الإجراءات، من بين الأهم فيها:

1- "تعمل التكنولوجيا على زيادة المنافسة في القطاع البنكي؛ حيث يُمكن إنشاء المزيد من نماذج الأعمال؛ وبالتالي زيادة المنافسة من خلال تخفيض الحواجز أمام دخول المنتجات الجديدة للسوق.

2- تحتاج البنوك الآن أكثر من أي وقت مضى إلى مواكبة موجة الرقمنة عن طريق زيادة الاستثمار في الابتكار الرقمي. يمكن على سبيل المثال للبنوك إدراج وسائل للتواصل إضافية تعزز من تجربة المتعامل وتجعلها أكثر سهولة ويسرا مثل "الرسائل النصية" من خلال التطبيقات التابعة لها، وبالتالي تحسين تجربة المتعامل.

3- تُوصي المؤسسات المالية بانتهاج نهج الشراكات مع الشركات الناشئة المُتخصصة في التكنولوجيا المالية أو خبراء التكنولوجيا لتحقيق نتائج أكثر كفاءةً من ناحية التكاليف وزيادة في نمو الإيرادات وتقليل المخاطر.

وكما يبدو، فإنَّ هناك اتجاها متزايدا نحو الاستثمار في استخدام وتطوير نظم التكنولوجيا المالية. هذا ما يتحدث عنه تقرير صدر مؤخرا عن وكالة "إس.آند.بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية"، الذي يؤكد أن "الابتكار التكنولوجي في القطاع المالي بات يشكل توجهاً عالمياً بالنسبة إلى الاقتصادات المتقدمة والنامية على حدٍّ سواء. ونعتقد بأن التكنولوجيا المالية يمكن أن تقلل من ربحية بعض أنشطة البنوك في منطقة الخليج وبأنها ستغير طريقة عمل هذه البنوك مع مرور الوقت. وأنَّ التكنولوجيا المالية يمكن أن تؤثر على قطاع الخدمات المصرفية للأفراد، وتحديداً تحويل الأموال وصرف العملات الأجنبية. وهذا سيدفع بعض البنوك إلى إدخال تغييرات على عملياتها من خلال زيادة الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية، وخفض عدد الفروع، وإعادة هيكلة الموظفين".

ويتحدث التقرير عن توظيف "شركات التكنولوجيا المالية الناشئة التكنولوجيا في قطاع الخدمات المالية مما يحد من تكلفة ووقت تنفيذ المعاملة، فضلاً عن تزويد العملاء بتجربة أفضل في نفس الوقت. وقد ارتفع حجم استثمارات رأس مال المخاطر في التكنولوجيا المالية بشكل كبير عالمياً، وصل إلى 50 مليار دولار أمريكي".

ويتوقع تقرير -صدر مؤخرا عن صندوق النقد الدولي (IMF)- أنه وعلى الرغم من "أن النظام البيئي للتكنولوجيا المالية لا يزال في طور النمو في منطقة... الشرق الأوسط.... فإن اعتماد هذه التكنولوجيا المالية يكتسب زخما كبيرا بين البنوك القائمة وغيرها من الشركات. وتقوم الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان بدور رائد في تعزيز ابتكارات التكنولوجيا المالية، بينما جاءت مشاركة الشركات الدولية العاملة في مجال التكنولوجيا المالية لتعطي دفعة أكبر في هذا الاتجاه. وفي مسح أُجرى مؤخرا شمل 12 بلدا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان (2016(، تتضح زيادة عدد الشركات المبتدئة في مجال التكنولوجيا المالية بمقدار سبعة أضعاف منذ العام 2009".

وتجدر الإشارة إلى أنَّ البحرين من الدول الرائدة على طريق الاستفادة مما باتت توفره التكنولوجيا المالية. هذا ما يؤكده الرئيس التنفيذي لخليج البحرين للتكنولوجيا المالية (فنتك) وعضو مجلس إدارة الشبكة الإقليمية للتكنولوجيا المالية، في حديثه مع مجلة رواد الأعمال العربية، على هامش مؤتمر أمازون ويب سيرفيسز (AWS)؛ حين يقول: "إن البحرين تملك بيئة تجريبية حاضنة للتكنولوجيا المالية. وقد ساعد هذا على استقطاب كثير من رواد الأعمال الذين جاؤوا حتى من سان فرانسيسكو لاختبار منصاتهم فيها إضافة لرواد اعمال محليين واقليميين وآخرين من أوروبا وآسيا، ومؤخراً دخلت شركة امازون وفعاليتها AWS التي تقام للسنة الثانية على التوالي في البحرين والتي أعطت المزيد من التميز للبحرين كوجهة ممتازة لريادة الأعمال".