الرؤية – مريم البادية
جاء تخصيص يوم 17 أكتوبر يوماً للمرأة العمانية من قبل المقام السامي لجلالة السلطان المُعظم للاحتفاء بالمرأة العُمانية كدلالة واضحة على اهتمامه وإيمانه العميق بدور المرأة في البرنامج التنموي الذي شهدته السلطنة منذ فجر النهضة وحتى هذا اليوم.
وترجمة لهذا الاهتمام تبوأت الأديبة العمانية مكانة رفيعة في سماء الأدب والإبداع حيث حققت جوائز عديدة ونالت التكريم داخليًا وخارجياً وتمكنت الأديبات العمانيات من الغوص في أعماق الفنون الأدبية بمختلف أنواعها؛ النثر والشعر، ففي الكتابة النثرية برعت روائيات وقصاصات عمانيات وانتجن أعمالا لفتت انتباه القراء قبل النقاد.
وفي ساحة القريض لمع نجم شاعرات عمانيات استطعن أن يصورن العديد من المشاعر الإنسانية والقضايا العاطفية والوطنية في أبيات من الشعر، ومنهن الشاعرة والناقدة سعيدة خاطر الفارسية وهي من مواليد مدينة صور، حيث حصلت على درجة الدكتوراه في النقد العربي والأدب المقارن من جامعة القاهرة في عام 2002م، وكان أول ديوان شعر صدر لها في عام 1986م بعنوان «مدٌّ في بحر الأعماق» و«ما زلت أمشي على الماء» الذي صدر في عام 2009، وغيرها من الدواوين وكان لها نصيب من الشعر خصصته للأطفال حيث صدر لها ديوانان بعنوان «أنشودتي» و «بهم نقتدي»
وكرمت الفارسية على الصعيد المحلي والعربي حيث تم اختيارها في مهرجان فاس الدولي السابع للإبداع الشعري بالمغرب لتكون عنوان دورته في عام 2017، كما منحت ميدالية العنقاء الذهبية في دورتها الرابعة "2015-2018" وغيرها من الجوائز.
أما الكاتبة عزيزة بنت عبدالله الطائية فحصلت على جائزة «الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية» في هذا العام عن ديوان «خذ بيدي فقد رحل الخريف»، ولها مؤلفات أخرى من بينها ظلال العزلة، وأرض الغياب، والكتابة في مرآة الذات: قراءات في نصوص عمانية معاصرة، الخطاب السردي العماني: الأنواع والخصائص.
وقالت الطائية لـ«الرؤية» بأن المرأة العمانية منذ القدم حققت حضورا بارزا في مجالات الأدب واللغة، من أهازيج عند وداع زوجها، والهدهدات لأبنائها وما هذا المخزون الشعبي إلا إضاءات استنارت بها حفيداتها.
وتضيف الطائية :«تحضرني الشاعرة عائشة الحارثية وغيرها ومع بداية عصر النهضة وبالدعم والتعزيز الذي حظيت به من حكومتنا الرشيدة حققت المرأة العمانية ظهورا دوليا وعالميا في مجالات الأدب بشكل عام وما فوز بنات الأم عمان بهذه الجوائز إلا دليلا على جودة نصوصها واجتهادها. وأن دلّ هذا فإنما يدل على الجذور العميقة لهذا الأدب والمساندة الفاعلة بينها وبين رديفها الرجل»
وأكدت الطائية أن ما قامت به الحكومة من اهتمام بالفنون والثقافة كدار الأوبرا والجمعيات الثقافية والفنية وامتدادها في المحافظات، والنادي الثقافي وفروعه في المحافظات كذلك يدل على اهتمام فاعل، وأخيرًا وزارة الفنون التي يأمل المثقف العماني منها الكثير.
كما لمعت كذلك الكاتبة هدى حمد الجهوري التي صدر لها 3 مؤلفات قصصية وهي «الأشياء ليست في أماكنها» الصادر عام 2009، وحصدت المركز الأول في مسابقة الشارقة للإبداع العربي، وكذلك «التي تعد السلالم» في عام 2014، و«سندريلات مسقط» في عام 2016، وأخيرا رواية «أسامينا» في عام 2018.
وفي هذا الجانب قالت الجهورية لـ«الرؤية» : «لا أظن أن هناك فروقا كبيرة في مجال الأدب بين الرجل والمرأة، فهما يكتبان على حد سواء، ولكن الشيء المميز في الكتابة هو معيار الجودة دائما، وبهذه المناسبة جاء فوز الكاتبة جوخة الحارثية ليقدم نموذجا محفزا لمغامرة الكتابة، فإن التي استطاعت أن تحصد جائزة مهمة جدا عالميا، والتي ربما تأتي في المرتبة الثانية بعد جائزة نوبل لنجيب محفوظ هي امرأة من عمان، وهذا كفيل بأن يعطينا نموذجا مشرفا وجذابا للمرأة الكاتبة في عمان، ولكن هذا لا يمنع أن يكون في الضفة الأخرى ظروف مجتمعية تتعلق بالنظرة الضيقة للأدب.
وأضافت الجهورية: «أرى أن هذه النظرة الضيقة لا تقتصر على المرأة فهي تطال الرجل أيضًا، فالبعض يعتبر الكتابة «ترف زائد» عن الحاجة وينبغي التخلي عنها، ولكن لو علموا أن الكتابة هي مشروع حياة تعادل الأكل والشرب والهواء الذين نتنفسه، وغيرها من الاحتياجات الأخرى التي يحتاجها الإنسان.
وأوضحت أن للكتابة بُعدين للمرأة فالأول يتمثل في انغماسها في انشغالاتها الأسرية، وتفتر حماسة الكتابة أو تشعر بأنَّ لديها الكثير من الأعباء، فيبدو لها التفريط بالكتابة أسهل من العائلة. كما أن البعد الآخر متمثل في أن الرجل أقل تعاوناً في دعم هذا المشروع، فهناك كاتبات أنهين مسيرتهن الأدبية خضوعاً لأحكام المحيط الرافض لتواجد كاتبة فيه، ولكن في الجانب الآخر فهناك الكثير من النماذج الرائعة في عمان ممن استطاعوا أن يتغلبوا على هذه الأبعاد، لتتبلور الكتابة في صيغتها ضمن مشروع حقيقي مستمر، لذا قد نجد مشاريع تبدأ بحماس ثم تنطفئ ولكن بالمقابل هناك مشاريع مستمرة وتناضل من أجل فرصها وخياراتها.