تونس تحتفل بالرئيس الجديد على أمل "استعادة روح الثورة"

تونس - رويترز

لم يقدم قيس سعيد، أستاذ القانون الوافد الجديد من منطقة شعبية على ساحة العمل السياسي في تونس، وعودا بالتشغيل ولا بمكافحة الفقر أثناء حملته الانتخابية.. بل تعهد فقط بتطبيق القانون وكرر شعارات "الشعب يريد". كلمات قليلة كانت كافية لتحقق فوزه في انتخابات الرئاسة وفقا لاستطلاعات الرأي ولتدفع بسرعة بالآلاف من أنصاره للتدفق على شوارع العاصمة مرددين أغاني الثورة ومحتفلين بفوزه وإزاحته لكل المنظومة السياسية الراسخة في البلاد.

ومن المنتظر إعلان النتائج الرسمية خلال ساعات، ومن المحتمل أن يطعن نبيل القروي قطب الإعلام الذي قضى معظم فترة الحملة الانتخابية وراء القضبان في نتيجة الانتخابات إذا أعلنت هزيمته بشكل رسمي. ومباشرة بعد دقائق قليلة من نشر شركتين لسبر الآراء والتوقعات الأولية، تدفق آلاف التونسيين رافعين أعلام تونس على شارع الحبيب بورقيبة وهو نقطة محورية في انتفاضة 2011 التي أنهت حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

وفي آخر ساعات الليل وصل سعيد إلى بيته وسط حي المنهيلة الشعبي أمام حشد منفصل من المؤيدين ومن جيران تجمعوا للاحتفال وقال مخاطبا الصحافيين "ما فعله التونسيون هو ثورة جديدة.. يعجز عن تفسيرها علماء الاجتماع والسياسية".

وسيكون فوز سعيد، إذا أكدته النتائج الرسمية، بمثابة توبيخ حاد للنخبة الحاكمة التي فشلت في وقف تدهور مستويات المعيشة منذ الثورة، أو القضاء على الفساد المتفشي والمحسوبية. ويحظى سعيد بدعم كل من الإسلاميين واليساريين في البلاد على حد سواء. ولم يصرف في حملته إلا مبالغ مالية قليلة أصبحت موضع تندر في تونس حيث يقول التونسيون إن تكلفة حملته لا تتجاوز علبة سجائر وقهوة. ويركز برنامجه على إعادة تشكيل السياسة بدعم الديمقراطية المباشرة.

وقالت ألفة رضوان (53 عاما) التي خرجت مع زوجها وأبنائها تحتفل وهي ترتدي علم تونس "جئت لاحتفل...لم يعدنا بشيء لكنه أعاد إحياء روح الثورة وقيمها فينا. قيم العدالة وتطبيق القانون والتصدي للفساد الذي انتشر في كل البلاد. هذا ليس بسيط، لكن الرئيس لن يكون في فسحة وستكون التحديات أمامه كبيرة. قد يتفاجأ بلوبيات فساد مثل الأخطبوط وبوضع سياسي معقد وبوضع اقتصادي صعب جدا ومطالب اجتماعية لا تتوقف واحتجاجات في مناطق عدة ووضع أمني معقد".

وأظهر استطلاعان منفصلان للرأي نُشرا بعد فترة وجيزة من انتهاء التصويت يوم الأحد فوز سعيد بأكثر من 70 في المئة من أصوات الناخبين وبنسبة إقبال بلغت حوالي 60 في المئة.

وأظهرت الاستطلاعات أنه فاز بأكثر من ثلاثة ملايين ناخب وهو رقم أعلى بكثير من سلفه الرئيس السابق الباجي قائد السبسي صاحب الشخصية الآسرة الذي مات في يوليو الماضي. وحصل سعيد على عدد أصوات يفوق بكثير ما حصل عليه كل البرلمان المنتخب الأسبوع الماضي.

وعلى الرغم من التفويض الكبير والمباشر لرئيس الجمهورية فإنه يحظى بصلاحيات أقل بكثير من رئيس الحكومة. ويشرف رئيس الجمهورية على ملفي الدفاع والخارجية بشكل أساسي.

وأفزرت الانتخابات التشريعية برلمانا يشبه الفسيفاء، يحتل فيه حزب النهضة الفائز 52 مقعدا فقط من إجمالي 217 مقعدا بينما تتوزع بقية المقاعد على عديد الأحزاب والمستقلين.

ويتعين على النهضة تشكيل ائتلاف حكومي في شهرين على أقصى تقدير وإلا سيكلف الرئيس شخصية أخرى بتشكيل حكومة. ولن يكون من السهل على سعيد إدارة الوضع السياسي المعقد إضافة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتفشي الفساد في تونس.

وفي الوقت نفسه، تواجه الحكومة التونسية بطالة تبلغ حوالي 15.3 بالمئة على الصعيد الوطني و30 في المئة في بعض المدن، وتضخما بنسبة 6.8 في المئة، وارتفاع الدين العام وضعف الدينار. وبينما تواجه تونس تزايد المطالب الاجتماعية فإنّها تحت ضغط قوي أيضا من المقرضين الدوليين لخفض الإنفاق وإطلاق إصلاحات غير شعبية.

تعليق عبر الفيس بوك