"بلومبرج": 5 أسباب ترجح انزلاق الاقتصاد العالمي لأول ركود منذ عقد

ترجمة- رنا عبدالحكيم

نشرت وكالة بلومبرج الإخبارية تقريرا موسعا حول احتمالية انزلاق الاقتصاد العالمي إلى أول ركود منذ عام 2009، في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المتقلبة والتوترات التجارية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المعروف باسم "بريكست".

وابتهج المستثمرون بعدما أبرمت الولايات المتحدة اتفاقية تجارية جزئية مع الصين، بالتوازي مع إشارات على أن المملكة المتحدة قد تبرم أيضا اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي حول "بريكست". لكن الجدل حول مدى قرب العالم من الركود الأول منذ عام 2009 قد يعود مجددا إلى المشهد الاقتصادي.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن شهد الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي في واشنطن مناقشات حول مسألة الركود العالمي. ويظهر مؤشر بلومبرج إيكونوميكس أن معدل التوسع في الناتج المحلي العالمي قد تباطأ إلى 2.2% في الربع الثالث، منخفضًا من 4.7% في بداية عام 2018.

وترى رئيسة صندوق النقد الدولي الجديدة كريستالينا جورجيفا، أن هناك "خطرًا كبيرا" وسينتشر التباطؤ، ومن المرجح أن تخفض توقعات النمو العالمي لعام 2019 من 3.2%، وهي الأضعف منذ عام 2009.

وقال توم أورليك كبير الاقتصاديين في بلومبرج إيكونوميكس “هناك حاجة إلى السير في الطريق الصحيح" للعالم لتفادي تباطؤ كبير، وهنا الحجج المؤيدة والمعارضة للركود العالمي في عام 2020.

أسباب القلق

  • الحرب التجارية

أدى الصدام التجاري الذي دام 18 شهرًا بين الرئيس دونالد ترامب والزعيم الصيني شي جين بينغ إلى تعريض النمو العالمي للضغط بالفعل. لكن البلدين أحرزا تقدما كبيرا بعدما وقعت بكين لشراء المزيد من المنتجات الزراعية الأمريكية وعلق البيت الأبيض جولة أخرى من الرسوم، لكن الخلافات الشائكة لا تزال معلقة وتظل بعض التوترات قائمة. وتتركز أهداف الولايات المتحدة في الحرب التجارية على اتهامات للصين بسرقة الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا قسريا والشكاوى المتعلقة بالإعانات الصناعية الصينية. ومن المحتمل أيضا أن يفرض ترامب ضريبة على شركات صناعة السيارات الأوروبية.

  • التصنيع

مما لا شك فيه أن الشركات المصنعة كانت أكبر ضحايا الحرب التجارية، وتقلص النشاط العالمي لمدة خمسة أشهر متتالية. ومما يثير القلق بشكل خاص أن قطاع السيارات يمر بكبوة، وهو صداع لاقتصادات ألمانيا واليابان التي تعاني من ضعف الصادرات الثقيلة. وفي نفس الوقت تقلصت الشركات، وانكمش الاستثمار غير السكني في الولايات المتحدة في الربع الثاني لأول مرة منذ ثلاث سنوات. والسؤال هو ما إذا كان التراجع في المصانع يصيب أيضا قطاع الخدمات، وهو يعني إضافة عنصر آخر إلى الركود؟!

  • الأوضاع الجيوسياسية

وإلى جانب المناوشات بين الولايات المتحدة والصين، لم توقع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد. كما إن الولايات المتحدة على خلاف مع إيران بعد هجوم بطائرة بدون طيار على حقول النفط السعودية واشتعال ناقلة نفط إيرانية وانفجارها بالقرب من ميناء جدة في المملكة العربية السعودية يوم الجمعة، وهي كلها عوامل تنبئ بارتفاع أسعار النفط.

وتحولت الاحتجاجات في العراق إلى عنف، وشنت تركيا هجومًا في سوريا، وقد تؤدي المسيرات في هونج كونج إلى دفع هذا الاقتصاد إلى الركود، كما إن الأرجنتين تواجه أزمة مالية أخرى، كما تواجه الإكوادور وبيرو وفنزويلا مشكلات سياسية. ويمكن أن يدفع التحقيق في قضية ترامب وكذلك الحملة الانتخابية لعام 2020 إلى تعزيز رؤيته المناهضة للعولمة.

  • تقلص دور البنوك المركزية

وقد تكون السياسة النقدية أسهل مما كانت عليه في بداية العام، لكن البنوك المركزية تفتقر إلى الذخيرة وربما تكون في بعض الحالات بطيئة للغاية في التصرف. خفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي بحوالي 500 نقطة أساس في فترات الركود الثلاثة منذ أوائل التسعينيات، لكنه بدأ هذا العام مع توفر نصف هذا المبلغ فقط. ويدير البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان أسعارًا سلبية بالفعل مع وجود شكوك حول مدى التقدم الذي يمكنهما تحقيقه.

  • تردد الحكومات

صندوق النقد الدولي هو من بين أولئك الذين يحثون الحكومات على تخفيف الميزانيات، لكن الدلائل تشير إلى أن السياسة المالية ستكون تفاعلية وليست نشطة. وعلى الرغم من أن بنك مورجان ستانلي يقدر ارتفاع العجز المالي الرئيسي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الكبرى صعودا من 2.4% في العام الماضي، فإنه يرى أنه سيرتفع فقط إلى 3.6% العام المقبل. وتنفق بعض الحكومات أكثر من ذلك، لكن الصين وألمانيا، اللتين لديهما مجالا للتحفيز المالي تراجعتا، ورفعت اليابان ضريبة المبيعات.

لكن على الجانب الآخر، ما هي الأسباب وراء عدم القلق؟

يعرض النموذج الذي أنشأته بلومبرج للاقتصاد خطر حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة في العام المقبل عند 25% فقط، وإذا كان أكبر اقتصاد في العالم يمكنه البقاء مستقيماً، فهذا من شأنه أن يساعد في حل المشاكل في أماكن أخرى. وساهم انخفاض معدل البطالة في بقاء المستهلك الأمريكي ركيزة النمو جزئيا، ولا يزال مؤشر المستهلك العالمي بالقرب من مستوى قياسي.

وبالنسبة إلى دور البنوك المركزية، فقد قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام، وقد يكرر ذلك مرة أخرى خلال أكتوبر الجاري، في حين أن البنك المركزي الأوروبي دفع سعر الفائدة على الودائع لأكثر من الصفر وأعاد إطلاق برنامج شراء السندات. ويدرس بنك اليابان أيضًا بذل المزيد من الجهد. إلى جانب البنوك المركزية في الهند وأستراليا وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا والبرازيل، وجميعهم قلصوا معاييرهم. وقامت الصين بتخفيض مقدار النقد الذي يجب أن تحتفظ به البنوك كاحتياطي إلى أدنى مستوى منذ عام 2007. وأخيرا كان التراجع السابق مدفوعًا بتصحيح التجاوزات مثل تصاعد التضخم في الثمانينيات أو انفجار فقاعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة في بداية هذا القرن أو انهيار الإسكان بعد عقد من الزمان. وهذه المرة، سيكون التضخم ضعيفًا بشكل عام، وفي حين أن أسعار الأسهم مرتفعة، إلا أنها ليست في منطقة الفقاعات. وعلى الرغم من أن أسعار المنازل في كندا ونيوزيلندا مزعجة، فإن الأسر في العديد من الاقتصاديات قد قلصت من تأثيرها.

تعليق عبر الفيس بوك