"جارديان": الوضع السوري "عار دولي".. ولا بد من محاكمة أردوغان أمام "جرائم الحرب"

 

ترجمة- رنا عبدالحكيم

ألقت صحيفة جارديان البريطانية باللوم على بشكل رئيسي على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فيما يحدث في سوريا الآن، وقالت في الوقت نفسه إن أطرافا أخرى تتشارك المسؤولية، بما في ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومقاتلي تنظيم "داعش" الذين زعزعوا أمن المنطقة سابقا، بجانب المجتمع الدولي الذي فشل فشلا ذريعا، على مدى 8 سنوات دامية، في وقف الحرب الأهلية بسوريا.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن القصف المدفعي التركي العشوائي والغارات الجوية على البلدات والقرى في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد على طول الحدود بين سوريا وتركيا تدعو للشعور بالعار. وأوضحت أن ادعاء أردوغان بأن قواته تستهدف من يسميهم "الإرهابيين" فقط ليس سوى كذبة يدحضها العدد المتزايد من القتلى والجرحى المدنيين واجلاء وكالات الإغاثة وإغلاق المستشفيات. وتقول الأمم المتحدة إن حوالي 100000 شخص فروا من شمال سوريا حتى الآن. ومع رفض تركيا الدعوات لوقف الهجوم، فقد يصبح الأمر أسوأ.

ولدى تركيا مخاوف أمنية على الحدود منذ فترة طويلة؛ حيث تعتقد أن الميليشيات الكردية التي تسيطر على شمال شرق سوريا تتفق مع عدوها القديم، حزب العمال الكردستاني المتمركز في تركيا، والذي تعتبره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مثل أنقرة، "منظمة إرهابية". ويقول مسؤولون أمريكيون إن اتفاقا مع الأتراك كان ساريا، ينص على دوريات أمنية مشتركة على الحدود، في إشارة إلى "اتفاق أضنة". لكن هذا لم يكن كافياً لأردوغان، فهو يبحث عن "فوز" سياسي بعد النكسات الانتخابية الأخيرة وحاجته إلى تخفيف ضغط التيار اليميني لإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.

وتلاقت خطط أردوغان في سوريا مع كره ترامب للحروب الخارجية وضجة مساءلة الكونجرس له، ما دفع ترامب إلى إعادة القوات الأمريكية للوطن وتشتيت الانتباه الداخلي. وأثبت أردوغان وترامب- حتى الآن- أنهم قادة استبداديون عديمو الضمير وعلى استعداد دائم للي ذراع الحقيقة، ولذا لا يمكن الوثوق بهما.

وترى الصحيفة أن العنصر المشترك بين أردوغان وترامب أنهما لا يفهمان عواقب أفعالهما، ويبدو أن ترامب قد فوجئ بالفعل بعاصفة النقد، بما في ذلك من جانب الجمهوريين، الذين استقبلوا قراره بسحب القوات الأمريكية بالرفض. وتلقى ترامب انتقادات شديدة لخيانته الحلفاء الأكراد، ومساعدة روسيا وإيران ونظام بشار الأسد. وأثيرت مخاوف من فرار مقاتلي داعش المحتجزين تحت الحراسة الكردية؛ فمصير مقاتلي داعش المحتجزين، البالغ عددهم حوالي 10 آلاف شخص في شمال سوريا والعراق، قضية لم يفكر أردوغان فيها بوضوح بما فيه الكفاية؛ إذ يقول إن تركيا ستضمن عدم فرارهم.

لكن لا يمكن الاعتماد على قواته البرية غير المؤثرة- التي لا تزال تتلقى الهزائم على الحدود- للوفاء بهذه التعهدات. فهناك بالفعل تقارير عن اقتحام سجن يضم مقاتلين لداعش في بلدة تحت القصف التركي وتفجيرين انتحاريين لداعش.

وقالت الصحيفة إن المجتمع الدولي مخطئ، أيضًا، لفشله في تقديم إرهابيي داعش إلى العدالة، في حين أن تركهم وأسرهم ومؤيديهم عالقون في المخيمات الصحراوية إلى أجل غير مسمى، أمر لن ينجح أبدًا. لقد تهربت الدول الغربية، بما في ذلك بريطانيا، من مسؤولياتها في هذا الصدد، خشية أن يتم إطلاق سراح المقاتلين الذين يحملون الجنسية البريطانية أو من دول أوروبية عندما يتم عرضهم على المحاكم المحلية لعدم وجود أدلة مقبولة. ولمعالجة هذه المشكلة، ينبغي عليهم النظر في إنشاء محكمة جنائية دولية لمكافحة الإرهاب تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكما يوحي تاريخ الحرب السورية برمته، للأسف، فإن فرص تحقيق مثل هذا التعاون الدولي في الواقع ليست قائمة. فلم يتمكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي يناقش تحرك تركيا، من الاتفاق على بيان مشترك، ويرجع ذلك جزئيًا إلى العرقلة الروسية المعتادة. ومن المقرر أن يناقش الاتحاد الأوروبي الأمر في قمة هذا الأسبوع، ومن المتوقع أن تخرج القمة بتنديد وشجب فقط.

واختتم الصحيفة افتتاحيتها قائلة إن تشفق على سكان الشمال السوري الذين يتعرضون للقصف وتفجير منازلهم من قبل رئيس تركيا الاستبدادي الذي لا يرحم، لكن يجب، إذا كانت هناك أي عدالة، أن يحال إلى محكمة جرائم الحرب، لكن يبدو أنه لا يوجد من يساعدهم، ولا عجب أن العالم يسقط في هذه الفوضى.

تعليق عبر الفيس بوك