الاحتكار السياسي والإعلامي لنصر أكتوبر

 

محمد عبد العظيم العجمي| مصر

 

كالعادة تمر علينا ذكرى نصر أكتوبر كل عام فيأخذ كل منها بحظه، ويدلي كل منا بدلوه، ولا مشاحة، فمن لم يقدم نفسه ضحى بيتمه، وتكبد الثمن من عمره، وثكله ودمه، بفقد الأب والأخ والعون والسند.

فهذا النصر المبين فتح للعروبة عامةً، ولمصر خاصةً؛ ولكن كل منا يأخذ الذكرى بحظه، فهذا يفخر بفقد أباه وهذا أخاه، وهذا عمه وهذا رحمه،، وثمة فرق كبير بين من حظِي بجوار ربّه، ومن بقي حظه من النصر الذكرى والفخر.

وتبقى طائفة تقتات علي فداء الآخرين، فبعض من الذين على سدة السلطة يتحدثون عنها لنا، ويمنّون علينا بأنهم من صنعوا النصر، أو إنهم امتداد لصُنَّاع هذا النصر وورثته الشرعيون، ولا نرى فضلا لسلطة جاءت بعد أكتوبر بصناعة النصر إلا مَن كانت له يدٌ مشاركة حقًّا فيه، أما الآخرون، فحظهم منه الفخر كما نفخر وربما نكون أكثر منهم حظا وفداءً.

وأما الإعلاميون (المنتفعون والمطبّلون منهم) فما فتئوا يكذبون، ويتحدثون عن النصر وكأنهم من صُنَّاعه ورواده، وليسوا كذلك ولن يكونوا كذلك، فهم آخر الحرب إن أقبلت، وأولها إن أدبرت، {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} (سورة التوبة:57) ثم يعمدون إلى كل مخالف أو معارض سياسيّ، أو ضائق ضيَّقت عليه الحياة أنفاسه مما يلقى من العنت، ولم تحسن الأيام مطالبته فحملته أكثر مما يحتمل، فيصنفونهم، إما بمنكر نصر أكتوبر، أو مقلل من حجمه، أو مستهزئ به.

والحقيقة أن الناس قد ملَّت من هذين الفريقين، فأصبح وقع الذكرى على نفسها باهتا وثقيلا أحيانا، حين يكون حظها من النصر رؤية هذه الوجوه الكالحة الناطقة كذبا ليل نهار، تنوب عنا حتى في الحديث عما قدم آباؤنا وإخواننا وأبناؤنا.. رجاء.. ارفعوا أيديكم وكفوا ألسنتكم، ودعونا نحس أن لنا حظا، أو كسبا، أو تاربخا في هذا الوطن السليب.

تعليق عبر الفيس بوك