جديد مؤمن سمير: "أناشيدُ الغيمة المارقة" و"غذاء السمك"

...
...
...

 

الرؤية خاص | القاهرة

يمر الشاعر المصري مؤمن سمير - المولود عام 1975 والذي ينتمي لجيل التسعينيات في الشعر المصري الجديد – بحالة من التوهج الثقافي حيث صَدَرَ له مؤخراً كتابه الجديد "أناشيد الغيمة المارقة: شعراء الموجة الأحدث في قصيدة النثر المصرية " ضمن إصدارات مجلة (نصوص من خارج اللغة) وشبكة (أطياف) الثقافية للدراسات والترجمة والنشر- بالمغرب ويقوم بتوزيعه في مصر (مركز الحضارة العربية ) للإعلام والنشر والدراسات ..و كان قد صدر له كذلك هذا العام 2019 كتابه "غذاء السمك" وهو الصادر عن الدار الذهبية للنشر و التوزيع في مصر.. يعد الكتاب الأول بمثابة أنطولوجيا شعرية تطمح لتقديم صورة بانورامية لمشهد قصيدة النثر الحالي في مصر وذلك بعد رسوخ تجارب الأجيال الثلاثة الكبرى أو الموجات الشعرية المتتالية في السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي حيث يُعنى الكتاب بمشهد ما بعد هذه التيارات خاصة بعد أن ساهمت وسائل الاتصال في تمدد وظهور تجارب شعرية عديدة وجديدة تحاول أن تثبت تميزها واختلافها عن تجارب الموجات السابقة عليها .ويضم الكتاب بالإضافة إلى مقدمته الضافية والكاشفة نماذج من قصائد ل 148 شاعر وشاعرة مصرية توهجت تجاربهم في الوقت الحالي و انضمت هذه التجارب معاً لتشكل مشهداً لشعرية لها خصوصية وتفرد يميزاها عن باقي الشعريات العربية. الأنطولوجيا، بهذا الطموح،  هي محاولة جادة لسد النقص في رصد التحولات الشعرية المتوالية في المشهد الشعري المعاصر حيث توقفت الأنطولوجيات السابقة عند إنجاز جيل التسعينات في الشعر المصري .يقول سمير في مقدمة الكتاب واصفاً تجارب هذه الموجة الحداثية الأخيرة: ".. ترتبط التجارب الأخيرة في فترة ما بعد هذه الموجات المتميزة ، بالسيولة من حيث إمكان انضمام أسماء وتجارب جديدة كل يومٍ وكل ساعة، و بتفلُّت انتماءاتهم الفنية من التأطير والقولبة في جماعات شعرية أو تحت أي علامة رمزية تكون مؤشراً على تَوَجُّهٍ فني بعينه، وبعدم الحماس إزاء فكرة التراتبية المرتبطة بالمناطق الشعرية المطروقة قبلاً حيث يُلَمِّح ويُصرِّح العديد والعديد من أصحاب هذه التجارب بعدم الاعتداد بفكرتَيْ البناء على المنجز الشعري السابق وكذا مسألة النَسَب الفني لهذه التجارب وهل تعد امتداداً ورافداً لهذه الشعرية أو لتلك من عدمه"..

أما الكتاب الثاني فهو نَص مفتوح يمكن تصنيفه على أنه نص سردي ويمكن كذلك اعتباره تجربة شعرية خاصة تستفيد من رحابة قصيدة النثر.. حيث كتبت المقاطع بشاعرية عالية لكنها أيضاً في الآن ذاته مقاطع سردية تسير ضمن سياق سردي متصل وذلك على الرغم من أن كل مقطع منهم يصلح نصاً منفصلاً ..يمثل هذا السرد أحلام وكوابيس وأفكار ذلك الخائف على الدوام والحذر والشاك بلا انتهاء ودراما اتصاله المنفصل في الحقيقة عن دارما الوجود ليخلق دراماه هو وحياته هو الموازية لهذا العالم والناقضة له على الدوام ..إنه المناهض الدائم لكل يقين يتملكه أو يسري في الهواء ليشربه الناس.. يحمل الكتاب عنفاً ودماءً سواءً كانت حقيقية أو يتخيلها الراوي - إلا إنها تساهم في وضع الإنسان أمام حقيقته الأولى والبدائية كمتوحش أصيل.. فتبدأ الكتابة بالأوراق المقصودة بالقتل وتنتهي بها وبه ومعهما الدم ..تقول إحدى مقاطع الكتاب :" تَكَفَّل السمك بغذائي .. كيف أقترب من الثلاجة الضخمة التي لا يفارق قلبها النور القاسي، و التي تشبه الدب الكبير الغبي، أو من الموقد التنين الذي يرمي لَهَباً.. عندنا حوض لسمك الزينة، آخذ بضع حبات من طعامه وأفركها في الماء فأشبع.. الظاهر أن هذا هو سبب تلك الحراشف التي تظهر في ظَهْري و وَجْهي.. و الأغلب أن الله خلق السمك بلا رموش ولا حواجب وساب عيونه مفتوحةً دائماً من أجل أن يراقبَ السارقين ويدهنهم برائحته ويبعث لعناته..."..

الكتابان يمثلان الرقميْن21-22 في مؤلفات مؤمن سمير .. واستمراراً لحالة التوهج الثقافي التي أشرنا إليها في البداية ،فإنه ينتظر كذلك صدور كتابه " الأصابع البيضاء للجحيم" وهو مقاربات في محبة الشعر ، عن دار "ابن رشد" بالقاهرة.

 

تعليق عبر الفيس بوك