"واشنطن بوست": ترامب يكرر "عن جهل" الخطأ الاستراتيجي في سوريا

ترجمة- رنا عبدالحكيم

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا، تكرار لخطأ استراتيجي ارتكبه ترامب في ديسمبر الماضي عندما أمر بسحب القوات الأمريكية من كامل سوريا، ما ينم عن جهله بالوضع على الأرض في تلك المنطقة المشتعلة بالصراع.

وفي افتتاحيتها أمس، أوضحت واشنطن بوست أن ترامب وبعد مكالمة هاتفية في ديسمبر الماضي، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمر فجأة بسحب القوات الأمريكية من سوريا دون استشارة فريق الأمن القومي أو الكونجرس أو حلفاء الولايات المتحدة. لكن في الأسابيع التي تلت ذلك، تم إقناع ترامب ببطء إلى التراجع عن قراره، حيث تم تحذيره من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى إحياء تنظيم داعش وتقديم مفاجأة استراتيجية لإيران وروسيا، على حساب إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة.

الآن، وبعد مكالمة هاتفية ثانية قبل أيام مع أردوغان أيضا، كرر ترامب خطأه. ومرة أخرى تجاهل مشورة البنتاجون وتجاهل الحلفاء والكونجرس، وأمر القوات الأمريكية بالانسحاب من المنطقة على طول الحدود بين سوريا وتركيا، وبالتالي تسهيل غزو تركي للأراضي السورية. وترى الصحيفة أن الهدف التركي يزعم طرد قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد بدعم أمريكي سخي لقتال تنظيم داعش. لكن في حقيقة الأمر يريد أردوغان التخلص من مئات الآلاف من اللاجئين السوريين المقيمين الآن في تركيا، وإرسالهم إلى قطاع عرضي يبلغ طوله 20 ميلًا، بعد أن يحتله الجيش التركي.

ومن المرجح أن يتسبب ذلك في النتائج ذاتها التي تم تحذير ترامب منها من قبل. فالأكراد يرون خيانة من الولايات المتحدة وإجبارهم على القتال في صراع دموي محتمل مع تركيا، لذلك فمن الممكن أن يقرروا التخلي سريعا عن أي جهد إضافي للسيطرة على تنظيم داعش.

وقد تُجبر القوات الأمريكية في سوريا على الانسحاب بالكامل، الأمر الذي سيكون انتصارًا كبيرًا لروسيا وفتح الطريق أمام إيران لترسيخ قواتها على طول الحدود الشمالية لإسرائيل. وفي هذه الأثناء، سيكون لدى حلفاء الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم سبب وجيه للتشكيك فيما إذا كانوا يجب أن يتعاونوا مع إدارة تتخلى عن شركائها كما حدث مع الأكراد.

وأوضحت الصحيفة أن بيان البيت الأبيض الذي أعُلن فيه قرار ترامب بجانب التغريدات الرئاسية التي أعقبته، عكست جهلًا مذهلاً للوضع على الأرض. فقد ادعى ترامب أن القوات التركية الغازية ستتولى مسؤولية آلاف السجناء من مقاتلي تنظيم داعش. لكن المعسكرات التي تحتجزهم تقع خارج المنطقة التي يعتزم أردوغان الاستيلاء عليها.

وقال بريت ماكغورك المبعوث الأمريكي السابق لدى التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" على تويتر إن الجيش التركي "ليس لديه النية ولا الرغبة ولا القدرة" لتولي هذه المهمة.

وادعى ترامب أنه ينفذ تفويضًا بوقف "الحروب العبثية التي لا تنتهي" في الشرق الأوسط. لكن على عكس المهمات الأمريكية الواسعة النطاق في العراق وأفغانستان، كانت العملية السورية عملية خفيفة، وبتكلفة منخفضة ونجاح مذهل. فمع وجود بضعة آلاف من القوات والقوات الجوية، كانت الولايات المتحدة قادرة على إقامة شراكة مع قوات سوريا الديمقراطية لتدمير مشروع تنظيم داعش لإقامة دولته والسيطرة الفعلية على مساحة كبيرة من شرق سوريا. وقد أعاق ذلك توسع إيران في البلاد ومنح واشنطن ضغطًا حيويًا في أي تسوية محتملة للحرب الأهلية بسوريا. وفي غضون خمس سنوات، قُتل 17 جنديًا أمريكيًا أثناء القتال في العراق وسوريا مجتمعين فقط.

ويزعم ترامب أنه تم القضاء على تنظيم داعش، لكنه لم يفعل. وأشار إلى أن تركيا وروسيا وسوريا والدول الأوروبية ستمنع عودتهم إلى أوطانهم؛ وهؤلاء أيضا لن يفعلوا ذلك. لقد تفاخر ترامب كذلك بأنه "إذا فعلت تركيا أي شيء اعتبرته، بحكمتي العظيمة التي لا تضاهى، خارج حدودها، فسوف أدمر الاقتصاد التركي تمامًا وأمحوه". وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بأنه يجب أن يكون مثل هذا الخطاب المتشدد مبعث قلق حتى لدى أولئك الأمريكيين الذين يدعمون قرار ترامب.

تعليق عبر الفيس بوك