العراق تقاسيم على الرصاص الحي (نص مشترك)

 

عدنان الصائغ وعبد الرزاق الربيعي

 

ـ أغيثونا ...

أغـ.......

ثو ... نا

أغـ.... يـ ...ثـ... و...نا...

...........

تمر الطائراتُ ـ الخيلُ

من أقصى الكهوف على مشارف جرحنا الرمليّ

ينكسر الزجاجُ

فتكنس الصحف الشظايا والسنابك

عن شوارعنا الأنيقة كالسماء الحامضة

وتمرّ ...

نحني القلب

حتى يعبر الشهداء والشعراء

جسر دموعنا

يسّاقطون على مرايا الموج

ينتشرون من أقصى النخيل إلى ....

جزر من الكبريت والصمت المهشم

تحت أظلاف الدخان

اليافطات تشف باللون الحليبي مومياء ظلامهم

أرخى سدول الصمت

والموت المعبأ

ـ يا هواءً من رصاص

يا رصاصاً سال من شق الهواء ...

ويا ...

أغيـ ...ثو ...نا

فنسعى في مناكبها التي ضاقت بنا فرط الفضاءات العريضة

زادنا العشب الطري وما تبقى من فتات الصبر

ملتصقين بالطين الذي آخى طفولتنا وأحزان المدينة، لا مفر سوى الذي سيفرُّ تحت جلودنا من نزفنا، هذا العراء أقل مما في اليدين، نعلّق القمصان والكلمات جنب أصابع الأجداد والأسماء فوق سطوحنا ، بيضاء ينخبها الرصاص .. نخيطها برموشنا لندثر القتلى على الطرقات تنهشها كلاب الليل ..

لا كفن سوى قمصاننا البيضاء

لا خبز سوى أحلامنا البيضاء

نركض في الشوارع

تركض الطلقات ...

تر ...

أغـ ...

يـ ...

ثو ...

نا ...

نراوغ موتنا

وجفاف أقمطة الطفولة

في قناني الماء والجوع المدجن

هكذا الأكياس يابسة الهواء

ولا هواء سوى ...

ظل شحيح الطرف

نبلعه كأزرق ما يكون ...

نسيل من بين الشظايا والأسنة والرغيف الأسمر

المنقوع بالمطر اليتيم ...

إلى كهوف الأبحر الخشبية القيعان

مختبئين في دغل الرصاص

من الرصاص

نسيل في الطرقات

( كم سلنا على صفحات "سقط الزند"

والحلاج ...

كم سرنا على طرقات روما

حين أرزمنا الندى

ليكون طابعه جناح فراشة سكرى

وروما لم تعد .... )

كم من رصاصٍ سوف نمسحه لنرسم

إصبعاً في لوحة الإعلان

كم ....

كم من طريق سوف نهجر

كي نربي الوقت خارج حائط التقويم

من سيلمنا فوق الرصيف

مقسمين على حصى السرفات

أو متوزعين على أقانيم الحروب

وما تساقط خلف نافذة الخريف المر من ورق القنابل

آه مما يفعل الطيران في أحلامنا الزرقاء

مما يفعل القناص في وقت الفراغ

أقول :

ـ ماذا يفعل القناص في وقت السلام ؟

ـ يصفف الأموات

والطلقات

والطرقات

والصرخات

في الشاجور

يبصر في مرايا الزيت وجهاً

كرّزته الحربة البيضاء

في قعر الفراغ

يلمع الموت الجديد

وحيث يبصر نخلة في الروح

ترفع كفها للريح لافتة الزمان المر

يرشقها الرصاص فينحني كي يعبر الجند الغزاة

( ...ولم تعد روما

سوى تابوتها الممتد

فوق نوافذ الليل المدجج بالقنابل

لم تعد ...

إلا على خيل المغول ... )

نزيفه وطن ... جمان ...

سيشحب الوجع المميت على سرير البرد

تلفه كفان ناحلتان من فرط الكآبة ،

ينحني الصمت الوقور على الطريق

مثقباً

مخطوطة الجلد المجفف

عله يدري :

لماذا في السماء

تزفه الطلقات نحو عروسه في الفجر

أغفت أمه

كان الطريق معبدا ً بهلاهل الفرح المشظى

خلف موكب عرسه القزحي ...

لكن (المغول) وراء أسوار المدينة

أخطأوا تقدير حلم الأمهات

فغافلتها صليتان إلى شغاف القلب ...

فامتلأت وسادة حلمها بالدم ...

..........

أغـ.....ثو.....نا

أغيثونا ....

أغـ ... يـ ...ثو ...نا .... !!

الرصاصة في شظايا القلب

خاطت في طراوتها حراشفها

تدحرج جرحه فوق البساط

وثم طائرة تمشط خيط لمع النجم

تقصف ...

في دروب الهاربين من الجسر

ـ أماه ...

لكن الرماح تناوشت لحم النخيل

وكان دمع القلب يسقط كالقنابل

فوق أسيجة المنازل

غير أن مذيعة الأنباء

في " لندن "

تمطق صوتها بالعلك في غنج

تقاطع نشرة الموتى بإعلان عن الكولا

ومسحوق الغسيل.

تعليق عبر الفيس بوك