ريحانة المجتمع

جابر حسين العماني

 

المرأة هي المصدر الأساسي لسعادة البشر بها يكتمل المجتمع ومن خلالها يرقى، وهي المصدر الحقيقي للطاقة الإيجابية لمن حولها، وإذا أردنا التوقف عند وصف هذه الإنسانة العظيمة فإننا سنقف حتماً عاجزين عن وصفها فهي ركيزة المجتمع الذي أنجب وربى وأعطى، فقد كرّمها الله سبحانه وأجلّها واحترمها وجعل لها مكانتها وحقوقها التي تضمن لها العيش الكريم، فأوصى بها أماً وأختاً وزوجة.

لذا ينبغي أن تكرم وتحترم وتحظى بالرعاية والمكانة العالية التي وضعها الله فيها، فرسولنا الكريم(ص) قال: أكرموا النساء فوالله ما أكرمهن إلّا كريم ولا أهانهن إلّا لئيم. فالمرأة هي رفيقة الرجل وشريكته وأقرب الناس إليه وهي الأولى بحسن المعاملة، لذا يتوجب على الرجل أن يتعامل معها بحكمة ولطافة. قال تعالى: (ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)، وقال أيضاً:  (وعاشروهن بالمعروف).

وقد أوصى نبيّنا الكريم (ص) بالنساء فقال:(استوصوا بالنساء خيراً، فإنّهن عوان عندكم، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله). لذا من أهم الواجبات المقدسة على الرجل المحافظة على زوجته فهي عرضه وشرفه وسيرته، وهي البيت الكبير الذي يلجأ إليه على الدوام، ومن أهم حقوقها عليه أن يغار عليها ويحفظها من شرّ شياطين البشر، فلا يجعلها سلعةً ينظر إليها القريب والبعيد، بل يجب عليه أن يجعلها له وحده، فهي كنزه الثمين ودرّته النفيسة والغالية.

على الرجل ألا ينسى أن الإسلام جعل من زوجته النصف الآخر للمجتمع حيث أباح لها المشاركة في بناء المجتمع كمعلمة وطبيبة ومهندسة وغيرها من المهن الاجتماعية التي سمح لها بمزاولتها، فسمح لها بالخروج من بيتها بشرط أن تلتزم بحجابها وعفتها وسدادها .

إن من أهم مظاهر الرجولة والتي أكد عليها الإسلام الحنيف هي غيرة الرجل على أهله، وهذا ما نلمسه من قول الإمام علي عليه السلام :"غيرة المرأة كفر وغيرة الرجل إيمان"، فالغيرة المعتدلة في حدّ ذاتها هي سبب لصيانة العرض وحفظ لشعائر الله وحدوده، كما وأن ابتعاد الرجل عن الغيرة يعني التحلل والتبرج والفجور. ومن المؤسف جداً وفي أيامنا هذه أن ترى المرأة التي كرَّمها الله وأجلّها وقدرّها واحترمها تمشي في الأسواق وهي بكامل زينتها غير مبالية بحجابها وعفتها وسترها، فترى هذه تمازح البائع وتلك قد وضعت الألوان على وجهها، وأخرى ترتدي البنطلون أو العباءة الضيقة لتظهر مفاتنها أمام الجميع، وقد حذّر الرسول عليه الصلاة والسلام مراراً من التبرج والتزين قائلاً: "أيما امرأة تزينت وخرجت حتى ينظر إليها الناس لعنتها ملائكة السماوات والأرض ثم تموت فتدفن في حفرة من النار ثم يُؤمر بها يوم القيامة إلى جهنم وبئس المصير" . وقال تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ  وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ  وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

إن الرجل الذي لايغار على زوجته وابنته وأخته وأمه ويسمح لهن بالخروج بزينتهن بين الناس يسمى ديوثاً وهو لا يدخل إلى الجنة أبداً ولا يشم رائحتها كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه واله وسلم :  "ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مُدْمِن الخمر، والعاق، والديوث الذي يُقِرّ في أهله الخبث ."

واستناداً إلى ما تقدم يجب على المرأة أن تعلم أن الله تعالى شرّع لها الزينة والتبرج بشرط استخدامهما لزوجها، فهو بحاجة ماسة إلى تلك الزوجة المحبة المتجملة التي تستطيع أن تجذبهُ بجمالها وزينتها وأنوثتها، فكما هو معلوم فإن من أهم الأسباب التي تدفع الرجل للتفكير بإقامة علاقات مع نساء أخريات من خلال العلاقات غير الشرعية أو حتى الشرعية كتعدد الزوجات هو عندما لا تلبي الزوجة رغبات زوجها ولا تهتم به، بل يصبح جلّ اهتمامها منصباً فقط على إبراز جمالها وزينتها خارج بيتها وتحديداً في مكان عملها وفي الأسواق وأثناء زيارة الأهل والأقارب، الأمر الذي يدفع زوجها للنفور حتماً منها والالتفات إلى غيرها.

إنَّ أهم ما يُميز المرأة هو حياؤها وخجلها قال تعالى:(فجاءته إحداهما تمشي على استحياء)، فعندما تخرج المرأة من بيتها رافعة صوتها صابغة أظافرها ملونة وجهها متزينة لغير زوجها فهي تفقد بذلك الحياء العظيم الذي وهبه الله لها، فهناك تجاذب فطري بين المرأة والرجل، وإثارته قد تكون لها آثار سلبية عليهما إن لم ينظم بالشكل المطلوب الذي أراده الله تعالى، فالنظرة مثيرة، والحركة مثيرة، والضحكة مثيرة، وطريق الأمان في كل ذلك هو التخفيف من تلك الإثارات فهذا هو وحده الطريق المستقيم الذي أراده الله أن يتحقق في حياة الرجل والمرأة بغرض تنظيم المجتمع وإبعاده عن الانحرافات الشيطانية وعن الوقوع في المهالك التي لا تحمد عقباها والتي من شأنها أن تجعل من المجتمع مجتمعاً لايعرف إلّا الفساد وتبعاته وهذا سيُؤدي في نهاية المطاف إلى الابتعاد عن روح الإسلام الحنيف والاقتراب من شباك الشيطان الرجيم .

وفي الختام علينا أن نعي ونُدرك أنَّ الله تعالى عندما شرع الحجاب للمرأة شرعه لحفظها وصونها وحمايتها لكي لا تكون مسرحاً لأعين الناظرين الذين لا يراعون الحرمات.