مناقشات ملتقى صلالة للمسؤولية الاجتماعية تُبرز الأبعاد التنموية للاستثمار الاجتماعي وآليات استدامة الأداء

◄ البوسعيدي: الاستدامة والحوكمة شرطان أساسيان لنجاح مشاريع المسؤولية الاجتماعية

◄ المسن: "العمانية للغاز المسال" نجحت في إرجاع 75 ألف سلحفاء إلى رأس الحد

◄ البلوشي: "جسور" نموذج للشراكة المجتمعية بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني

◄ الرفاعي: الشراكة المجتمعية أساس المسؤولية الاجتماعية

◄ المعشني: ميناء صلالة يسعى لتلبية احتياجات المجتمع وفق الضوابط والمعايير

 

 

الرؤية - وليد الخفيف- مريم البادية

تصوير/ راشد الكندي

 

ناقش المحوران الأول والثاني من ملتقى صلالة للمسؤولية الاجتماعية، الأبعاد التنموية لبرامج المسؤولية الاجتماعية في السلطنة، علاوة على استعراض الأولويات الاجتماعية واستدامة الأداء في مشاريع المسؤولية الاجتماعية.

وأدار الجلسة النقاشية للمحور الأول الإعلامي عوض بن على صعر وشارك فيها كلٌ من السيد حامد بن سلطان البوسعيدي المدير التنفيذي لمركز عمان للحوكمة والاستدامة، وخالد بن عبدالله المسن الرئيس التنفيذي للمؤسسة التنموية للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، وكذلك الدكتور حامد بن عبدلله البلوشي مستشار الرئيس التنفيذي لشركة فالي عمان، والدكتورة عروب السيد يوسف الرفاعي دكتورة المسؤولية الاجتماعية للشركات بدولة الكويت، وأخيرا الدكتور محمد محمد فودة رئيس قسم العلوم الاجتماعية بكلية الآداب والعلوم التطبيقية بجامعة ظفار.

واستهل البوسعيدي الجلسة بتوضيح مفهوم المسؤولية المجتمعية، وعرفها بأنها مسؤولية كل مؤسسة في السلطنة لمعرفة تأثير أنشطتها على البيئة والمجتمع، من خلال ممارسات أخلاقية شفافة والمساهمة في التنمية المستدامة، بما في ذلك صحة ورفاهية المجتمع، مع الأخذ بتوقعات أصحاب الشأن في عين الاعتبار، والامتثال للقوانين المعمول بها في السلطنة بما يتفق مع المعايير الدولية. وأشار البوسعيدي إلى مفهوم الاستدامة المتمثل في تحقيق استمرارية المؤسسات ونفع المجتمع والبيئة من خلال 3 ركائز؛ وهي الركيزة الاقتصادية والمجتمعية والبيئية، موضحاً أنَّ هذه الاستدامة تتحقق عندما تدرك المؤسسات نطاق أثر أنشطتها عبر تلك الركائز الثلاثة، وتعمل على تعزيز الآثار الإيجابية والتقليل من الآثار السلبية، من خلال تطوير مشاريع الاستدامة الخاصة بها، إضافة إلى وضع أنظمة وأطر داخلية تعكس حوكمة المؤسسات وحقوق العاملين فيها وخدماتها. وأكد البوسعيدي أن الاستدامة والحوكمة أمران متلازمان.

وتحدث خالد المسن عن تبني الشركة العمانية للغاز المسال لمفهوم المسؤولية الاجتماعية وقال إنَّ الشركة تؤمن بالعمل المجتمعي ودعم جهود المسؤولية المجتمعية، من خلال العمل مع الحكومة لإنشاء مشاريع تنموية، مستشهدا ببعض المشروعات منها مستشفى صور المرجعي، والمركز الوطني للتوحد، ومحطة السلامة المرورية. وذكر المسن أن الشركة تهدف إلى إنشاء مشاريع تدعم جهود حماية البيئة، مشيرا إلى أن من أبرز المشاريع التي تبنتها الشركة: حماية السلاحف في محمية رأس الحد بالتعاون مع أهالي الولاية؛ حيث استطاعت الشركة مع الجهود الأهلية إرجاع 75 ألف سلحفاء إلى المحمية خلال هذا العام.

وحول توجه الشركات لإقامة مشاريع مسؤولية اجتماعية، قال الدكتور حامد البلوشي إن مؤسسة جسور نموذج عملي للشراكة المجتمعية بين الأطراف الثلاثة وهي القطاع الحكومي والقطاع الخاص وكذلك مؤسسات المجتمع المدني. وأضاف البلوشي أن هذه الشراكة تبرز من جهة الحكومة حيث إن من يرأس مجلس إدارة جسور هو محافظ شمال الباطنة، إلى جانب اثنين من أعضاء المجتمع المحلي من المؤثرين في مجلس إدارة الشركة، أما عن تواجد القطاع الخاص فيتمثل في وجود 3 شركات كبرى رئيسية في منطقة ميناء صحار وهي الممولة والداعمة لهذه المؤسسة.

وسلط الدكتور محمد فودة الضوء على مفهوم المسؤولية الاجتماعية في مجال التعليم، وقال إن هناك تخصص دقيق يسمى "العمل الاجتماعي"، وهناك برامج في السلطنة للعمل الاجتماعي، حيث يوجد هذا التخصص في جامعة السلطان قابوس وكذلك في جامعة ظفار، ويطرح درجة الدبلوم والبكالوريوس، كما أن هذا البرنامج يقدم أيضا درجة الماجستير ويُدرس باللغتين العربية والإنجليزية. واقترح فودة أن تتبنى الشركات خريجي هذا التخصص للعمل في مجال المسؤولية الاجتماعية لديها؛ حيث يمتلكون المهارات التي تؤهلهم لشغل هذا المنصب في مختلف الشركات التي يتواجد بها هذا القسم.

ومن جهتها، تحدثت الدكتورة عروب الرفاعي عن أهمية الشراكة المجتمعية في تبني مفهوم المسؤولية الاجتماعية، وقالت إن التاجر سابقاً كان أغنى من الدولة في الكويت، لكن بعد تأسيس الدولة في صورتها الحديثة ظنت الدولة أنها قادرة على العمل بدونهم، ولكن في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم تنبهت الدول إلى ضرورة إشراكهم في عملية التنمية، مشيرة إلى أن القضية ليست أموالا فقط، بل إنها منظومة متكاملة تتضافر أطرافها لبناء المجتمع وإشراك هذه الأطراف في العملية التنموية.

واختتمت الجلسة بفتح المجال لأسئلة الحضور، حيث رد السيد حامد البوسعيدي على سؤال حول تحديات المسؤولية الاجتماعية، وقال إن أبرز هذه التحديات مسألة "من يحدد الأولويات والمشاكل المجتمعية". فيما أبرز خالد المسن بعضا من المشاريع المجتمعية التي نفذتها الشركة العمانية للغاز المسال في ظفار؛ حيث نفذت العديد من المشاريع من بينها إنشاء قسم غسيل الكلى في مستشفى السلطان قابوس في صلالة قبل 15 عامًا، والآن يجري العمل على إنشاء قسم جديد لغسيل الكلى، فضلا عن توفير الشركة لمظلات مدرسية في نحو 70% من مدارس السلطنة، بجانب إنشاء مركز الروبوت في منطقة السعادة بولاية صلالة، لافتا إلى أن قائمة المشاريع التنموية التي تتبناها الشركة في المحافظة تطول.

الجلسة النقاشية الثانية

وتحت عنوان "الأولويات الاجتماعية واستدامة الأداء"، انطلقت الحلقة النقاشية الثانية التي أدارها الباحث هيثم بن محمد الجعدي، وشارك فيها الدكتور مسلم بن أحمد تبوك خبير الشؤون الزراعية بالمديرية العامة للزراعة والثروة السمكية بمحافظة ظفار، وخميس بن زاهر الفهدي مدير عام المديرية العامة للتنمية الاجتماعية بمحافظة ظفار، ومحمد بن عوفيت المعشني مدير عام شؤون الشركة بميناء صلالة، وأمل بنت محمد العمري نائب رئيس فريق الأيادي البيضاء. وتطرقت النقاشات إلى عدة موضوعات؛ أبرزها: آليات تطبيق العمل الاجتماعي الناجح وسبل تعزيز الشراكة والمسؤولية الاجتماعية لتحقيق التكافل المجتمعي، إلى جانب تسليط الضوء على مشاركات لبعض الشركات، واستعراض حجم التعاون المجتمعي في مواجهة بعض التحديات مثل الأعاصير ومساعدة بعض الحالات المستحقة.

وأبرز محمد بن عوفيت المعشني مدير عام الشركة بميناء صلالة الجهود التي يقوم بها الميناء في مجال المسؤولية الاجتماعية ومساهماته وفق الضوابط والمعايير المحددة، وسبل التعاطي مع الطلبات الواردة للشركة سواء من مؤسسات المجتمع المدني أو الأفراد. وأشار المعشني إلى أن ميناء صلالة يولى اهتماما كبيرا للمشروعات التي تلامس احتياجات المجتمع وتحقق الاستدامة لأكبر شريحة ممكنة، لافتاً إلى أن ميناء صلالة يخصص بندين رئيسيين في ميزانيته السنوية؛ الأول لملف المسؤولية الاجتماعية، والثاني يختص بالرعايات والدعم. وأكد المعشني الشراكة الناجحة بين ميناء صلالة ومهرجان صلالة السياحي على سبيل المثال، معتبرا أن للأخير أهدافا ثقافية ومجتمعية واقتصادية مهمة، ولذلك يدرجه الميناء ضمن المشروعات التي يحرص على استدامة الشراكة معها. ولفت المعشني إلى دور مؤسسات المجتمع المدني وبعض الهيئات ذات الصلة لتحقيق الهدف في المجتمع؛ مثل الهيئة العمانية للأعمال الخيرية، مؤكداً أنَّ الشراكة مستمرة معهم منذ سنوات.

وأكد الدكتور مسلم بن أحمد تبوك خبير الشؤون الزراعية بالمديرية العامة للزراعة والثروة السمكية بمحافظة ظفار أهمية تحقيق استدامة التنوع البيئي في السلطنة عامة وفي محافظة ظفار بشكل خاص، واصفًا المسوؤلية الاجتماعية بأنها التزام ثقافي واجتماعي ومالي تجاه مشروع بعينه. وأثنى تبوك على تلاحم المجتمع في محافظة ظفار لمواجهة بعض التحديات الطارئة مثل إعصار "لبان" الذي مرَّ بمحافظة ظفار وكيف ساهمت المسؤولية الاجتماعية للأفراد والمؤسسات في تجاوز تلك الأنواء المناخية، مشيدا بالتكافل المجتمعي ودوره في مساعدة الحكومة لمواجهة التحديات. وتطرق تبوك إلى ميزة التنوع البيئي في ظفار، ودور الفرد والمجتمع والمؤسسات في المحافظة على هذا التنوع، مشيرا إلى أن الجهود الكبيرة المبذولة لتحقيق الهدف، ومنها المساعي الرامية إلى في استزراع بعض النباتات المهددة بالانقراض والعمل على استعادة التوازن البيئي.

وقال خميس الفهدي مدير عام التنمية الاجتماعية بمحافظة ظفار إن دور وزارة التنمية الاجتماعية يتخطى تقديم الدعم المالي في صورة رواتب شهرية للمستحقين، ليسهم بدلا من ذلك في القيام بدور فاعل في التدريب والتوظيف والتأهيل من أجل تحقيق الاستدامة. وأضاف أن وزارة التنمية الاجتماعية وزارة خدمية في المقام الأول وهي من أكثر المؤسسات استفادة من مشروعات المسؤولية الاجتماعية. وأشاد الفهدي بدور المتطوعين والمتطوعات في إنجاز الأعمال الإنسانية. وتطرق الفهدي إلى قانون العمل التطوعي وآليات تنظيم العمل التطوعي، والعلاقة بين الوزارة والقطاع الخاص، ومسألة الشراكة مع مؤسسات العمل المدني والأفراد بما يساعد على تقديم خدمات مستدامة لأكبر شريحة ممكنة وفق المعايير والآليات المعمول بها.

وأبرزت أمل بنت محمد العمرية نائب رئيس فريق الأيادي البيضاء تجربتها الناجحة مع العمل الخيري، وقالت إن الفريق يضم أكثر من 2400 متطوع ومتطوعة، وأن أغلب نفقات الفريق تأتي من التبرعات المجتمعية بفضل التكافل المجتمعي الواضح بين العمانيين. وأشادت العمرية بجهود وزارة التنمية الاجتماعية والهيئة العمانية للأعمال الخيرية والمؤسسات ذات الصلة في دعم أنشطة الفريق، مؤكدة أن جهود الفريق تتخطى حد تقديم الخدمات، آملةً في تحقيق الاستدامة المرتكزة على استثمار عائدات مشاريع المسؤولية الاجتماعية.

تعليق عبر الفيس بوك