"جارديان": بوريس جونسون المُستبد يبث سمومًا في الديمقراطية البريطانية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

انتقدت صحيفة جارديان البريطانية أداء رئيس الوزراء بوريس جونسون وقالت إن جونسون ذكر في أول خطاب له بعد تولي السلطة أن وظيفة رئيس الوزراء هي التحدث نيابة عن الأمة، لكن الصحيفة أوضحت أن جونسون تراجع عن ذلك وحنث بتعهداته للشعب البريطاني.

وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها إن جونسون لا يمكنه أن يحكم الأغلبية في البرلمان، حيث ثبت أنه تصرف بشكل غير قانوني وأكد ذلك قرار المحكمة العليا الأخير بعدم قانونية تعليق عمل البرلمان. ومع ذلك، يواصل جونسون تقويض المؤسسات التي تعتمد عليها ديمقراطيتنا الليبرالية من خلال التهديد بالالتفاف على القانون، كل ذلك في خدمة القدرة على الإجبار من خلال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق والذي يفتقر إلى أي تفويض أو دعم شعبي.

وفي الأسبوع الماضي، بلغ الخطاب الحكومي اليميني ذروته، وحذر وزراء من وقوع أعمال شغب، وحتى عمليات قتل، إذا لم تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وفي مجلس العموم، سعى جونسون إلى تسييس عملية اغتيال النائب البرلماني جو كوكس على يد إرهابي يميني متطرف.

وهدد جونسون بوقوع اضطرابات مدنية إذا لم تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما وضع نفسه في مواجهة مع البرلمان وتصرف كما لو كان فوق القانون، ووصفت الصحيفة جونسون بـ"المستبد". لكنها أكدت أن بريطانيا ليست دولة استبدادية، فقد أعادت المحكمة العليا تأكيد المبدأ الدستوري الأساسي للديمقراطية الليبرالية البريطانية في حكمها التاريخي: "الحكومة موجودة لأنها تحظى بثقة مجلس العموم. وليس لديها شرعية ديمقراطية بخلاف ذلك". ويمتلك النواب القدرة على منع جونسون من تنفيذ خروج بريطانيا غير القانوني دون اتفاق. وترى الصحيفة أنه مع ظهور أي فرصة، حتى لو ضئيلة، للوصول لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي وتنفيذه بحلول 31 أكتوبر، يجب على الجميع استغلالها.

كان الأسبوع الماضي هو الأكثر وحدة في السياسة البريطانية في الذاكرة الحية، حيث تم الاتفاق بالإجماع من قبل 11 من قضاة المحكمة العليا على أن رئيس الوزراء تصرف بشكل غير قانوني في تعليق عمل البرلمان في أزمة سياسية هدف من ورائها إلى إحباط محاولات النواب لمحاسبة الحكومة. ولا يمكن أن يكون هناك تذكير أوضح بأنه لا يوجد أحد، ولا حتى رئيس الوزراء، فوق القوانين التي أقرها المشرعون المنتخبون في البرلمان البريطاني.

لكن عندما ذهب جونسون للرد على البرلمان بسبب تصرفاته، لم يبدِ غضباً. وبدلاً من ذلك، أعلن مرارًا وتكرارًا أن حكم المحكمة العليا كان "خاطئًا"، وهو وصف يقوض حكم القانون ذاته الذي يمثل حجر الزاوية في ديمقراطيتنا الليبرالية، على حد تعبير الجارديان.

واحتشد حلفاء رئيس الوزراء من حوله بغض النظر عن أي شيء. وقال جيفري كوكس المدعي العام، للنواب "هذا البرلمان هو برلمان ميت". وتحدث دومينيك كامينجز كبير مستشاري رئيس الوزراء عن مدى استمتاع أولئك الموجودين في الحكومة بما يجري. وكل هذا يضيف إلى الحكومة التي تتمثل استراتيجيتها في إثارة الانقسام في النظام والمعارضة من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقد جاء ذلك ببساطة لتعزيز فرص جونسون الانتخابية على المدى القصير.

 وقالت جارديان إن من الواضح أنه لا مقدسات لدى حزب المحافظين؛ إذ لا يهمهم الرفاهية الاقتصادية للأمة ولا مستقبل الاتحاد ولا حتى المؤسسات التي تحمي ديمقراطيتنا الليبرالية.

وتساءلت الصحيفة عما هي الإشارة التي يرسلها جونسون إلى أولئك الذين يرون أن النواب يحاولون منع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بوصفهم بأنهم "خونة"، وكذلك عندما يتهم رئيس الوزراء البرلمان بالاستسلام والخيانة؟ وما هي الرسالة المشفرة التي يتم تلقيها عندما يحذر وزراء لم تكشف عن أسماءهم، من اندلاع أعمال عنف حال عدم الخروج، وذلك بدلاً من إدانة العنف بطبيعة الحال، لماذا يسعون لإضفاء الشرعية على العنف المحتمل؟!

وقالت جارديان إن جونسون تعرض خلال الأيام الأخيرة لاتهامات خطيرة حول علاقته مع سيدة أعمال أمريكية عندما كان عمدة لندن، وتمت إحالة جونسون رسميًا للتحقيق الرسمي بتهمة تضارب المصالح.

وترى الصحيفة أنه يجب منح جونسون فرصته للتوصل إلى اتفاق في مجلس الاتحاد الأوروبي في 17 أكتوبر. وفي السيناريو غير المحتمل بالوصول إلى اتفاق، يجب أن يوافق النواب على دعمه فقط بشرط تقديم هذا السيناريو إلى البلاد في استفتاء مؤكد. لكن إذا فشل، يجب على نواب المعارضة إجراء تصويت بحجب الثقة والاتفاق على رئيس وزراء بديل تكون مهمته الأولى هي طلب التمديد من بروكسل.

وماذا بعد؟ تتسائل جارديان، وتقول إن البديل هو الانتقال مباشرة إلى انتخابات عامة لحل الجمود السياسي. ولكن هناك العديد من الأسباب التي تدعو للقلق بشأن الانتخابات التي ستكون بمثابة شبه استفتاء. فلا يزال موقف حزب العمال من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي غامضًا بعد مؤتمره السابق.

واختتمت الصحيفة افتتاحيتها لتؤكد أنه بدون الأغلبية البرلمانية، لا يتمتع رئيس الوزراء بأي تفويض للحكم، وهو يدرك ذلك جيدا، ويعتقد أن تقويض الثقة بمؤسساتنا الديمقراطية وإجبارها على الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا مقابل ضد رغبات البرلمان، هو ثمن مقبول أن يدفعه إذا كان بإمكانه تحقيق أغلبية في الانتخابات العامة المحتملة، لكن البرلمان لا يزال يتمتع بالسيادة، وللنواب سلطة منعه، ويجب أن يتصرفوا قبل فوات الأوان.

تعليق عبر الفيس بوك