قصة قصيرة جدا:

الخفَّاش

د. موسى رحوم عبَّاس | الرياض       

    الإمساك بالقلم بصورة صحيحة من المشكلات التي واجهتني مبكرا، عانيت من تعنيف مدرسي بالمراحل الأولى من تعليمي، يدي الضعيفة لم تقو على ذلك، استفز ذلك مدرسي ، اندفع هائجا نحوي وضغط بالقلم باطن كفي حتى نفر منه الدم، وهو يقول هكذا افعل إذا أردت أن تعيش من قلمك، افعل مثل هذا، وأشار إلى الولد الذي يجاورني في المقعد، جاسم العلي أو(جسُّومة) كما تناديه أمُّه، أما نحن فكنا نلقبه بالخفَّاش، استحق هذا اللقب لضخامة أذنيه واتساعهما!

الدم والحبروالقلم متلازمة لم تفارقني، وبقي خطي رديئا كما هو، لدرجة أنَّ المحقق كان يطلب مني قراءة مسوَّدة كتابي بنفسي، ويبصق نحوي في كلِّ مرة لا يستطيع فكَّ الحروف المتعانقة فيه، وكلما تمعَّنت في سطوره رأيتُ وجه ذلك المدرِّس والدم يقطر من الفواصل وحروف الجر والشرط، أردت أن أخبر مدرسي وهو في قبره أنَّني مازلت فاشلا في الإمساك بالقلم، وأن جسُّومة أو الخفاش مازال بارعا وتقاريره المتقنة الخط ما تزال موضع ثقة من أصحاب المكاتب ذات الستائر المنسدلة باستمرار كي تمنع الشمس عنهم، أو عن الخفافيش القادمين من كل الجهات.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك