"فايننشل تايمز": "حلفاء الأمس" يهددون حكم أردوغان.. و"العدالة والتنمية" على وشك الانهيار

...
...
...

ترجمة- رنا عبد الحكيم

قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن الحلفاء القدامى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان باتوا يهددون استمراريته في الحكم، بعدما كسر أحمد داود أوغلو حاجز الصمت الذي وعد به في مايو 2016، وتحول إلى ناقد صريح لحكومة، واستقال أوغلو قبل أسابيع من حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد تهديده بالطرد من قبل المجموعة التي ترأسها ذات يوم.

وداود أوغلو البالغ من العمر 60 عاماً، هو واحد من عدة وزراء سابقين تركوا الحزب في الأشهر الأخيرة، ويقود أحد الفصيلين الذين يخططون لتشكيل حركاتهم الخاصة لتحدي أردوغان. فيما يقود الفصيل الثاني علي باباجان وزير الاقتصاد السابق ونائب رئيس الوزراء، والذي يحظى بدعم من حليف آخر لأردوغان هو الرئيس السابق عبد الله جول. ومن المتوقع أن يطلق هؤلاء السياسيين المخضرمين أحزاب جديدة رسميًا قبل نهاية العام.

وتقول شخصيات بارزة في كلا المعسكرين إنهم مدفوعون بالقلق المتزايد إزاء ما يرونه تكتيكات أردوغان القمعية المتزايدة تجاه المعارضين، وخطابه الشعبوي العنيف، وسوء الإدارة الاقتصادية، وانتهاك القانون، وعدم رغبته الظاهرة في الاستماع إلى من يحثونه على تغيير المسار.

وترى الصحيفة أن الانشقاق من شأنه أن يكسر على نحو غير مسبوق صفوف حزب العدالة والتنمية، وسيحدث ضررا محتملا على هيمنة أردوغان على المشهد السياسي منذ 17 عامًا.

ومن المحتمل أن تتغير مجريات السياسة في بلد يمكن فيه تقسيم أصوات الناخبين إلى كتلتين متساويتين تقريبًا من المؤيدين لأردوغان والمعارضين له.

ويقول إبراهيم أوسلو خبير استطلاعات الرأي التركي: "كل صوت يمكنهم جمعه يمكن أن يغير في ميزان القوى". لهذا السبب، فإن هذه الأحزاب الجديدة هي الأكثر ديناميكية في السياسة التركية.

وبدأ السخط في القيادات العليا للحزب الحاكم. ويقول وزراء سابقون إن هناك علامات منذ عقد من الزمن على أن أردوغان وكان رئيسا الوزراء آنذاك، لم يكن مستعدًا للاستماع إليهم وكان يرفض الانتقادات الموجهة إليه. وقالوا إن هذا الاتجاه يتعاظم، بعدما واجه أردوغان سلسلة من التحديات التي تهدد حكمه، بما في ذلك الاحتجاجات الجماهيرية التي اجتاحت البلاد في عام 2013، وتحقيقات الفساد في وقت لاحق من ذلك العام ومحاولة الانقلاب في يوليو 2016.

وبلغت سيطرة الرئيس على مقاليد الدولة التركية ذروتها في عام 2018، عندما عدل الدستور ومنح نفسه سلطات غير مسبوقة وألغى الدور الفعلي لرئيس الوزراء، وركز السلطة في قبضته. وعكست هيمنته على حزب العدالة والتنمية مدى سيطرته على مفاصل الدولة.

ويقول أحد الوزراء السابقين ولا يزال عضواً في حزب العدالة والتنمية: "لقد فقد الحزب ضوابطه وتوازناته الداخلية". وأضاف "الآن أصبح مجرد رجل واحد".

وكانت الهزيمة المؤلمة لحزب أردوغان في الانتخابات المحلية هي التي دفعت أخيرًا الكثيرين إلى التحرك، بعد سنوات من التذمر وراء الكواليس. فلأول مرة منذ الوصول إلى السلطة في 2002، فقدَ حزب العدالة والتنمية سيطرته على أكبر وأهم مدن البلاد في انتخابات مارس الماضي؛ حيث عاقبه الناخبون بسبب الانكماش الاقتصادي المميت الذي أعقب أزمة انهيار الليرة في العام الماضي، وبدأت الاتفاقيات بين أحزاب المعارضة تؤتي ثمارها.

وفي إسطنبول، جاء قرار فرض إعادة الانتخابات البلدية التي فازت بها المعارضة بنتائج عكسية، حيث ألحق الناخبون هزيمة ثانية مدوية بحزب العدالة والتنمية.

ويرى المحللون أن باباجان، الذي ترك الحكومة في عام 2015، هو المرشح الذي يتمتع بفرصة أفضل للنجاح. فقد تسببب انخفاض الليرة 30% مقابل الدولار العام الماضي، في أن تئن العديد من الأسر من ارتفاع التضخم والبطالة، وتزامن ذلك مع دخول البلاد أول ركود لها منذ عقد.

وينظر البعض إلى الجهود الرامية إلى إنعاش النمو من خلال زيادة الائتمان كإشارة إلى أن أردوغان قد يدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة، لكن يعتقد العديد من الاقتصاديين أن الرئيس التركي سوف يكافح لإعادة تحقيق النمو سريع الخطى الذي دعم الانتصارات الانتخابية السابقة لحزب العدالة والتنمية.

ويقول أونور إريم مستشار حزب العدالة والتنمية السابق الذي يحتفظ بعلاقات وثيقة مع قيادته، إنه لا يمكن لباباجان ولا  داود أوغلو منافسة الكاريزما التي يتمتع بها الرئيس التركي، والذي- رغم كل شيء- لا يزال يحظى بملايين المؤيدين المحبين له. ويضيف: "قد يكونوا تكنوقراط جيدين... لكنني لا أعتقد أن هؤلاء الرجال يمكنهم تحريك الجماهير".

ولا يزال من الممكن، في مواجهة التمرد الذي يختمر تحت الظلال، أن يتكيف أردوغان ويغير مساره. وغالبًا ما خرج الرئيس البالغ من العمر 65 عامًا من أزمات سابقة بفضل ما يتحلى به من براجماتية ومرونة. لكن بعض المحللين يشكون أيضًا في أنه ربما يسعى إلى تعديل الدستور لتغيير نظام الانتخابات أُقر العام الماضي ويفرض على مرشح الرئاسة الحصول على أكثر من 50% من الأصوات للفوز، وهذا قد يجعل الأمر أكثر سهولة له لتأمين فترة رئاسة أخرى.

وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول إن بعض الساخطين من حزب العدالة والتنمية مقتنعون بأن أردوغان قد ضل الطريق، نظراً لعلاقاته المتوترة مع الغرب، والاقتصاد المتعثر علاوة على حزبه الذي يعاني من هزائم نكراء، كما إن معارضي أردوغان يعتقدون أن الكثير من الناس سيفاجأون بالسرعة التي يمكن أن ينهار بها حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد ما يقرب من عقدين من الزمن في السلطة.

تعليق عبر الفيس بوك