عضوية الشورى ورئاسته!

سالم الكثيري

ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا دعوات تُطالب رئيس مجلس الشورى بالاستقالة وهذه الدعوات وإن كانت دليلا على عدم رضا عن أداء الرئيس بشكل خاص والأعضاء عموماً من وجهة نظر الكثير إلا أنها في الوقت نفسه تغفل مفهوما أصيلا من مفاهيم العملية الانتخابية ألا وهو حرية الاختيار الممثلة في آلية التصويت.

وعلى الرغم من قبولنا بنتيجة صناديق الاقتراع  كمبدأ أساسي من مبادئ الديموقراطية فعلينا أن نعي أيضًا أن الشخص الذي حصل على غالبية الأصوات ليس بالضرورة أن يتبنى كل أفكارنا أو ينقلها بالطريقة التي تروق لنا، كما أنه من ناحية أخرى لا يمتلك عصا سحرية لتقديم الحلول المثالية لمشاكلنا مع كل دورة انتخابية وذلك لوجود تحديات كثيرة جدًا منها التشريعية والقانونية التي نعذر معها تقصير أداء العضو وقد يكون منها الشخصية بغرض تحقيق مصالح يرمي إليها العضو نفسه بحسب ما يرى البعض وهذه الأخيرة لو ثبتت على من انتخبه الشعب وأقسم اليمين فإنها مفسدة مابعدها مفسدة ولهذه الأسباب وغيرها يصبح أداء هذا العضو أو ذاك ضعيفًا جدًا ومخيبًا للآمال في أحيان كثيرة إذا ما قورن بسقف توقعات الناخبين!

وبما أنَّ أعضاء مجلس الشورى في عُمان لا ينتمون إلى أحزاب سياسية، كما هو حاصل في الديموقراطيات العتيقة في الغرب، تبرز لنا أهمية الكتل الانتخابية والتي يمكن أن يكونها الأعضاء داخل المجلس نفسه وذلك بتبني قضايا معينة تهم المجتمع وهذا الأمر يقودنا بدوره إلى الاعتراف بأنَّ قوة المجلس هي في حقيقة الأمر بأيدينا نحن كناخبين أكثر من المترشح نفسه وأن اختيارنا للعضو الكفؤ سيكون بمثابة القاعدة المتينة لأدائه الفعال لاحقاً في المجلس بكل حرية واستقلالية تمكنه من استخدام الأداوت البرلمانية المتاحة دون تردد أو مواربة أو الرضوخ لما يُثار من ضغوط  لترشيح أسماء معينة لرئاسة المجلس أو تجنب طرح قضايا حساسة قد تحرج الوزير الفلاني أو الحكومة ككل.

إنَّ المراقب لتجربة الشورى في السلطنة يرى قلة وضعف الصلاحيات الممنوحة مقارنة بالفترة الزمنية الطويلة نسبيا والتي تصل إلى أربعين عاماً ولهذا تأتي الأصوات المطالبة باستمرار نهج التطوير ومنح مزيد من الصلاحيات للمجلس بعد تلك التي منحت له بالمرسوم السلطاني رقم 39/2011 وأحدثت نقلة برلمانية نوعية حقيقية.

وتأتي هذه المطالبات في ظل تشكل وعي وطني عام وخاصة من الجيل الشاب الذي يسعى للتركيز على قضايا الوطن الكبرى وثوابته ونبذ المناطقية والقبائلية قدر ما يستطيع ويتضح ذلك من خلال الرؤية النقدية التي يمتلكها هذا الجيل فيما يمكن أن نطلق عليه (ظل الشورى) بحيث لا يجد عضو المجلس المنتخب بدا من تبني القضايا  المطروحة في وسائل التواصل وغيرها من القنوات الإعلامية والمجتمعية ومناقشتها تحت القبة البرلمانية وذلك لأهميتها ومُلامستها لهموم المُجتمع.

إنَّ تشكل هذا الوعي الجمعي هو المغزى النهائي للديموقراطية كمفهوم فلسفي وممارسة فعلية يمكن من خلالها مساهمة الجميع في بناء الدولة العصرية وشعورهم بالمسؤولية الوطنية تجاهها وأن الكل سواسية أمام القانون لهم حقوق لا يمن بها أحد عليهم وعليهم واجبات لابد وأن يؤدونها بكل إخلاص وأمانة.