"فورين بوليسي": مبيعات الأسلحة لن تعوض الغياب العسكري الأمريكي بالشرق الأوسط

ترجمة- رنا عبدالحكيم

يرى بلال واي. ساب وهو مستشار عسكري بوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، أن مبيعات الأسلحة الأمريكية لن تعوض الغياب العسكري للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إذا ما زاد الرئيس دونالد ترامب من مبيعات السلاح لهذه الدولة، مضيفا أن دول المنقطة عاجزة عن استخدام السلاح الأمريكي بالكفاءة المطلوبة.

وفي مقالة له بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، قال المستشار العسكري إن مسحا أجراه مجلس شيكاغو للشؤون العالمية مؤخرا، يظهر أن الغالبية العظمى من الرأي العام الأمريكي تشعر بأنها أقل أمانًا بسبب مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى دول أخرى، لكن من الواضح أن هذا ليس هو ما يشعر به البيت الأبيض؛ حيث يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضغط من أجل مزيد من المبيعات لتعزيز أمن الحلفاء وزيادة فرص التوظيف داخل الولايات المتحدة.

هل الشعب الأمريكي أم الرئيس على صواب؟ ينبغي اعتبار مبيعات الأسلحة جزءًا واحدًا فقط من جهود الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها الأمنية والتعاون مع حلفائها. والتركيز المفرط على هذه الأداة بالذات يبسط الأمور ويفتقد الهدف. والسؤال الذي يجب طرحه هو ما إذا كان التعاون الأمني ​​والمساعدة الأمريكية يعززان أهداف الولايات المتحدة؟ بالتأكيد، هذا ليس سؤالًا سهلاً، لكنه على الأقل هو السؤال الصحيح. ومن الممكن التعرف على بعض الإجابات عن طريق التركيز على الشرق الأوسط فقط؛ حيث تشتري دول تلك المنطقة الأسلحة الأمريكية أكثر من أي دولة أخرى في العالم، ويبدو أن الولايات المتحدة تواجه معظم المشكلات المتعلقة بتلك المبيعات.

لكن، ما أهمية التعاون الأمني ​​الأمريكي، خصوصًا في الشرق الأوسط؟

أولاً: للتنافس الفعال مع الصين وروسيا، فالأولوية العليا للولايات المتحدة، تفرض على واشنطن إعادة تخصيص الموارد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وأماكن أخرى. وهذا بدوره يعطي أهمية كبرى للتعاون مع الشركاء في الشرق الأوسط. باختصار، إذا رغبت الولايات المتحدة في فعل أقل في المنطقة، فسيتعين على شركائها بذل المزيد من الجهد، والقيام بذلك بشكل أفضل، لملء الفراغات الأمنية.

ثانياً: حتى لو لم تكن واشنطن قلقة بشأن روسيا والصين، فإن معظم الأمريكيين ما زالوا يريدون الخروج من الشرق الأوسط. وليس من الواضح بعد ما يعنيه ذلك على وجه التحديد، أو كيف يمكن للولايات المتحدة أن تمهد الطريق للخروج من الصحراء، على حد تعبير عالم الشرق الأوسط كينيث بولاك. لكن يبدو جليا أن الولايات المتحدة تريد أن تكون أقل مشاركة عسكريًا في هذا الجزء من العالم. ويعد الشرق الأوسط أقل أهمية بالنسبة للولايات المتحدة من الناحية الإستراتيجية مقارنة بما كان عليه قبل عقد من الزمن؛ فالولايات المتحدة لم تعد بحاجة إلى نفط الشرق الأوسط بعد الآن، ولا يمكن لأي قوة إقليمية أن تهدد وجود إسرائيل (ما لم تحصل إيران على قنبلة نووية). كما إن المشاركة المفرطة في الولايات المتحدة في المنطقة كلفتها غالياً دماءً ومالا.

بطبيعة الحال، فإن القيادة المركزية الأمريكية، والمتمركزة في الشرق الأوسط، ستعترض بشدة وتحتج بأن الشرق الأوسط يقع في قلب المنافسة العالمية على النفوذ. وثمة حقيقة في ذلك؛ حيث إن السعر العالمي للنفط لا يزال يتأثر بشدة بمستوى الاستقرار الإقليمي، فقد ارتفعت أسعار النفط بعد الهجمات على البنية التحتية للنفط في المملكة العربية السعودية، كما تعتمد رفاهية الصين على واردات الطاقة الضخمة من المنطقة.

وشاهدت الولايات المتحدة سوريا وهي تحترق، وسحبت معظم القوات الأمريكية من العراق على الرغم من نصيحة الجنرالات بعدم القيام بذلك، إضافة إلى أنها لا تستطيع الانتظار حتى تخرج من أفغانستان من خلال صفقة مع عصابة وحشية إرهابية هناك (طالبان).

وهذه ليست سلوكيات الولايات المتحدة الملتزمة بالبقاء في الشرق الأوسط.

لا شك أن المعدات الأمريكية ضرورية لشركاء الولايات المتحدة، لكن المؤسسات التي تنشىء قواعد دفاعية وتعتمد على عناصر تعتبر ضرورية بالنسبة لقدرة الشركاء على تحسين هذه العمليات واستدامتها، في النهاية لا تكون بحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة.

على سبيل المثال، تمتلك المملكة العربية السعودية بعض أنظمة الأسلحة الأكثر تقدماً اشترتها من الولايات المتحدة. ومع ذلك، وطوال فترة حربها في اليمن، نفدت قوتها الجوية باستمرار من الوقود والذخيرة، وكانت تفتقر إلى الذكاء الجيد، فضلا عن الأداء الضعيف في الاستهداف بدقة، كل ذلك لأن الأنظمة البشرية والتكنولوجية اللازمة لدعم مهامها إما أنها غير كافية أو غائبة. علاوة على ذلك، ليس لدى الرياض أي استراتيجية للأمن القومي أو الدفاع تحدد أولوياتها بوضوح أمام العالم. وإذا كان السعوديون عالقين في اليمن، فلا ينبغي أن يكون ذلك مفاجأة.

وهناك مشكلة طويلة الأمد وسخيفة تتمثل في أن الشركاء العرب يستثمرون في القدرات العسكرية الخاطئة. فمن الجيد أن تمتلك طائرات مقاتلة غير مرئية، لكن تلك لن تساعدك كثيرًا في مواجهة الإرهابيين والمتمردين. ويتردد الشركاء في المنطقة في منح واشنطن إمكانية الوصول إلى أكثر بياناتهم وبرامجهم سرية، خشية أن يكشف ذلك عن نقاط ضعفهم.

لذا.. على الولايات المتحدة تغيير تفكيرها فيما يخص التعاون الأمني، والأمر لا يتعلق فقط بمبيعات الأسلحة بل إنه يتعلق بكيفية جعل مبيعات الأسلحة ذات أهمية حقيقية، ولكي يحدث هذا، يتعين على الولايات المتحدة الالتزام بالعمل الجاد لمساعدة شركائها على تطوير مؤسسات حكم أفضل، من أجل الاستخدام الفعال للأسلحة التي يتلقونها والمحافظة عليها.

تعليق عبر الفيس بوك