"جارديان": "هجمات بقيق والخريص" تؤجج خطر الحرب بالمنطقة

ترجمة- رنا عبدالحكيم

قالت صحيفة جارديان البريطانية إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول السياسة الخارجية تشبه لوحة فنية لا تحتوى إلا على نقاط، وفي بعض الأحيان هناك خطوط واضحة بين بعضها، لكن البحث عن صورة متماسكة في هذه اللوحة بمثابة مهمة مستحيلة.

وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها أن رد فعل ترامب على الهجوم على منشآت النفط في المملكة العربية السعودية سرعان ما تحول من تحذير بأن الولايات المتحدة "مستعدة" إلى التصريح القائل "لا أريد الحرب مع أي شخص"، ثم "في مرحلة ما سوف نصل إلى حل". وعلى الرغم من أن وزير خارجيته ألقى باللوم على إيران، إلا أن الرئيس قال إن واشنطن تريد المزيد من الأدلة.

ومع ذلك لا يزال ترامب يتأرجح في اتجاه آخر. ففي حين أن حرصه على تجنب التورط في نزاع واضح، لا سيما مع استمرار حملته الانتخابية لفترة ولاية ثانية على قدم وساق، فهو رجل متقلب المزاج وجاهل يدير بصورة فوضوية غير محترفة، ويواجه أزمة تزداد فيها المخاطر يوما تلو الآخر. واعتبرت الجارديان الهجوم على معمل بقيق لمعالجة النفط، سواء عن طريق الطائرات بدون طيار أو صواريخ كروز، زاد من مخاطر الحرب بشكل كبير، حيث تسبب في تدمير نصف إنتاج المملكة وتسبب في ارتفاع كبير في أسعار النفط منذ أن غزا صدام حسين الكويت قبل ثلاثة عقود.

وتنفي إيران بشدة مسؤوليتها عن الهجوم، فيما زعمت جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن أنه انتصار لهم. ولا يمكن اعتبار أي طرف في هذا الموقف شاهدًا صريحًا، لكن حتى لو نفذ الحوثيون ذلك، فلا أحد يعتقد أنهم كانوا قادرين على شن مثل هذا الهجوم المتطور دون الدعم الإيراني الذي تلقوه.

وتظهر تغريدة ترامب المبكرة أنه كان يستعين بمصادر من خارج إدارته فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه الرياض، والتي كانت في البداية أكثر حذراً فيما يتعلق بإلقاء اللوم على إيران مقارنة بمايك بومبيو وزير الخارجية.

وبعيدا عن فكرة الانتقام، تخشى الرياض مزيدا من الهجمات، وتدمير عملية الطرح الأولي لشركة أرامكو والتي طال انتظارها، ويعتمد ولي العهد عليها في خططه الرامية إلى إصلاح اقتصاد المملكة. غير أن السعودية لا ترى طرق عديدة للقيام بذلك دون المخاطرة بإشعال النيران في المنطقة. حتى لو تم تنفيذ استجابة محسوبة محتملة، مثل هجوم إلكتروني على المنشآت الإيرانية، والتي لا يدعي أحد مسؤوليتها عنها، فسيكون من الصعب التأثير عندما يرى ترامب السلطة التقديرية عبثًا ويطلب المجد الشخصي في كل منعطف.

وتبدو إيران واثقة بصورة مقلقة من أن ترامب سيخجل من العمل العسكري حتى مع تزايد المخاطر، وقد حرص على إثبات أن الشعب الإيراني لن يكون الوحيد الذي يعاني من الحصار الأمريكي لاقتصاد إيران. وكان من المفترض أن تسفر حملة الضغط القصوى على إيران عن تراجعها؛ لكن بدلاً من ذلك، زادت من عدوانية إيران، لأنه لم يتبق لها سوى القليل.

المثير للدهشة أن دولة الإمارات العربية المتحدة تراجعت إلى حد ما عن المواجهة مع إيران بعد الهجمات التي طالبت ناقلات نفطية قبالة سواحلها. وفي الوقت نفسه، زادت أوروبا، بقيادة فرنسا، من محاولاتها لوقف التصعيد. ومع ذلك، لا يمكن أن تنجح أية مبادرة إلا إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات عن طريق تخفيف العقوبات الاقتصادية.

وتسبب الهجوم على شركة أرامكو في تقليص احتمالية عودة الرئيس ترامب إلى الاتفاق النووي الإيراني أو إبرام على اتفاق مماثل. وتذمر ترامب من أن الاتفاق يركز على البرنامج النووي الإيراني لكنه لم يتناول تطوير الصواريخ وانتهاكات حقوق الإنسان ورعاية الميليشيات.

واختتم صحيفة الجارديان افتتاحيتها قائلة إن المنطقة تواجه خطر الحرب، والأحداث الأخيرة خير شاهد ودليل.

تعليق عبر الفيس بوك