"فايننشال تايمز": أردوغان يقمع المعارضة بعد تجرعه هزائم انتخابية

...
...
...

ترجمة- رنا عبدالحكيم

قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يتوسع في استهدافه للمعارضة وقمعها، في كل مرة يتجرع فيها هزائم انتخابية.

فبعد كل انتخابات في تركيا، يتساءل المحللون بتفاؤل عما إذا كان إردوغان سيغير موقفه، ويخفف من نهجه تجاه المعارضين ويتجاوز الانقسامات السياسية. فبعد ستة أشهر من جولة من الانتخابات المحلية التي شهدت تجرع حزبه لهزائم مريرة في اسطنبول وأنقرة والمدن الرئيسية الأخرى، يبدو من الواضح أنه لن يتبنى لهجة أكثر تصالحية.

وآخر دليل على ذلك هو قرار محكمة جنائية بإصدار حكم على مسؤولة بارزة في المعارضة في إسطنبول بالسجن لمدة 10 سنوات تقريبًا نتيجة لسلسلة من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي قبل سنوات.

ويقول بيرك إيسن الأكاديمي بجامعة بيلكنت في أنقرة: "هذه خطوة مهمة حقًا لأنها تظهر أن الحزب الحاكم لن يتردد في مهاجمة جهاز إسطنبول". وأضاف "لن يخففوا خطابهم- أو مسارهم- بعد أن خسروا".

كما تواجه كفتانجي أوغلو حكما بالسجن عشر سنوات وهي مساعد عمدة إسطنبول الجديد أكرم إمام أوغلو، ومعروفة على نطاق واسع بأنها سر نجاحه في الانتخابات الأخيرة التي نجح من خلالها في السيطرة على أكبر مدن تركيا وأكثرها ديناميكية.

ولدى كفتانجي قضية جنائية معلقة ضدها تم رفعها عندما أصبحت رئيسًا لحزب الشعب الجمهوري في اسطنبول (CHP) أوائل عام 2018. لكن التحقيق، الذي كان يعتمد على التغريدات التي يعود تاريخها إلى عام 2012، ظل كامنا حتى  فوز إمام أوغلو في اسطنبول. لكن الادعاء العام التركي أحيا القضية بينما كان حزبها يستعد لخوض معركة من جديد في الانتخابات، بعد أن دفع أردوغان لإلغاء النتيجة الأصلية.

ويوم الجمعة الماضي، وبعد شهرين من مساعدته في إحراز نصر ثانٍ مدوٍ للمعارضة في إسطنبول، أدينت  كفتانجي  أوغلو بتهمة إهانة الرئيس (وهي جريمة جنائية في تركيا) إضافة إلى نشر "الدعاية الإرهابية" و"التحريض على الكراهية". وحُكم عليها بالسجن لمدة تسع سنوات وثمانية أشهر، لكنها لا تزال حرة بانتظار قرار محكمة عليا في استئنافها.

وتزعم الحكومة التركية أن نظامها القضائي مستقل، لكن شخصيات معارضة تؤكد أن أسلوب وتوقيت محاكمة كفتانجي  أوغلو يضرب بهذه المزاعم عرض الحائط.

ويلاحظ أونال تشيفيكوز عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري في اسطنبول أن الجدول الزمني "يخلق أسبابًا حقيقية للشك في أنها ليست قضية قانونية، بل مجرد قضية سياسية". وذهب زعيم حزب الشعب الجمهوري، أبعد من ذلك، متهماً إردوغان بإصدار الحكم القاسي "بمعاقبة" نجاح المعارضة في الانتخابات.

رئيسة حزب الشعب الجمهوري في اسطنبول ليست الشخصية المعارضة الوحيدة التي تعرضت للضغوط في الأشهر الأخيرة. إذ يواجه منصور يافاس زعيم المعارضة المنتخب حديثاً في أنقرة، قضية جنائية بسبب نزاع نشأ منذ فترة عمله كمحام. ففي أغسطس الماضي، تم عزل رؤساء بلديات ثلاث مدن ذات أغلبية كردية في جنوب شرق تركيا بالقوة من مناصبهم بعد 5 أشهر فقط من انتخابهم.

وتأتي هذه الخطوات في وقت يشعر فيه إردوغان بأنه أضعف مما كان عليه من قبل على المشهد السياسي الداخلي، على الرغم من تمتعه بسلطات غير مسبوقة. وإضافة إلى مواجهة معارضة متجددة، يواجه إردوغان سخطًا شعبيًا حادًا بسبب الركود الاقتصادي واستمرار وجود 3.6 مليون لاجئ سوري في البلاد. والأهم من ذلك كله، أنه يواجه خطر انقسام داخل حزبه، بينما يستعد حليفين سابقين بارزان له لإطلاق أحزاب سياسية منافسة، وهما وزير الخارجية السابق أحمد داوود أوغلو، والرئيس التركي السابق عبدالله جول.

وكان رد أردوغان الطبيعي على مثل هذه التهديدات عنيفا، لكن دائما ما تسفر التكتيكات القاسية عن نتائج عكسية، مما يعزز من تعاطف الرأي العام مع المستهدفين ويساعدون في توحيد أحزاب المعارضة التركية التي عانت من التشرذم سابقا. فمع كل قمع للمعارضة، يقتربون رويدا رويدا.

تعليق عبر الفيس بوك