"واشنطن بوست": حجب الحكومات للإنترنت انتهاك للحريات

ترجمة- رنا عبد الحكيم

انتقدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في افتتاحيتها قيام بعض الحكومة "القمعية" حول العالم بحجب الإنترنت عن مواطنيها، واصفة مثل هذه الإجراءات بأنها "انتهاك للحريات"؛ حيث تحرم المتظاهرين من التعبير عن غضبهم أو احتجاجهم بصورة مختلفة عبر مواقع الإنترنت.

وتشير إحصاءات إلى أن أكثر من ربع الدول في العالم قطعت وصول المدنيين إلى أدوات الاتصال في مرحلة ما خلال السنوات الأربع الماضية. وهذه الممارسة آخذة في الازدياد، ومعظمها في آسيا وأفريقيا، وغالبًا ما تكتنف تلك الممارسات الكثير من السخط. فقد منعت زمبابوي شبكة الإنترنت لمدة ستة أيام في وقت مبكر من هذا العام. وفعلت الكونغو ذلك لمدة 20 يوما، وقام السودان بذلك لمدة شهر كامل. وأدى التعتيم في ميانمار إلى التطهير العرقي للأقلية المسلمة من الروهينجا بدم بارد. ووثق الخبراء ما لا يقل عن 159 عملية تعطيل في الهند منذ عام 2016.

وكل واحدة من هذه الحوادث لها نتائج. إذ يتعذر وصول رواد الأعمال إلى عملائهم، وأحيانًا يفقدون العقود تمامًا. ويذهب المرضى دون علاج لأن الأطباء غير قادرين على طلب الأدوية، ويبقى الجياع يتضرون جوعا لأنهم لا يستطيعون الوصول إلى العملة الرقمية التي يستخدمونها لدفع ثمنها. وقد قدرت مؤسسة بروكينجز أن حجب الإنترنت يكلف العالم 2.4 مليار دولار في عام واحد. وتشير دراسة أجرتها شركة Deloitte إلى أن الدول قد تخسر ما يصل إلى 23.6 مليون دولار يوميًا لكل 10 ملايين نسمة. والدول التي تتنافس على الاهتمام بالاقتصاد الرقمي ستكون أقل نجاحًا على المدى الطويل إذا كانت أسواقها مفتوحة للعمل يومًا ما وأغلقت اليوم التالي.

وتمارس بعض الدول مزيدًا من السيطرة على شبكاتها الوطنية، وتتصدر الصين هذه الدول بدعوى "السيادة الإلكترونية"، وهي منظور صيني لشبكة الإنترنت؛ حيث تنظم كل دولة النشاط داخل حدودها بشكل صارم.

وأعلنت الأمم المتحدة أن حقوق الإنسان تشمل الحق في الحصول على الإنترنت أيضًا. وتميل الحكومات إلى ادعاء ضرورة قيامها بذلك في إطار "الطوارئ"، لكن من الصعب معرفة مدى صحة حالة الطوارئ هذه أم أنها ذريعة للحكومات. فقد منعت سريلانكا، على سبيل المثال، مواقع التواصل الاجتماعي لمنع المعلومات الخاطئة حول تفجيرات عيد الفصح القاتلة، والحيلولة دون نشر أفكار عنيفة ضد المسلمين.

وترى الصحيفة في ختام افتتاحيتها، أن أدوات القمع السلطوي عبر الزمن واحدة، لكنها تتخذ أشكالا مختلفة، منها إلقاء القبض على المعارضين إلى سجن الصحفيين وتكبيل مؤسسات المجتمع المدني، لكن في الوقت الحالي تطورت الأدوات، ولذا يتعين على العالم أن يتعامل مع حجب غير المبرر للإنترنت على أنه انتهاك خطير للحريات.

تعليق عبر الفيس بوك