"سي إن إن": الحرب التجارية لم تصل لذروتها.. وأمريكا والصين ستدفعان "ثمنا باهظا"

 

ترجمة- رنا عبد الحكيم

أكدت شبكة سي إن إن بيزنس الإخبارية الأمريكية أن كلا من الولايات المتحدة والصين تعاني بالفعل من "ألم كبير" نتيجة للحرب التجارية المستعرة بينهما، قائلة إن هناك سؤال حاسم في هذه الحرب: من هو أكثر يأسًا لرؤيتها تنتهي، دونالد ترامب أو شي جين بينغ؟

وأضافت الشبكة في تقرير موسع لها إن الرئيس الصييني شي جين بينغ لن يضطر إلى مواجهة شعبه في صناديق الاقتراع مستقبلا، بينما ترامب يتأهب لإعادة انتخابه العام المقبل، ولذا "سيتعين على كلاهما دفع ثمن باهظ".

وتضرر اقتصاد البلدين بسبب الحرب التجارية، التي لا يبدو أنها بلغت ذروتها بعد. ففي الولايات المتحدة في الشهر الماضي، هوت سوق السندات مرة أخرى إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2007، ما سبب هزة جديدة في سوق الأوراق المالية. ويتجه النمو الاقتصادي الأمريكي نحو 2%، وهو أقل بكثير من 3% التي أعلنت في بداية العام، وأقل من 4.2% التي كان ترامب مستمتعا بها في العام الماضي.

وفي الصين، وصل اليوان إلى أدنى مستوى خلال 11 عامًا، وتراجع النمو الاقتصادي العام إلى أدنى معدل منذ 27 عامًا، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي المحلي بأبطأ وتيرة منذ 1992. وعلى الرغم من أنه عند مستوى 6.2%، فإنه لا يزال ثلاثة أضعاف أرقام النمو الأمريكي.

وفي ظل انكماش اقتصادي حقيقي، تبدأ الشركات في التخفيف من إنفاقها، وغالبًا ما يكون الإنفاق الرأسمالي أول ما يتم تقليصه، والذي بدوره يمكن أن يصيب الشركات المصنعة للمعدات التي تُستخدم لإنتاج سلع أخرى. ويمكن أن يتسبب أيضا في تقليص هوامش الربح، وتأخر الزيادات في الأجور وارتفاع أسعار المستهلكين.

لكن حتى الآن، حافظ سوق العمل الأمريكي على قوته؛ حيث بلغت نسبة البطالة 3.7%، ووصلت لأدنى مستوى منذ 50 عامًا، وفقًا لمكتب الإحصاء الأمريكي. لكن ثمة تداعيات اقتصادية بدأت في الظهور، لا سيما بين المجموعات التي اعتمد عليها ترامب في الفوز عام 2016 وستحتاج إلى التحفيز مرة أخرى خلال العام المقبل. وحتى الآن في عام 2019، أعلنت الشركات عن تسريح عمال بنسبة 36% أكثر من الوقت ذاته من العام الماضي، حسبما ذكر مستشارو التوظيف تشالنجر جراي وكريسماس. ويمكن أن تمثل هذه النسبة مجرد "غيض من فيض".

وتتجلى المشكلات الاقتصادية بشكل خاص في القطاع الزراعي، الذي كان بمثابة حجر الأساس للانتخابات الرئاسية لعام 2016 لترامب. فقد انخفضت واردات فول الصويا في الصين وحدها من الولايات المتحدة من 25 مليون طن في أكتوبر 2017 إلى 8.7 مليون طن في نفس الفترة من العام الماضي. والجولة الأخيرة من الرسوم الجمركية من المرجح أن تكون أكثر إضررارا بصورة وحشية. وأفاد الاتحاد الوطني لمنتجي الألبان أن الشحنات المُصدرة إلى الصين انخفضت بنسبة 40% في الربع الأول من العام الجاري، وتوقعت إحدى شركة "تريد بارتنرشيب وورلدوايد المحدودة" للأبحاث خسائر إجمالية تصل إلى 2.2 مليون وظيفة في الولايات المتحدة نتيجة للرسوم الأمريكية على الواردات الصينية والرد الصيني المتوقع. وفي الوقت نفسه، وجد الباحثون أن الرسوم، على نطاق أوسع، ستؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة وانخفاض دخل قدره 7.8 مليار دولار في السنة.

بالطبع، الشركات الصينية تواجه مشاكلها الخاصة. حتى قبل أن "يأمر" ترامب الشركات الأمريكية بنقل عملياتها خارج الصين وقبل أن تبدأ الرسوم في الارتفاع، فإن ما يصل إلى 50 شركة- بما في ذلك بعض المصنعين الصينيين المحليين- بدأت بالفعل مغادرة الصين. والبعض- مثل نينتندو وجوجل- يتجه إلى فيتنام، وكذلك شركة TCL الصيني لصناعة التلفزيونات. حتى إن شركة "أبل" تستكشف تكاليف نقل ما يصل إلى ربع طاقتها الإنتاجية من الصين إلى الهند.

كل هذا قد يكلف تقلص الوظائف والإنتاج في الاقتصاد الصيني. ومع ذلك، قامت الصين بتحويل بعض صادراتها إلى عملاء آخرين، وتمكنت من الحفاظ على إنتاج قوي إلى حد ما. وفي يوليو، ارتفعت الصادرات بنسبة 3.3% على أساس سنوي.

ويرى التقرير أنه لا ينبغي مطلقًا لعب التجارة، مثل الدبلوماسية، فهي لعبة محصلتها صفر، كما يجب أن يدرك الرئيس ترامب- الذي يفتخر بكونه صانع الصفقات- أن أفضل الصفقات هي تلك التي يخرج فيها الجانبان رابحان؛ وفي هذه الحالة يمكن أن يؤدي انخفاض الرسوم الجمركية والتجارة الأكثر حرية والتبادل الأوسع للأفكار إلى نمو أسرع وابتكار أكبر وازدهار لكلا البلدين.

تعليق عبر الفيس بوك