الجواز العُماني

 

خلفان الطوقي

لا يختلف اثنان على أنَّ السلطنة هي بلد السلام والتسامح والتعايش السلمي داخليًّا فيما بين أطياف عُمان، وخارجيًّا بعلاقاتها الدولية المبنيَّة على الاحترام والسلام؛ فمعروفٌ دَوْر عُمان الدولي في القيام بعشرات المبادرات التي تجمع الجميع على طاولة الحوار والدبلوماسية ولا تفرق، وقد أسهمت السلطنة في إنجاح مفاوضات مجموعة (5+1) التي حققت الاتفاق التاريخي مع جمهورية إيران الإسلامية، إضافة لأدوار عُمان الدبلوماسية التي لا تعد ولا تحصَى دون ضجيج أو فرقعات إعلامية. فمنذ فَجر النهضة المباركة، خرج مولانا السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه وأطال في عمره- بمقولة شهيرة قالها، ولا تزال عالقة في أذهان الشعب العماني؛ وهي: "إنني أريد أن أنظر إلى خريطة العالم، ولا أجد بلدا لا تربطه صداقة بعُمان".

هذه المقولة القابوسية الرَّاسخة، إضافة إلى المبادرات العُمانية الكثيرة في نشر روح السلام والإلفة والصداقة بين شعوب العالم، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: الرحلة البحرية لشباب عمان 1 و2 التي بدأت في بداية السبعينيات، وآخرها الرحلة إلى عواصم أوروبا التي بدأت في 19 أبريل من هذا العام، و"رسالة الإسلام من عُمان" التي وصلت إلى عشرات الدول، وشاركت بأهم العواصم العالمية، ووصلت إلى أعرق المراكز العالمية منها مبنى الأمم المتحدة في نيويورك وغيره من المراكز السياسية والثقافية في الدول التي طافت بها هذه المبادرة، وكما ذكرت أنَّ هناك عشرات المبادرات التي لا يتسع مقال واحد لأن يستوعبها.

هذه المقدمة كانت ضرورية لمعرفة أن الجواز العماني ما زال يحتل المركز رقم  67 بين 189 دولة بناءً على تقرير مؤسسة Henley &  Partners passport Index المعتَمَدَة من اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA)، وعُمان هي الدولة قبل الأخيرة خليجيًّا في هذا المؤشر، وحسب المؤشر فإنَّ جوازنا العُماني يتيح لنا السفر إلى 77 دولة فقط بدون إصدار تأشيرة، بينما الدولة الأولى في الخليج يتاح لمواطنيها السفر إلى 167 دولة، أي أنَّ الفارق بيننا وبين أول دولة خليجية عدد 90 دولة، والسِّعة في المركز بيننا وبينها 47 مركزا، حسب مُؤشر هذا العام لعدد 189 دولة حول العالم، والمفاجأة حين تُطَالِع الجدول وتجد دولاً غير معروفة تتفوق على بلد عظيم مثل عُمان.

فَمِن كل النواحي، تجد السلطنة حاضرة، فتاريخيًّا أنت تتحدث عن بلد عريق نشأتُه كانت منذ 5000 عام، أما بالنسبة للعصر الحديث، فستجد سفيرنا العُماني الشيخ أحمد بن النعمان الكعبي هو أول سفير عربي وطأت قدماه الولايات المتحدة في العام 1840م، ووقعنا مع الولايات المتحدة عدة اتفاقيات دبلوماسية، ومن الناحية الأمنية فإن عُمان هي صاحب الرقم 1 لخلوها من عمليات الإرهاب حسب تقييم المنتدى العالمي للتنافسية -تقييم العام الماضي 2018- أما من الناحية الاقتصادية، فإنني واثق أن السلطنة أفضل بكثير من الأوضاع الاقتصادية لمعظم الدول التي تتصدَّر القائمة المعنية، خاصة الدول التي تقع بين المركزين 40 و60 في جدول المؤشر. أما من الناحية السياسية، فلا أحد يُمكن أن يُشكِّك في استقرارها الداخلي، ومبادراتها الدبلوماسية الدولية السلمية المستمرة التي لا تتوقف، رغم أنها تقع في وسط لهيب إقليمي، إضافة للمبادرات الرائدة على مستوى العالم الداعية للسلام الشامل والعيش المشترك والحوار المتبادل الممهور بالقيم الإنسانية السامية، أضف إلى ذلك عُضوياتها المتعددة، والتزامها بكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية، وتسديد التزاماتها المالية...وغيرها من التزامات.

ألا تتفقون معي على أنَّ الجواز العماني يستحقُّ أن يكون أفضل من هذا المركز؛ فبالرغم من أننا نفرح بعد كل اتفاقية مشتركة للجوازات الدبلوماسية والخاصة، إلا أن فرحتنا ستزيد إذا شملت المواطن أيضا، وبالرغم من ثقتنا بأن وزارة الخارجية قدمت طلبات رسمية لبعض الدول، لكن ذلك لا يكفي، ونقترح تشكيل "فريق عمل دبلوماسي مفاوض ومؤهل"، يُتابع ويبرز الإمكانيات والقدرات العمانية ليتمكَّن من الحصول على انتصارات ليس هدفها تعديل ترتيب عُمان في هذا الجدول أو ذاك، ولكن لأنَّ عُمان والعُماني يستحقان أن يكونا في المقدمة، ولا يوجد سبب لأن لا يكونا كذلك.