عفوًا.. منتخبنا ليس للمزاد!

أحمد السلماني

مَوْجَة هائلة من النقد طالتْ مُنتخبنا عقب مباراته مع الهند، رغم تحقيقه لما هو أكثر من المطلوب لمن ينظر للنتيجة من زوايا متعددة، ومع تقديري العميق للوسط الكروي بالسلطنة ورغبته الجامحة في أن يرى منتخب بلاده ضمن صفوة منتخبات القارة، وأن يُبدع ويمتع ويفوز، وهي رغبة تحظى باحترام وتقدير عال، والرغبة تتجاوز ذلك بحضور أكبر ومؤثر للكرة العمانية إقليميا، وهذا قد تحقَّق، أمَّا قاريا ودوليا فهذه "سامحوني" تحتاج إلى "عمل مؤسسي ممنهج وسليم وجهد مضن"، وإلى قرار ربما يرقى لأن يكون سياسيا.. تخيلوا!!! "معليه، خذو المقال حبه حبه ولا تستعجلوا".

نعم، هذه هي الحقيقة التي يعلمها ويدركها الكثير ممن شنَّ الهجوم اللاذع على الأحمر وعلى بعض نجومه، ومع ذلك يقفزون عليها وينكرونها، نتفق أو نختلف على مستوى الأحمر فهذه ليست المشكلة؛ فهي أزمة عابرة ستمر وننساها لنعود ونتذكرها مع كل استحقاق لمنتخبنا، المعضلة الحقيقية تكمُن في أن وضع "الكرة العمانية" الحالي إنما هو نتاجٌ تراكميٌّ "لعشوائية" العمل في منظومتها على مدى ناهز 5 عقود لم نتمكن خلالها من الوصول لكأس العالم، أو أن نفرض فلسفة كروية بهُوية خاصة سوى لفترة وجيزة مع جيل خضع في زمن ما لعمل مؤسسي بدأ بالقاعدة وانتهى بقمة الهرم، فاستمتعنا بكرة عمانية جميلة، فرضتْ على الخصوم من المنتخبات الأخرى أن تحسب لنا حسابا، وأن لا تُغامر بفتح اللعب أو المساحات للعمانيين؛ فهؤلاء لديهم "أسلوب" كروي سهل ومُمتنع يصلون به للمرمى بسهولة، ولديهم اتزان دفاعي وهجومي بنسق واحد يصعب حلحلته.

ثم ماذا بعد؟ كانتْ النكسة والتراجع المريع أداءً ونتيجة، رحل هؤلاء فكان صعبا تعويضهم لأننا دخلنا مرحلة "العمل العشوائي" والاهتمام بالقمة والمنتخب الأول على حساب بناء وتأسيس القاعدة والفئات السنية من اللاعبين لمواصلة مسيرة التطور والزحف -ولو ببطء- نحو تحقيق حلم الوصول لكأس العالم، وصناعة هوية خاصة بنا في كرة القدم.

فبالله عليكم، تُطالبون بنتيجة وأداء من لاعبين يلعبون في دوري تصنيفه 29 آسيويا، ويبدأ وينتهي دون أن يحس به أحد، وبلا تسويق حقيقي أو حضور إعلامي مؤثر وقوي في المنطقة على أقل تقدير، وقيسوا ذلك على بقية مسابقاتنا المحلية؛ مثل: دوري "تكوين" الخداج، هذا الذي صوَّتت عليه جمعية عمومية "قصيرة النظرة"، ومنها أندية مجمدة لنشاط كرة القدم أصلا، خاصة الفريق الأول!! كما تُريدون أن تنافسوا قاريا ولدينا مسابقات للفئات السنية في فترة شهرين أو ثلاثة بأقصى حد ومطلوب من مدربي منتخباتنا أن يقتنصوا منها المواهب وتشكيل منتخبات للمنافسة بها!! ما مصير الموهبة التي لم تجد طريقا لها للنادي أو المنتخب؟! وتريدون أن تصلوا إلى كأس العالم وأنديتكم تنكشف خارجيا وبسهولة ومن أندية قادمة من دول فقيرة ومعدمة، وأخرى تعاني احتلالا، كما تُريدون أن تقهروا إيران واليابان وكوريا الجنوبية وقطر واتحاد اللعبة يعاني التجاذبات الداخلية وتتحكم به أندية هي أصلا فاشلة وخزينتها تعاني المديونية، فالرياضة لدينا ليست أولوية؛ لذا نقول: "لنهدأ قليلا، ولنسمِّ الأمور بمسمياتها، ولا تُزايدوا على الأحمر الغالي، فما قدمه اللاعبون وإدارتهم يُشكرون عليه"، وللتطوير والتغيير نحتاج إلى "إرادة وإدارة ومال".