"العزلة الاقتصادية" تحمي روسيا من الانهيار المحتمل في الأسواق العالمية

ترجمة- رنا عبد الحكيم

قال محللون لصحيفة "ذا موسكو تايمز" إن العقوبات الغربية التي بدأت قبل خمس سنوات وكذلك أزمتان ماليتان تركتا روسيا محمية من الركود العالمي الوشيك.

وبحسب تقرير نشرته الصحيفة، ففي الوقت الذي يصارع فيه محافظو البنوك المركزية والمديرون التنفيذيون خارج البلاد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتباطؤ في منطقة اليورو وقضية "بريكست" ومنحنيات العائد المقلوب، التي تعكس قلق المستثمرين، فإن روسيا تبتعد فعليا عن مخاطر الاقتصاد الدولي مع تعزيز اقتصادها المحلي.

وقال ستانيسلاف موراشوف المحلل في بنك رايفايزنبانك بموسكو: "القياس الجيد عبر إجراءات احترازية، وهذا أمر يكلف الكثير من المال، لكنه يحمي من أسوأ السيناريوهات".

في الواقع، روسيا كانت تستعد لأزمة تمتد لسنوات. فقد ضرب الركود العالمي الأخير في 2008-2009 البلاد بشدة، وتوقف نمو الروبل الروسي الذي دام عقدًا من الزمان بسبب أكبر انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي لأي دولة من دول مجموعة العشرين، وخسر الروبل 35% من قيمته، وفرت أكثر من 200 مليار دولار من رأس المال، وقفزت البطالة بمقدار 2 مليون عاطل.

عندما فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، وانهيار أسعار النفط في جميع أنحاء العالم، انزلقت روسيا إلى ركود آخر استمر حتى عام 2016. ومرة أخرى، انهار الروبل، وارتفعت معدلات التضخم والبطالة واختفى المزيد من رأس المال.

منذ ذلك الحين، تعلمت روسيا كيفية حماية اقتصادها من خلال العزلة والاستقرار والسيادة. والآن، بعد عقد من الركود الأخير في جميع أنحاء العالم، فإن خروج البلاد من الأسواق العالمية، بالإضافة إلى أجندة اقتصادية محلية تعطي الأولوية للاستقرار على النمو، جعلها مستعدة تمامًا للأزمة التالية.

من الناحية النقدية، تشكل السياسة الاحترازية الروسية كاحتياطيات من العملات الأجنبية والذهب أكثر من 500 مليار دولار، وهو فائض حكومي سنوي وصل إلى 40 مليار دولار في العام الماضي وسابع أدنى مستوى في العالم للديون الحكومية - بنسبة 14% فقط من الناتج المحلي الإجمالي. وقال جاكوب سوولسكي، كبير المحللين في Scope Ratings إنه يتوقع أن تستخدم روسيا "العازلة الكبيرة" في حالة حدوث ركود عالمي.

إلى جانب ما وصفته مديرة تصنيف ستاندرد آند بورز كارين فارتابيتوف بأنها "ميزانية عمومية قوية للغاية"، أصبح النظام المالي المحلي في روسيا أقل تعرضًا للأسواق الأخرى على مدار السنوات الخمس الماضية.

وقال إيكا كورهونين رئيس معهد الاقتصادات الانتقالية في بنك فنلندا: "أحد المجالات الواضحة التي كان للهيئات المالية فيها تأثير، القطاع المصرفي الذي أصبح أقل تكاملاً مع الأسواق العالمية. لقد انخفض الدين الخارجي للقطاع المصرفي بشكل مستمر منذ منتصف عام 2014، وبالتالي أصبحت البنوك الروسية أكثر اعتمادًا على الودائع الروسية، وربما أكثر مرونة". وأضاف "اليوم، تدين البنوك الروسية بمبلغ 80 مليار دولار للمؤسسات غير الروسية بانخفاض حوالي 60% من عام 2014".

كما إن مجموعات أدوات السياسة لكل من الحكومة والبنك المركزي أكثر توافقًا مع المخاطر العالمية مما كانت عليه في عامي 2008 و2014. وقالت فارتابيتوف "تمكنت روسيا بطريقة أو بأخرى من تخفيف الارتباط الكبير بين أسعار النفط والنمو الاقتصادي وسعر الصرف".

وتختتم الصحيفة تقريرها قائلة إن الخطر لا يزال قائما، حيث حذرت أدليين فان هوتيه المحللة في وحدة الإيكونوميست إنتليجنس قائلة: "يمكن لروسيا أن تعود إلى الركود إذا تم تعزيز مجموعة العقوبات الغربية الحالية ضدها واستهداف البنوك والشركات المملوكة للدولة، بالتزامن مع فترة طويلة من الانخفاض في أسعار النفط العالمية".

تعليق عبر الفيس بوك