"فايننشال تايمز": المرونة الاقتصادية في بريطانيا تواجه اختبار "بريكست"

ترجمة- رنا عبد الحكيم

قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن التأثيرات الضارة لحالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد البريطاني تنبع في الأساس من اختبار الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي "بريكست".

وأوضحت الصحيفة أنه مع انخفاض معدلات البطالة وتزايد الأجور واستقرار التضخم حاليًا عند هدف بنك إنجلترا المركزي البالغ 2%، قد يشعر بوريس جونسون رئيس الوزراء، أن الدعوة لانتخابات مبكرة ستكون ملائمة بصورة أكبر مما كانت عليه في حالة سلفه تيريزا ماي في عام 2017، لكنه على الأغلب مخطئ في تصوراته.

وتظهر مجموعة من المؤشرات الاقتصادية أن الضعف الذي يمكن رؤيته بسهولة في أرقام الاستثمار التجاري ينتشر إلى مناطق أخرى. وتشير الدراسات الاستقصائية التي نشرت هذا الأسبوع إلى أن قطاعي البناء والتصنيع ينكمشان. ويشعر المستهلكون، وهم المحرك الرئيسي للنمو البريطاني منذ الاستفتاء، بقلق متزايد بشأن مستقبل البلاد، في حين أن الجنيه الإسترليني ينزلق أكثر إلى مستويات تاريخية.

وابتعد الكثير من تجار العملة عن محاولة فهم السياسة البريطانية الصاخبة. لكن الانخفاض في الجنيه إلى أقل من 1.20 دولار في تعاملات يوم الثلاثاء يدل على أنه مهما كانت النتيجة في المعركة البرلمانية، فإن التوقعات بشأن صحة الاقتصاد البريطاني على المدى الطويل منخفضة. نادراً ما كان تداول الجنيه الإسترليني بأقل من 1.20 دولار منذ اتفاق بلازا في عام 1985، عندما وافقت الحكومات على التدخل لخفض قيمة الدولار.

وبينما يواصل أعضاء البرلمان مناوراتهم السياسية، تؤكد البيانات الاقتصادية ما هو على المحك؛ حيث أشار مؤشر مديري مشتريات البناء لشهر أغسطس إلى الانخفاض الحاد في الطلبيات الجديدة منذ أعقاب الأزمة المالية في عام 2009. أما الاستثمار، الذي يتمثل في الاقتصاد البريطاني القائم على الخدمات في كثير من الأحيان في المباني، فقد انهار. ويقدر بنك إنجلترا تخفيضات خطط الاستثمار التي قلصت نمو الإنتاجية في المملكة المتحدة بنسبة تترواح بين 2 إلى 5% منذ استفتاء عام 2016.

وكشف مسح آخر لمؤشر مديري المشتريات، أن أنشطة التصنيع واصلت التراجع خلال شهر أغسطس. وبدلاً من الانتعاش بعد الانقطاع قبل تاريخ خروج بريطانيا الأصلي في مارس الماضي، انخفض النشاط إلى أدنى معدل له منذ سبع سنوات. وانهارت الطلبيات حيث قام العملاء الأجانب بتبديل سلاسل الإمداد عن بريطانيا، وشعر المستثمرون المحليون بالقلق إزاء تأثير خروج محتمل من الاتحاد الأوروبي.

وترى الصحيفة أن هذه الاستطلاعات كانت "مضللة من قبل"، خاصة في الأشهر التي تلت استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مباشرة عندما أشاروا إلى تقلص لم يتحقق أبدًا. وفي أوقات الضغط الاقتصادي، يمكن أن تعكس استطلاعات المديرين التنفيذيين- الذين يسألون ما إذا كان النشاط يتحسن أو يتدهور- تراجع المعنويات وليس الناتج على الأرض.

ومع ذلك، هناك الكثير من الأسباب للاعتقاد بأن هذه الاستطلاعات صحيحة هذه المرة؛ حيث تقلص اقتصاد المملكة المتحدة في الربع الثاني، ويُعزى ذلك جزئيا إلى قطاع الخدمات الراكد تقريبا. زتشير أرقام الاقتراض العامة إلى أن عصر التحسينات السنوية قد وصل إلى نهايته، في حين تشير الأرقام الرسمية لسوق العمل إلى أن عددًا أقل من الشركات تعلن عن وظائف جديدة.

وعلى الرغم من ثقة جونسون، أصبح المستهلكون غير المبالين نسبياً في البداية بعدم اليقين أقل تفاؤلاً على الأقل عندما يتعلق الأمر بمواردهم المالية. وانخفضت ثقة المستهلك إلى مستويات شوهدت آخر مرة خلال أزمة منطقة اليورو. واعتقدت العديد من الأسر في البداية أنها ستكون محصنة ضد الاضطرابات الاقتصادية الأوسع نطاقًا، لكن الآن يقول الكثيرون إنهم يتوقعون أن تتفاقم أوضاعهم المالية.

وقد يرتفع أداء الجنيه وثقة المستهلك والاستثمار إذا تمكنت المملكة المتحدة من تأمين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وبدون التوصل إلى اتفاق، فإن الضرر، الذي يأتي بعد ثلاث سنوات من عدم اليقين، قد يُهدر فرصة بناء "بريطانيا الأفضل" التي يقول جونسون إنه يريدها.

تعليق عبر الفيس بوك