تقاسيمُ على وتَرِ الحُبِّ

 

شعر: يوسف حِطِّيني

 

(1)

إنّهُ الحُبُّ

تلكَ المَسافةُ بينَ الفَراشةِ والنّارِ

حينَ يحرقُهَا شَغَفُ النّشوةِ الرّاهنَهْ

فاغترِفْ شهدَهِ

ليسَ ثمّةَ وقتٌ

لكي تتفرّسَ في لحظةٍ ظاعنَهْ

قلبًكَ الآن يلتاعَ من ولهٍ

فاحترقْ طائعاً

واترُكِ الأمنياتِ الكسولةَ للآخرينَ

لكي يرتُقوا ثوبَ حِرْمانِهمْ

باحتمالِ الرّؤى الخائنهْ.

 

(2)

إنّهُ الحُبّ

تسعى إليها؛ إذ اعتصَمَتْ جَبَلاً

وانتشتْ فتنةً مثلَ وهْجِ الرّغيفْ

تنطفي رئتاكَ

على طَرَفِ السّفحِ مثلَ سِزيفْ

غيرَ أنّكَ تنظرُ في شَغَفٍ

نحوَ قمّتِهِ الفاتِنَهْ.

 

(3)

إنّه الحُبُّ..

رائحةُ الحبَقِ الّتي خلّفتْها الحبيبةُ

بعدَ أنْ أفلتَتْ يدَها مِنْ يديكْ

إنّه نشوةُ التّيهِ

يدركُها المتصوّف في العشقِ

حينَ يُصلّي عليكْ

تنتشي في النّوى بهَدِيلِ اليمامةِ

أو ترتجي ماءَ ظلِّ الغَمَامةِ

رغمَ السَّرابْ

إنّه أجلٌ في كتابْ

إنّهُ فرحُ الطفلةِ الغافيهْ

ربّما كنتَ يوماً تنامُ على شَالِهَا

رغمَ بَرْدِ المَسَافاتِ

وهي تنام على بيتِ شِعْرٍ

بلا قافيهْ

ذلكَ الحُبُّ،

كالصّيفِ

يحرسُهُ هوسُ اللَّحظة الحاضرَهْ

إنّهُ السّيفُ

حين يَحنُّ إلى غمدِهَا

بعد معركةٍ خاسِرَهْ.

 

(4)

هكذا ترسمُ الحُلْمَ

من صورةٍ مشتهاةٍ

لظلِّ غزالتكَ الشاردهْ

فإذا راوغتْ حلمَكَ العذبَ

شمسُ الصّباحِ

سرَتْ خلفَها نبضاتُكَ

واحدةً واحدهْ

هكذا

يُملأ الدَّهْرُ وهجَ ضلوعكَ حُزْناً

فيمحو اخضرارُ أصابِعها دمعتَينْ

حَدِّقِ الآنَ حتّى تَرى بَسْمةً

في ارتعاشِ اليَدَينْ.

 

(5)

إنّهُ الحُبُّ..

صَبّارةُ الهَجْرِ..

حين تخزُّ بأشواكِها

وَرْدَ ذاكَ اللقاءْ

إنّهُ رَجْعُ أغنيةُ الأرضِ للهِ

قبل سقوطِ المطرْ

يصبحَ الليلُ طيفَ حبيبٍ

وضوءَ قمرْ

يعزفانِ على دفترِ العشقِ

لحنَ شَجىً،

والنجومُ وترْ.

 

(6)

إنّه الحبُّ، كالماءِ:

لا لونَ، لا طعمَ، لا رائحهْ

ربّما نشتهيهِ

بقلب مدمّى،

وعطرٍ تَقَطّرَ من دمعةٍ مالحهْ

عندَ بابِ الصَّبا

يختفي حزنُ وجهِكَ

حين تبددهْ نظرةٌ حانيهْ

يكتسي أجملَ البسَمَاتِ

لكي تقرأَ المجدليّةُ فيهِ

ملامحَ ضحكتكَ الصّافيهْ.

 

(7)

إنه الحبُّ..

عصفورةٌ خَرَقْتْ،

في الجليلِ المحاصَرِ،

حظرَ التّجوّلِ

رغم القيودْ

رائحةُ الكعكِ في القدسِ

حينَ تحاصرُها، دونَ جدوى،

حِرابُ الجنودْ.

 

(8)

إنّهُ الحُبّ

فاليومَ خمرٌ وخمرٌ وخمرٌ

وفي الغدِ

نشربُ نخبَ الحنينْ

إنَّ عشقَكِ أمْرٌ

إلى أبدِ العاشقينْ

إنّه الحُبُّ..

أن تتهجّأَ رملَ المنافي

ولا يتبقّى من الإبجديّة

إلا كتابُ دمشق

ورائحةُ الياسمين.

 

(9)

إنّهُ الحبُّ

أن تدعَ الرّيحَ

تدفعُ أشرعةَ الخاتمهْ

بينما بحرُكَ العذبُ

يرسمُ عندَ شواطئهِ

أملَ الرّحلةِ القادمهْ

لّا تَعُدْ يا مُعَنّىً إلى دفْءِ بيتكَ

مِثْلَ اليَمَامْ

ربّما يحملُ القلبُ دمعَ الجدارِ

وحزنَ الأريكةِ والمزهريّةِ

أغنيةً لا تنامْ.

 

(10)

إنّهُ الحبُّ

أن تتبرعَمَ وردتُها في التهجُّدِ

ساريةً للبحارِ البَعِيدَهْ

وألا تعودَ إليكَ،

سوى فكرةٍ في قصيدَهْ.

تعليق عبر الفيس بوك