"فايننشال تايمز": "البنتاجون" يحذر من تنامي نفوذ الصين في الشرق الأوسط

ترجمة- رنا عبد الحكيم

حذر مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" من أن مساعي الصين لكسب النفوذ في الشرق الأوسط يمكن أن تقوض التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين الذين يقتربون كثيرا من بكين.

ويشعر مسؤولو الدفاع بالقلق من "رغبة الصين في تآكل المزايا العسكرية الأمريكية" في الشرق الأوسط، حسبما صرح مايكل مولروي أكبر مسؤول في البنتاجون بالمنطقة لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية. وقال إن بكين يمكن أن تستخدم الاستثمارات في الشرق الأوسط "للضغط الاقتصادي والإكراه" و"سرقة الملكية الفكرية والاستحواذ عليها".

وأضاف مولروي: "العديد من الاستثمارات مفيدة، لكننا نشعر بالقلق من أن المصالح الاقتصادية للبلدان قد تعميهم عن الآثار السلبية لبعض الاستثمارات الصينية، بما في ذلك التأثير على التعاون الدفاعي المشترك مع الولايات المتحدة".

ولطالما كانت بكين تستثمر في دول الشرق الأوسط من خلال برنامجها للبنية التحتية للحزام والطرق الذي تبلغ تكلفته مليار دولار، وتهدف من خلاله إلى تمويل الطرق والموانئ ومحطات الطاقة في بعض المناطق الأكثر فقراً في العالم. وتتنافس الشركات الصينية أيضًا مع الولايات المتحدة لبيع الأسلحة إلى دول الشرق الأوسط، بحسب البنتاجون.

وتعد الصين واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لإيران والمملكة العربية السعودية، كما أقامت علاقات وثيقة مع الإمارات العربية المتحدة ومصر.

وكجزء من اندفاعها إلى الشرق الأوسط، قامت الشركات الصينية ببناء موانئ في إسرائيل، واستثمرت في مجمعات النفط والبتروكيماويات في المملكة العربية السعودية. وتملك شركة سينوبك الصينية للنفط عدة مشاريع مشتركة مع شركة الطاقة السعودية العملاقة أرامكو السعودية، بما في ذلك مصفاة كبيرة في مدينة ينبع.

وتعد المنطقة الاقتصادية الخاصة في قناة السويس، التي أطلقتها مصر في عام 2015 لإنشاء مركز صناعي ولوجستي حول الممر الملاحي العالمي، استثمارًا صينيًا رئيسيًا آخر. والقناة هي طريق شحن حيوي يربط البحرين الأحمر والمتوسط.

أما جيبوتي، في القرن الإفريقي، فهي موطن لقاعدة بحرية صينية، وتتفاوض شركة China Merchants Port Holdings ، وهي شركة مملوكة جزئياً للدولة، للسيطرة على محطة الحاويات Doraleh في جيبوتي، أحد الموانئ الأكثر موقعًا استراتيجيًا في منطقة الشرق الأوسط.

وقالت ليزا بلاديس أستاذة العلوم السياسية بجامعة ستانفورد الأمريكية إن الصين سعت أيضًا إلى زيادة استثماراتها في إعادة إعمار سوريا ، في الوقت الذي أدى فيه عدم الاستقرار السياسي إلى ردع المستثمرين الآخرين. وأضافت بلاديس: "إن استعداد الصين لضخ دولارات التنمية في البلدان الخارجة من الصراع يمكن أن يمنح بكين اليد العليا من حيث التأثير الإقليمي". وتابعت: "اليمن، بموقعه الاستراتيجي على طول خطوط الشحن الخليجية، يوفر هدفًا صينيًا محتملًا في المستقبل".

وعلى الرغم من أن واشنطن ظلت ملتزمة بمساعدة الشركاء في المنطقة على "محاربة الإرهاب" و"تعزيز الاستقرار"، إلا أن الولايات المتحدة كانت على استعداد لاتخاذ "قرارات صعبة" لحماية التكنولوجيا الأمريكية، بحسب ما صرحت به مولروي.

فعلى سبيل المثال كانت واشنطن على استعداد للقيام بأي شيء لإبعاد التكنولوجيا الحساسة عن الأيدي الأجنبية، فقد منعت أمريكا تركيا من المشاركة في التدريبات الخاصة بالطائرة المقاتلة F-35 بعد شراء أنقرة لنظام الصواريخ الروسي "إس- 400"، وجادلت الولايات المتحدة بأن النظام الروسي سيسمح للكرملين بجمع معلومات استخبارية عن الطائرات الأمريكية في تركيا.

وقال جون الترمان خبير الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن الولايات المتحدة والصين تنظران إلى الشرق الأوسط بعبارات مختلفة، وإن الصينيين لا يريدون "استبدال" الولايات المتحدة.

وتعتمد الرؤية الأمريكية للشرق الأوسط على منافسة الحرب الباردة، حيث توجد دول حمراء ودول زرقاء. لكن الخريطة الصينية مليئة بالمناطق الرمادية، وهناك "تحوطات وتحوطات مضادة".

وواجهت بكين اتهامات بأن مبادرة الحزام والطرق يمكن أن تخلق مصائد ديون للبلدان المضيفة. لكن في أبريل الماضي، قالت الصين إنها ستلتزم بمعايير تمويل أكثر استدامة في أعقاب الانتقادات بأن العديد من مشاريع الحزام والطريق تترك البلدان المضيفة غارقة في الديون؛ حيث تقدم بكين التمويل بشروط تكافح بعض الدول للحفاظ عليها.

تعليق عبر الفيس بوك