"فايننشال تايمز": انخفاض أسعار النفط يدعم خطط توسع شركات النفط الكبرى

ترجمة- رنا عبد الحكيم

رجح تقرير لصحفية فايننشال تايمز البريطانية أن استمرار التراجع في أسعار النفط لمستويات يعيق نمو الاقتصادات المعتمدة على عائدات الخام الأسود، من شأنه أن يدعم الخطط التوسعية لشركات النفط الكبرى، من خلال لجوء الدول المنتجة للتوسع في إنتاج النفط واستكشاف حقول جديدة، بهدف زيادة الإنتاج وتعويض تراجع السعر.

وانخفض سعر النفط مجددا ونتج عن ذلك رابحون وخاسرون، فالبلدان المصدرة للنفط التي تقودها منظمة أوبك وروسيا تواصل خسارة عائدات كبيرة، وستشهد شركات النفط العالمية الكبرى انخفاضا في العائدات أيضا، لكن بالنسبة لهذه الشركات قد يكون هناك جانب إيجابي، بحسب تقرير الصحيفة البريطانية.

ويقول التقرير إنه لا ينبغي أن يكون هبوط الأسعار في الأسابيع القليلة الماضية أمرا مفاجئا، فقد تم خفض توقعات نمو الطلب على الخام في ظل المخاوف المستمرة من آثار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ويخشى الكثيرون من وقوع الاقتصاد العالمي في دائرة الركود، إضافة إلى عدم تحقق التوقعات بقطع الصادرات الإيرانية بالكامل عبر العقوبات الأمريكية، إذ تواصل الصين شراء النفط من إيران.

ويتم تزويد السوق العالمية بالخام بكثرة، وبالتالي فقد عادت الأسعار إلى مستوى 60 دولارًا للبرميل لخام برنت، وما يزيد قليلاً عن 50 دولارًا لخام وسط غرب تكساس الأمريكي، وهو وضع طبيعي منذ عام 2016.

وتشهد أسعار النفط تقلبات ومضاربات عدة، لكن أولئك الذين يراهنون على العودة إلى مستويات 80 دولارًا أو 100 دولار للبرميل سيخسرون. وتقول المجلة الصحيفة في تقريرها إن تأثير الـ60 دولارًا للبرميل أشد وطأة على البلدان المنتجة التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على عائدات النفط في دخلها القومي. فالتراجع الجديد- بعد ارتفاع خام برنت إلى 75.60 دولار في أبريل الماضي- سوف يضاعف من مشاكلهم الاقتصادية.

ويشير التقرير إلى جهود منظمة أوبك، ويقول إن "العمل ككتلة احتكارية لم يعد فعالاً"، وإنه حتى مع وجود سقف محدد لإنتاج أوبك، ودعم المنتجين من خارج المنظمة مثل روسيا والمكسيك، فإن القدرة على الحفاظ على ارتفاع الأسعار لم تعد قائمة. وأوضح التقرير أن هناك حاجة إلى إعادة الاستثمار في القطاع عبر التقنيات النفطية الجديدة مع نفاد الحقول القائمة، فيما فشلت العديد من شركات النفط الوطنية في تحديد موارد جديدة أو خفض التكاليف.

وقد يتمثل الجواب الوحيد في جذب استثمارات دولية جديدة، وهو خيار غير مريح بالنظر إلى الأهمية الرمزية لتقرير المصير الوطني الذي أدى إلى تأسيس أوبك وإنشاء شركات نفط مملوكة للدولة منذ أكثر من 50 عامًا. وبالنسبة للكثيرين، ستكون دعوة الشركات الدولية مرة أخرى رمزًا للفشل وأمرا مثيرا للجدل إلى حد كبير في السياسة الداخلية للدول المنتجة، وستكون هذه الخطوة بمثابة خطر سياسي على الشركات كذلك، لكن من المرجح أن يسود منطق الحاجة المتبادلة على كلا الجانبين.

فمثلما تحتاج البلدان المنتجة لإيرادات النفط- وفي العديد من الحالات موارد جديدة- تحتاج شركات النفط الكبرى كذلك إلى الحفاظ على مستويات الإنتاج. والعديد من المناطق المنتجة للنفط والمفتوحة للاستثمار الخاص مثل بحر الشمال وألاسكا، آخذة في التراجع. فيما تتمركز الموارد النفطية في بلدان مثل إيران وفنزويلا والمملكة العربية السعودية.

وإضافة إلى وجود حقول نفطية حول العالم غير جذابة بسبب الفساد أو أنها مغلقة أمام الاستثمار الغربي بموجب العقوبات، فمن المستحيل تقريبًا العثور على بلدان جديدة بكميات كبيرة من الموارد، رغم أن نجاح شركة إكسون موبيل الأمريكية مؤخرًا في غانا استثناءً نادرًا، بحسب وصف تقرير "فايننشال تايمز".

وخفضت الشركات العالمية التكاليف واستطاعت الحفاظ على الأرباح على الرغم من تراجع أسعار النفط على مدى السنوات الخمس الماضية، لكنها تدرك تمامًا الحاجة إلى الحفاظ على قاعدة مواردها في عالم من المحتمل أن يحتاج إلى حوالي 100 مليون برميل يوميًا خلال العقدين المقبلين.

ويرجح التقرير أن الطلب على النفط قد يصل إلى ذروته، لكن في ظل غياب التقدم التقني المؤثر سيظل عند مستوى عالٍ بالقرب من معدل الاستهلاك الحالي. ولا شك أن الشركات الكبرى تملك القدرات التقنية والمهارات الإدارية لتلبية هذا المطلب، لكن تأمين وصول الشحنات أمر ضروري أيضا.

فالشركات الدولية تتواجد في العديد من الدول المنتجة للنفط حتى تلك التي كانت مستبعدة منها سابقا- بما في ذلك العراق والمكسيك- لكن عادةً ما تكون لديها عقود خدمات محدودة تقدم عائدات محدودة للغاية. وستكون الصفقات الأفضل ضرورية لتأمين الاستثمار على النطاق الضروري.

ويقول التقرير إن عصر الاستعمار انتهى، ولذا يجب أن تتحلى الشركات النفطية الكبرى بالحساسية السياسية بما يكفي عند إبرام صفقات ذات منفعة متبادلة.

تعليق عبر الفيس بوك