ومضات فكرية من كتابات حاتم الطائي (69)

 

اليمن والدبلوماسية العمانية:
1)    الدبلوماسية العمانية - بموقفها المحايد من جميع الأطراف - لم تكن يوما غائبة عن المشهد اليمني.

2)    ظلت الدبلوماسية العمانية دائما على الحياد، وتسعى في كل وقت إلى تهدئة الأوضاع ودعم جهود الاستقرار في مختلف المراحل التاريخية التي مر بها الشعب اليمني.


3)    عمان أعلنت انحيازها إلى استقرار ووحدة اليمن وضرورة إنهاء أية صراعات، من أجل صالح الشعب اليمني الشقيق.

4)    علاقة عُمان مع اليمن ليست فقط مجرد دولة جارة، بل هي علاقات تختلط فيها صلات النسب والمصاهرة، والمصالح المشتركة، بدءا من الحدود المشتركة برا وبحرا، وحتى العلاقات التجارية.


5)    منذ اندلاع الحرب في اليمن، رفضت السلطنة رفضا قاطعا الانخراط في أي عمل عسكري، بل إنّها نادت بضرورة إنهاء مثل هذه الأعمال، والدفع نحو طاولة الحل السياسي عبر طاولة التفاوض.

6)    فتحت عمان أبوابها لجميع الأطراف اليمنية لبدء مفاوضات جادة تسعى لإنهاء حالة الحرب وإعادة بناء الدولة وإعمارها.

رسالة لأهلنا في اليمن:
على أبناء الشعب اليمني أن ينظروا إلى ضمائرهم ويستعيدوا ذكريات الماضي بآلامه وأوجاعه وانتصاراته أيضا، وأن يستمعوا إلى صوت العقل ويمضوا خلف خطى السلام والوحدة، حتى يتمكنوا من استعادة وطنهم ممن أرادوا أن يختطفوه؛ تحقيقا لمصالحهم ومصالح أطراف إقليمية هي أبعد ما تكون عن المصالح الحقيقية للشعب اليمني.

واقع الحرب في اليمن:
1)    الحرب في اليمن ليست سوى انعكاسات لخلافات إقليمية وصراع على النفوذ والهيمنة، وأنّه متى ما هدأت هذه الصراعات الإقليمية عاد اليمن إلى وضعه الآمن والمستقر، بيد أنّ هذه الصراعات تتفاقم بين الفينة والأخرى.

2)    من المفارقات التاريخية التي مرّ بها اليمن، أنّ اتفاق الوحدة بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي، تم بعد توقيع "اتفاق عدن" الذي أقر فكرة إعداد مشروع دستور دولة الوحدة، بينما هذه المدينة الآن قد تكون سببا في انهيار ذلك الاتفاق بعد 29 عامًا من الوحدة، إنّها سخرية التاريخ من الأحداث والأشخاص والسياسيين.


3)    الأزمة في اليمن أخذت منعطفا بالغ الخطورة، فيما عُرف إعلاميا بـ"أحداث عدن" والحديث عن سيطرة جماعات انفصالية على مفاصل المدينة، ليضاف ذلك إلى قائمة التحديات- بل الصعاب- التي يئن تحت وطأتها الشعب اليمني.

4)    تسببت هذه أحداث السيطرة على عدن في استعادة ماضٍ قد انطوت صفحته في عام 1990 عندما تمّ توحيد دولتي شمال وجنوب اليمن في دولة قومية واحدة، والتي كانت دلالة على انقضاء أحد أبرز تأثيرات الحرب الباردة على منطقتنا العربية.


5)    في عام 1990استطاع شعب اليمن تنحية الخصومة القبلية أو العرقية وغيرها جانبا وركزت جميع الأطراف على بناء الدولة الحديثة واللحاق بركب التقدم.

6)    المتأمل في الأفكار الانفصالية يتضح له أنّها تركز في الأساس على هدم الجدار الوطني، وتفتيت النسيج الاجتماعي، بدعوى التحرر وتقرير المصير وغيرها من الشعارات التي كانت تُستخدم إبّان عصور الاحتلال الأجنبي لدولنا العربية.


7)    إنّ تعقد المشهد اليمني يحدث تأثيرات مباشرة وغير مباشرة علينا جميعا في هذه المنطقة المضطربة التي لا يراد لها الاستقرار أو الأمن، بل تسعى القوى الشريرة إلى إبقائها رهن التوتر والفوضى والدمار، فما إن نتخلّص من أزمة حتى تظهر لنا أزمة أخرى؛ ففي الوقت الذي تتكاتف فيه الجهود لرأب الصدع؛ تتشكل غيايات أخرى لنسف هذه الجهود.


في الانفصال شرٌّ مستطير
(أ‌)    النموذج العربي:
الأقدار لم تكتب للسودان الوحدة، وفرضت عليه الانفصال إلى دولتين، دولة السودان (في الشمال) ودولة جنوب السودان، فماذا كانت النتيجة؟! دولة كبرى تمزّقت أوصالها شمالا وجنوبا، ونشبت صراعات على حصص النفط والثروات الطبيعية والموانئ وغيرها من الصراعات، وصار أبناء الوطن الواحد أطرافًا متناحرة خلّفت وراءها الكثير من الدماء، فضلا عن التردي الاقتصادي والأمني والمعيشي، ولم تعد دولة الجنوب قادرة على تحقيق "حلم الديمقراطية" الذي كانت تسعى إليه في ظل الصراعات السياسية وحرب الاغتيالات والتقلبات السياسية بين أطراف النظام الحاكم نفسه، مثلما حدث مع سلفا كير رئيس دولة جنوب السودان ونائبه ريك مشار، وحتى الآن لم تصل هذه الدولة إلى بر الأمان ولم تحقق ما كانت تصبو إليه من تطلعات لا على المستوى السياسي ولا الاقتصادي ولا أي مستوى. وفي المقابل، ساءت ظروف الدولة السودانية (في الشمال) وتقلّصت مواردها الاقتصادية بعد أن ذهبت معظم عائدات النفط جنوبا، وتفاقمت أوضاع السودانيين وزادت معدلات الفقر مع ارتفاع هائل في التضخم وتراجع كبير في مستوى الخدمات، وآلت هذه الأوضاع الصعبة إلى اندلاع ثورة شعبية أطاحت بالنظام الذي كان سببا في فقدان الجنوب، وتمزيق أوصال الوطن السوداني الكبير.

(ب‌)    النموذج الأوربي:
إنَّ انفصال بريطانيا أو ما يعرف بـ"البريكست" أحدث تداعيات سياسية واقتصادية عنيفة على المملكة المتحدة، وتسبب في إرباك الاقتصاد الأوروبي وإضعاف النمو الاقتصادي العالمي، وغيرها من التأثيرات السلبية. وفي الوقت الراهن تتجرع بريطانيا مرارة قرار الانفصال، في ظل فشل حكومة تلو الأخرى في الخروج من الاتحاد الأوروبي باتفاق بأقل الخسائر الممكنة، وفي الوقت ذاته لم تعد بريطانيا قادرة على العودة إلى مظلة هذا الاتحاد الذي كانت هي واحدة من الأعمدة الرئيسية في تأسيس بنيانه القوي، وهنا مفارقة تاريخية أخرى، فمن وضع لبنة البناء الأولى هو من يسعى إلى الهدم من الجذور.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك