" حبس الدّمّ " لنضال الصالح من التوازي الحكائي إلى تعدّد الساردين (1- 3)

...
...
...


أ.د. يوسف حطّيني | ناقد وأديب فلسطيني بجامعة الإمارات

أولاً ـ تمهيد:
حين تنتهي من قراءة رواية "حبس الدمّ" للدكتور نضال الصالح، أو ربما قبل أن تنتهي من القراءة، تجد نفسك أمام أحد انطباعين متناقضين؛ يسائلك الانطباع الأول بسذاجة الخبير المتآلف مع الفن الروائي: هل هذه رواية حقاً؟ وهل تنبطق عليها معايير السرد الروائي، وأما الانطباع الثاني فيطرح عليك سؤالاً ماكراً: هل تنحصر وظيفة المبدع في أن يتقيّد بما أنجزه النقد من معايير؟
في البدء ـ وقبل الغوص في تفاصيل دراسة أكاديمية للرواية ـ لا بد لي أن أؤكد انحيازي للإبداع الذي يتجاوز المعيار النقدي، لأنّ الالتزام بهذا المعيار ينتج تلميذاً نجيباً لمعلّم غير موثوق، بينما مسألة الإبداع تتجاوز هذا بكثير. وهنا لا نستطيع أن نهمل مسالة مهمة، وهي أن مبدع "حبس الدمّ" ناقد أكاديمي متخصص في السرد، ولا يخفى علينا، أن اجتيازه المعيارَ المألوف هو عملٌ واعٍ ومقصودٌ، ينطلق من إيمان راسخ بأنَّ المبدع الحقيقي يتعرف إلى المعايير النقدية، كي يتجاوزها، لا كي يحبس نفسه في زنزانتها.
يقوم المبنى الحكائي في رواية "حبس الدم" على حكايات متوزاية، تنتمي إلى أزمنة متباينة، ويفيد المؤلف من التوازي الحكائي في إثارة القارئ، وتشويقه، من خلال التقطيع المشهدي السينمائي الذي يدفعه للمتابعة، بينما يتعرّض خلال ذلك إلى توقفات وصفية أو توثيقية، تعزّز الحضور الجغرافي والتاريخي لمدينة حلب، والحضور الآني المتمثّل في معاناتها من أشكال الإرهاب، قبل أن يسلم السرد قياده من جديد لتطوير حكاياته.
تتكوّن الرواية من عشرين فصلاً، ويتألف كل فصل من عدة مقاطع يتنوع فيها السارد، الذي لا يقتصر سرده على الحكائية، بل يتجاوزها إلى التوثيقية، فهناك (مقبرة الصالحين)، و(بريد إلكتروني)، و(قبض ريح)، (وبمثابة المتن) بالإضافة إلى مرفقات أخرى.
•    فتحتَ عنوان مقبرة الصالحين تنضوي حكاية الرواية الأساسية، يسردها سارد خارجي عن علاقته العجائبية مع اثنين من الميتين، قبل أن يلتحق بعالمهم، في تبادل لإطلاق النار بين المسلحين الذين لا يقيمون حرمة للأموات.
•    وتحت عنوان بريد إلكتروني يقدّم الساردون الذين يتبادلون الرسائل حاضر حلب الذي يجسّد قرار الانتماء للحياة الذي اتخذه الحلبيون في مواجهة الإرهاب، حتى من خلال فعل الكتابة التي تستند إلى التاريخ (عن الأسدي وصبري مدلّل)، ويجسّد ردود أفعال هؤلاء على المواقف المستجدة؛ بغض النظر عن المآلات التي تنتهي إليها بعض الشخصيات.
•    وتحت عنوان (قبض ريح) يقدّم السارد على مدى الفصول الثلاثة عشر الأولى من الرواية،  حياة العلامة خير الدين الأسدي، بلغة الروائي الذي يستعين أحياناً بلغة الأسدي الخاصة، ويستخدم عند ذلك الخط العريض تمييزاً عن لغة السارد، وبدءاً من الفصل الرابع عشر يسقط المقطع المسمّى (قبض ريح)، لانتهاء حياة الأسدي، بينما تستمر حكايتا (مقبرة الصالحين) و(بريد إلكتروني).
•    أمّا (بمثابة المتن)، فإن الرّوائي يضمّن فيه سرده التوثيقي الذي يحتوي هوامش تضيء المسرود، ويجعلها بمثابة المتن دلالة على أهميتها، ومركزيتها، ودورها المحوري في توثيق مسرودات الفصل، أو إسناد فكرتها الأساسية. وقد يتم أسناد المسرود بمرفق أو أكثر.
•    وينهي الروائي نصه السردي بـ (رسالة لم تصل)، وهي سرد تغلب عليه الإنشائية، وإن احتوى أخباراً تبين مآلات الشخصيات التي تتبادل البريد الإلكتروني فيما بينها.

ثانياً ـ مقبرة الصالحين: الحكاية العجائبية:
يبدأ السارد الحكاية بالحديث عن مقبرة الصالحين، موثّقاً بعض معلوماته التي تتبع السرد الحكائي من كتاب كامل الغزّي (نهر الذهب في تاريخ حلب)، مشيراً في توثيق آخر إلى احتوائها على موطئ قدم إبراهيم الخليل عليه السلام، معيداً المعلومة إلى دراسة منشورة للأسدي في مجلة العمران.
وتستمر الحكاية مبتدئة من وفاة الأسدي عام 1971، بعد أن عاني من مرض السّكري الذي  نهش جسده: "وكان قبل أن يأوي إلى المبرّة، وقد نهش السكري جسده، تنقل من بيت إلى مشفى، فمشفى، إلى دار العجزة، ومن الأخيرة، بعد عام من دخوله إليها، إلى مقبرة الصالحين"، ص15. ويُتابع السارد بعد ذلك في (بمثابة المتن) تقديم معلومتين عن الأسدي، ينقل في الأولى عن عبد الفتاح قلعجي في (العلامة خير الدين الأسدي: حياته وآثاره)، أن د. إحسان الشيط ذهب إلى المبرة ليزور الزركلي، "وسأل الممرضة: كيف حال الأستاذ اليوم؟ قالت: هو في خير. أسرع إلى غرفته، فوجده، وقد أسلم الروح منذ مدة"، ص16. وأمّا المعلومة الثانية فتشير إلى أنّ قبر الزركلي مفقود، وفق ما نقله عن صحيفة الوطن 22/ 4/ 2006.
وتنفتح الحكاية من ثم على اقتحام حلب من قبل المسلحين، ومقتل شاب يربو على الثلاثين، اسمه المهندس الدكتور فهد محايري الذي حفر له أبو محمود التربي قبراً، واستقبله في مقبرة الصالحين.
ويخبرنا السرد الحكائي عن الميتين اللذين لا يزاران؛ إذ لم يجد الأسدي من يضع فوق قبره عرقاً أخضر، فيما لم يستطع أحد من أهل د. فهد الوصول إلى قبره، "بسبب سقوط حي الصالحين والأحياء المجاورة له والمؤدية إليه بقبضة غير فصيل من المجموعات المسلحة"، ص31؛ وعن السرد التوثيقي المتعلّق الخطأ السمج الذي ارتكبته المبرة وفقاً لموقع "الباحثون لسوريون"؛ حيث تم تسجيل خير الدين الأسدي في مكتب دفن الموتى باسم "ضياء الدين أسد"، ص32؛ ثمّ تتخذ الحكاية بعداً عجائبياً (فانتازياً) إذ يسمع التربي صوتاً، فيذهب صوب مصدره، ولا يرى أحداً، ثم يعود مرة أخرى على رؤوس أصابعه خائفاً مرتجفاً مستعيذاً بالله وآياته، فيسمع حواراً بين اثنين، ثم يرى ظلّين لرجلين يغادران المكان، فيستعيذ ويتلو من آي الكتاب الكريم:
"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".

ويتشّجع أبو محمود متسلّحاً بإيمانه؛ في محاولة لرصد ما عجز عن تفسيره في ليلتين سابقتين، فيرى "ميتين يغادران قبريهما، ينضوان عنهما كفنيهما، ثم يبسطان الكفنين فوق التراب تحت شجرة لم يكن رآها من قبل على الرغم من وجوده في المقبرة منذ ما يزيد على خمسين عاماً"، ص55.
من أين أتت هذه الشجرة؟ وكيف لم يرها أبو محمود من قبل؟ سؤالان يفتحان السرد على بيئة عجائبية تمهّد لأبي محمود المؤمن/ الفضولي، في الليلة الرابعة، أن يخفي نفسه قريباً من الرجلين، من أجل أن يسمع حوارهما، بعد أن عرف فيهما الأسدي ود. فهد الذي قُتِل حديثاً، فـ "تناهي إلى أذنيه صوت الدكتور يقول:
ـ مثلك لا يموت يا سيّدي.
ثم صوت الأسدي:
ـ متُّ وشبعتُ موتاً يا بنيّ، فقد مضى على ذلك ما يزيد على أربعين سنة"، ص65.
ويشار هنا إلى أن الحوارات التي كانت تجري بين الرجلين، والتي انضمّ إليها التربي لاحقاً، تمتاز بالقصر، والإخبارية، إلا حين يتبادل الرجلان ما جاء في "أغاني القبة" التي كتبها الأسدي، وحفظها د. فهد، أو حين يتبادلان الشعر الذي يحفظه كلاهما من التراث العربي الخالد. غير أنّ الأسدي، وفقاً للمنظور الروائي، رغم إنكاره من قبل الكثيرين، لم يخلط بين البشر والمكان، وحافظ على سمة العاشق الحلبي الذي لا يفقد بوصلته، وصواب رؤيته، على نحو ما نجد في هذا الحوار المتخيّل بينه وبين د. فهد:
"ـ أنكرتكَ حلب يا سيّدي.
ـ حلب لا تُنكر عاشقيها يا بنيّ.
ـ وكنتَ تهبُها روحك كلّها.
ـ لأنها تستحق، لأنها ابنة الأزل حيث كان الإنسان الأوّل في التاريخ، ولأنها ابنة الأبد"، ص75.
وفي موقف تعبيري بالغ الأثر ترصد الحكاية إطلاق رصاص خلال حوارهما، فيختبئان: كل في قبره؛ إذ بلغت قسوة المسلحين حداً يجعل الميت يهرب من الموت، وها هو ذا الأسدي يسأل محاوره هامساً عمّا يحدث في حلب، فيجيبه:
"ـ حلب تكابد الموت يا سيّدي.
ولم تكد أصوات الرصاص تهدأ، حتى عادا إلى موضعهما تحت الشجرة"، ص85.
وهنا يضفر د. نضال الصالح الحكائي العجائبي إلى التوثيقي؛ ليقدّم جزءاً عمّا يجري في حلب، موثقاً معلوماته من مصادر المعلومات التي تدعم الدولة السورية، والتي تدعم مناوئيها على حدّ سواء، فينقل عن الـ بي بي سي والمنار وصحيفة تشرين وصحيفة "دنيا الوطن"  و"المرصد السوري لحقوق الإنسان":
•    "مراسل بي بي سي في دمشق قال: إن هذا التفجير هو الأول من نوعه في حلب منذ بداية الأحداث.
من جانبها قالت الهيئة العامة للثورة السورية أنّ انفجاراً كبيراً هزّ منطقة حلب الجديدة، وأدّى إلى تكسّر زجاج نوافذ بعض البيوت"، ص ص86ـ87.
•    "مجموعة من التفجيرات قرب مبنى الأمن العسكري في حلب، بعملية انتحارية من خلال سيارتين مفخختين، ما تسبب في استشهاد 28 شخصاً على الأقل (24 من أفراد قوات الأمن وأربعة مدنيين)، وجرح 235 آخرين".
قناة المنار 10 /2 / 2012. ص87.
•    "سقوط صاروخين على جامعة حلب،أسفر انفجارهما عن استشهاد ما يزيد على اثنين وثمانين مواطناً، وإصابة أكثر من مئة وستين بجراح متفاوتة"،
صحيفة تشرين 15/ 4/ 2012. ص88.
•    "ناشط سوري معارض يؤكّد لعربي برس أن منفّذ العملية الانتحارية يوم الأحد الفائت في حي الإذاعة بحلب التي أسفرت عن مقتل 27 مدنياً وعسكريين اثنين هو تونسي الجنسية، وقد قدم غلى سورية لتنفيذ عملية استشهادية، يقتل خلالها أكبر عدد من الكفار"، ص88.
ونشير هنا إلا أننا لا يمكن أن ننقل عدداً أكبر من الأخبار المهمة والمعلومات التي اجتهد د. نضال في تحصيلها وجمعها، ولكننا نورد بعضها لندلل على تسويغها الحكائي، فالأخبار السابقة التي اخترنا بعضها يتلوها د. فهد على مسمع الأسدي، وكأنّه يقرأ من جريدة، وهذا ما أصاب علّامة حلب بالحزن والغمّ:
"وبينما دموع تزدحم في عينيه، وتغادرها بعد عناد، فيخضلّ شارباه ولحيته الباذخة البياض، سأل:
ـ أهذا كله يحدث في حلب يا بنيّ.
ـ بل بعض ما يحدث يا سيدي.
ـ لمَ؟ من أجل ماذا؟
ـ من أجل أن يسقط النظام.
ـ النظام السياسي؟
ـ و.......
ولم يدع الأسدي الدكتور فهد يكمل ما بعد واوه، بل تعكّز قدميه الضامرتين، ومضى نحوه حفرته، وأخذ يهيل التراب فوق جسده"، ص ص97ـ98.
ولا يكتفي د. نضال الصالح بما سبق من خطوات عجائبية نالت الشخصيت والمكان، بل يستنفر هذه الإمكانية، قبل أن يجنح السرد إلى الإملال، فيضيف قفزة جديدة، ففي أثناء حوار بين الميتَين الذي هو عجائبي أصلاً، ينهض موقف عجائبي جديد، يتم فيه التواصل بين عالم الأحياء وعالم الأموات؛ إذ تشتبك مجموعتان مسلحتان (كلتاهما ترددان الله أكبر)، ويعوي الموت في كل مكان في المقبرة:
"وعندما اشتدّ عواء الموت بين المجموعتين جنوناً، وكاد يبلغ الأسدي وفهد أيضاً، لم أجد نفسي إلا وانا أصرخ:
ـ أرجوكما عودا إلى القبرين.
فاخترق ضحكهما المكان، وقالا بصوت واحد، كأنهما متفقان:
ـ تعال يا أبا محمود، تعال"، ص122.
ومع دخول أبي محمود مجال التواصل مع الأسدي والدكتور فهد تنفتح حكايته على مصراعيها، حيث يروي لصديقيه ما عاناه من مرارة الحياة كاشفاً أنه فتح عينيه على الحياة في المقبرة، وأنّ الحاج محمود مغايري هو والده الذي رباه، وأنّ أمه هي زوجة الحاج محمود عيوش، وأن أبويه الحقيقيين لا يعنيان له شيئاً:
"لم أعرف أخاً لي ولا أختاً، عرفت فقط أن أبي هو الحاج محمود مغايري، وأن أمي هي الحاجة عيّوش حبّال. فتحت عيني على الحياة في مقبرة الصالحين، أساعد أبي في حفر القبور ودفنالموتى"، ص148.
ولأنّ الشخصيات الثلاث دخلت ساحة التواصل غير المألوفة التي ستصبح مألوفة للقارئ بعد قليل، كان لا بد من موقف حكائي جديد، ينبني في الأساس على أسطورة روح الميت التي ترفرف حول القبر، وتحسّ بما يجري حولها؛ فبينما يتحدث الأسدي إلى رفيقيه يرى الجميع امرأة في المقبرة بعد منتصف الليل تصرخ:
"يوب، يا يوب، يا يابو، خطفوا أخوي محمد وقتلوه"، ص169. وفجأة:
"ولم يكد الأسدي يردّ  [على المرأة النائحة] بكلمة واحدة، حتى كأن لم يكن شيء، لا امرأة، ولا عويل"، ص170. وقد علّق الأسدي: "إنها روح الميت التي لا تموت. التي تحس بكل شيء. روح صاحب هذا القبر هي من كانت امرأة قبل قليل.
ويستطيع د. نضال أن يغلق هذه الحكاية بذكاء شديد، حين يصاب التربي نفسه برصاص المسلحين، ويُقتل إثر ذلك، غير أنه يتواصل مع الأسدي ود. فهد، دون أن يدرك قاعدة التواصل الجديدة (حديث ميت إلى ميتين)، فيروي لهما حلماً/ كابوساً مرعباً عن إصابته بالرصاص، دون أن يعلم أنه انضمّ إلى قافلة الذين غادروا الحياة:
"نهض الشيخ صبحي أبو محمود من نومه، فزعاً من الحلم الذي رآه. نفث عن يساره ثلاثاً، واستعاذ من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاثاً، كما تعلم من علوم الحديث في الكلتاوية"، ص175؛ إذ رأى نفسه صريعاً في الحلم/ الكابوس، غير أن السياقات اللاحقة تظهر مقتله على نحو ما يظهر في المقطع التالي الذي يدخل فيه الشبحان إلى غرفة أبي محمود التي لاذ بها شاب في السادسة عشرة من رصاص الاشتباكات بين المسلحين:
"رأى رجلاً لا يظهر من الكفن الذي يحيط به جسده سوى وجهه، ثم يمضي نحو زاوية الغرفة، قم يقعي على الأرض، ثم يحدّث أحداً قائلاً، وثمة دموع تنهمر من عينيه حتى تبلل شاربيه ولحيته الباذخة البياض: يا شيخ صبحي أنا خيرو، محمد خير الدين، خير الدين الأسدي. ثم ينقتح الباب عن آخر فارع القامة، ولا يظهر من الكفن الذي يمسكه على جسده سوى وجهه، ثم ينهض الأسدي، وهو يردّد: الله يرحمك عمي أبو محمود (...) ثم كأنما يحدّث نفسه: لم يكن حلماً ما حدث، ثم يمسح على كتف أحد لا يراه، ثم يقول للاسدي:
ـ أترى يا سيدي؟ ما تزال الدماء تنزف منه"، ص186.
ويؤكّد المقطع الأخير من (مقبرة الصالحين) المآل الحكائي لكل من الشخصيات الثلاث، عبر العودة إلى تكرار مشهد مبكّر، غير أن الفارق الوحيد هو انضمام أبي محمود إلى صديقيه:
"ثمة ثلاثة موتى في مقبرة الصالحين يغادرون قبورهم ثم يسندون ظهورهم إلى جذع شجرة كبيرة تتوسط المقبرة، ثم يشرعون أكفهم نحو السماء، ثم يرددون بصوت واحد: اللهم احمِ حلب"، ص191.
(يتبع...)

 

تعليق عبر الفيس بوك