بعد 3 سنوات من عمر المجلس

وعود "اتحاد القدم" لم تدخل حيز التنفيذ .. و"المراحل السنية" تُعاني التهميش

...
...
...

 

الرؤية – وليد الخفيف

تنتشر المواهب الكروية في كل ربوع السلطنة، بيد أنَّ المُستغل منها يبدو قليلاً مقارنة باتساع شريحة الانتقاء، ويعود ذلك لسطحية العمل المفتقد للمنهجية الكروية مع غياب الاستراتجية الواضحة، والبرامج الزمنية الدقيقة، وقبل هذا وذاك فالقائمون على شؤون الكرة يفتقدون الإيمان بقيمة تطوير المراحل السنية باعتبارها الاستثمار الحقيقي لتحقيق طموحات وتطلعات الجماهير العمانية مستقبلاً.

وعكست نتائج ومستويات منتخبات المراحل السنية في الآونة الأخيرة فقر الاهتمام بهذا القطاع، إذ دبَّ التراجع مع قرار الأسترالي جيم سليبي قبل عدة سنوات بإلغاء مراكز البراعم في المحافظات والتي تم تأسيسها في السابق وانتجت العديد من الأسماء، ففكرة سيلبي القائمة على إلغاء مراكز البراعم واستبدالها بمراكز مصغرة داخل الأندية لم تترجم بالصورة الصحيحة لتفتقد السلطنة إثر قرار غير مدروس اعتمد من مجلس الإدارة آنذاك رافدًا هاماً لتعزيز منتخبات المراحل السنية.

ويبدو أنَّ سيلبي لم يكن حجر العثرة الوحيد أمام تطور المراحل السنية، فرغم الوعود البراقة التي قطعها المجلس الحالي على نفسه غير أن ثلاث سنوات مضت من دورته دون أن يلمس الملف التجديد أو التطوير بل طاله التراجع على كافة المستويات.

وتنفرد الكرة العُمانية بعدم وجود منتخب للبراعم يترقى منه لاعبو منتخب الناشئين، فمنتخبات المراحل السنية في السلطنة تبدأ من مرحلة الناشئين لتفتقد فترة عاملة في تكوين لاعب كرة القدم والارتقاء بعمره التدريبي ليتماهى مع العمر التدريبي لمنافسيه.

ويأتي غياب منتخب البراعم تزامنًا مع ملفات أخرى مهملة أدت في الأخير لتراجع نتائج قطاع المراحل السنية أبرزها المسابقات التي تفقد للتجديد تزامنا مع تنفيذها لأداء الواجب دون خطة حقيقية ترمي لتعزيز المخرجات الفنية بما يتفق مع الأهداف الموضوعة في ملف التطوير العام.

وتُعاني المسابقات من قلة عدد المباريات وقصر مدة البطولة، تزامنًا مع ضعف اهتمام معظم الأندية بلاعبي تلك الفئة، وغياب الدعم والحافز المادي والمعنوي المقدم من قبل الاتحاد العماني لكرة القدم.

يشار إلى أنَّ مسؤولي المجلس الحالي قد انتقدوا في وقت سابق تعامل المجلس السابق مع ملف مسابقات المراحل السنية، بيد أنهم نفذوا نفس المنهج بعد وصولهم لمقعد المسؤولية دون تجديد تحت مبرر ضعف الإمكانات المادية.

ومع رحيل الأسترالي سيلبي الذي دشَّن في عهده القضاء على مخرجات البراعم بامتياز وتولى المصري فتحي نصير وصولاً للمغربي رحمة الله ولا جديد يلوح في الأفق.

فتحي نصير الخبير الفني السابق قال إنه قدَّم دراسة متكاملة للمجلس الحالي بقصد تطوير قطاع المراحل السنية عبر عدة إجراءات منها عودة مراكز البراعم تزامناً مع تطوير المسابقة بزيادة عدد المباريات ومد أمد البطولة غير أن المجلس لم يعتزم تطبيقها حتى مغادرته لموقعه.

ولم يقف الاهتمام بقطاع المراحل السنية عند حد فض مراكز البراعم وتدني مستوى المسابقات وتراجع مستوى التحفيز المادي والمعنوي وافتقاد الأندية لأهمية هذا القطاع والسعي لاستراتيجية شراء اللاعب الجاهز فحسب بل تخطى لغياب متواصل للمواهب التي تزخر بها مدارس تعليم كرة القدم.

ويبدو أن تسجيل مدارس كرة القدم في قائمة اتحاد الكرة أمر شكلي لم يغادر الأدارج التي تحتفظ بأوراق الاعتماد، فلم يقدم الاتحاد يوماً المشورة الفنية أو الدعم المادي واللوجيستي لتلك الأكاديميات التي يقدر عددها بالمئات في شتى مناطق السلطنة.

لقد أدى الاهتمام السابق بقطاع المراحل السنية لتحقيق نجاحات مقدرة، تزامنًا مع مؤشرات نجاح إيجابية وتبدو الضمانات كبيرة حال اهتمام حقيقي مرتكز على عدة معايير فنية صحيحة.

ويتعين على اتحاد كرة القدم أن يفي بوعوده وأن يتبنى مشروع الاهتمام بالمراحل السنية وفق إجراءات مضت عدة دول قدمًا في تنفيذها فحققت أهدافها ومن تلك الإجراءات ضرورة العودة لتدشين مراكز البراعم في المحافظات كمحور أصيل، تزامنًا مع تطور موضوعي للمسابقات من خلال زيادرة عدد المباريات ومد أمد البطولة، مع تعزيزها باهتمام مادي ولوجستي ومشورة فنية مستمرة من قبل الاتحاد.

إنَّ ضعف الإمكانيات الذي يتخذه البعض شماعة للإخفاق والكسل في تنفيذ مشروعات هادفة ليس سبباً بل سوء إدارة الأموال هو السبب الحقيقي، فالمتابع للحساب الختامي للاتحاد الكرة بوسعه أن يصل لتلك القناعة، فهناك العديد من البنود الهامشية يحدد لها موازات أكبر من موزنة مشروع مراكز البراعم بكثير.

وتتبع بعض الاتحادات الرياضية خططاً متنوعة لتطوير قطاع المراحل السنية، فهناك خطة عاجلة تتمثل في تطوير المسابقات المحلية، وخطط متوسطة وبعيدة المدى ترتكز على مخرجات مراكز البراعم التي تنبثق منها بعد ذلك مراكز النخبة التي تُعد نواة التطوير المستقبلي في الدولة.

أما المحور الآخر فيتمثل في الجانب الفني من خلال تحديد دور المدير الفني بالاتحاد نحو هذا الملف، وقدرته على تطبيق المنهجية الكروية الموحدة لكل لاعبي المراحل السنية من أجل الوصول للهوية الكروية التي يفتقدها منتخباتنا الوطنية للمراحل السنية.

توحيد المنهجية الكروية يحتاج لعمل كبير مرتكز على تبني جميع مدربي المراحل السنية لفكر كروي واحد، يُدير دفته المدير الفني بالاتحاد، وبدوره يختار مدربين أكفاء وفق معايير واضحة، بحيث يتم عمل استمارة موحدة للانتقاء وفق معايير عالمية ومن الممكن الاستعانة بأكاديمية السلطان قابوس في هذا الملف فيما يخص الاختبارات والمقاييس.

وتعد عملية التقويم الصحيح سواء ربع السنوي أونصف السنوي إجراء أصيلا للوقوف على مؤشرات النجاح من عدمه، ووسيلة مثلى للكشف عن نقاط القوة لتعزيزها والضعف لعلاجها من أجل المضي قدما في تنفيذ البرنامج الزمني المعد بشكل دقيق.

وربما تكون مدارس كرة القدم والمدارس بشكل عام مصدر الموهبة الأهم، لذا فالعين الخبيرة في الانتقاء عامل أصيل في النجاح المنشود، كما أنَّ الآمال معقودة على تغيير فكر اتحاد القدم نحو اتباع سبل أخرى إبداعية تفضي إلى فتح آفاق التعاون الجاد مع أندية أوروبية لتمهد الطريق أمام احتراف الناشئين في أروقة تلك الأندية بقصد تشكيل أرضية صلبة من اللاعبين المحترفين المعززين بالخبرة والثقة ليكونوا عماد المنتخبات الوطنية مستقبلاً.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك