المشهد الأدبي بين الواقع والمأمول (6)

 

مروان المخلافي | اليمن

 

ما فشل في صنعه واقع البؤس  للمثقف العربي ، ينجح به النفاق وتعظيم الأشخاص هذه المرة... في حديثنا عن المشهد الأدبي بين واقعه والمأمل لن أستطيع كغيري المرور  دون التطرق للواقع الذي فشل في صنعه شاهد البؤس  للمثقف العربي ، وينجح به النفاق القائم على تعظيم الأشخاص كثير منهم في طور التخلق والتشكل والنشوء  كما أسلفنا ولكن بوجه آخر هذه المرة يتمثل في إعطائنا الحق والمبرر لهؤلاء لأن يشمخوا من فوق أعناق خلق الله بغرورهم كسلوكيات مكنت لهؤلاء العيش في ظلالها بفعلنا المجامل التي تجعلهم يستخدمون أساليب يستبيحون بها احترام الآخرين ممن لا يعترفون بهذه الثقافة لعدم مهادنتهم ، ووللواقع الصريح والواضح الذي يتعاملون به مع هؤلاء الذين لم يتعودوا عليه من المتلقين وزملاء الحرف من المديح وثناءآت التعظيم ،  حتى إذا مسهم رأي صريح من هؤلاء فيهم وفي أدبهم اتعاملهم وبعض مايكتبون انتفضوا كما ينتفض الطير حين يبلله المطر ، فيلجأون لحظرهم من وسائل التواصل بمبررات واهية يحاولون تسويقها كمبرر لمثل هذه الأساليب ، ويقيني أنه ما من واحد منا إلا وقد تعرض للحظر بأسلوب أو بآخر من أحد الأدباء والشعراء ضاق برأيه وأسلوبه في الحديث فحظره.

وحقيقة فالحديث عن ثقافة الحظر للأشخاص حديث يطول لممارساته الحاصلة على نطاق واسع بين الأدباء والكتاب أنفسهم ، فضلاً عن القراء والمتلقين ، وكم استبشر القراء وبالخصوص الأدباء والكتاب مع بداية ظهور وسائل التواصل والتعرف عليها وإمكانياتها الهائلة في صناعة التواصل المباشر عبر الافراد ، وتجسير الفجوات القائمة على تذويب المسافات وتقريب وجهات النظر ، لكن للأسف الشديد مازال واقعنا الثقافي ومشهدنا الأدبي في البلدان العربية على تفاوت مستوياته - سلباً وإيجاباً - واقع بئيس لا يرتقى لأن يكون واقعاً محترما يشار له بالبنان لكعبه العالي ومستواه الرفيع.

وكثيرون تمنوا لهذا الواقع أن يكون أكثر وعيٍ وإدراكٍ بظروف المرحلة لينم تفكيره بروح المسئولية التي من شأنها تهذيب الواقع الثقافي والأدبي لتسوده روح الارتقاء به على الدوام ليعكس حالة الانضباط والرسوخ المتوازنة والموضوعية التي ينبغي أن تحكم الإيقاع وتضبطه على نحو يتعارف عليه الآخرون يحمي قلاع الأدب بأحجاره المتينة.

المحزن أنه وفي الوقت الذي ينتظر فيه المثقف العربي إنصافه من رعاة الأدب ، وأرباب الثقافة يطل علينا الواقع البئيس للمثقف العربي بوجه جديد وأسلوب أجد من فصول المعاناة تسير بالتوازي  مع تغمير البعض على حساب تطمير الآخرين في إطار العلاقات ، ألا وهي استخدام أساليب الحظر التي تفرز علاقات هشة في الأوساط الأدبية لا يسود فيها الاحترام .

وحظر الأشخاص ثقافة تكرس لرفض الآخر باختصار مهما كانت الجناية التي ارتكبها المحظور منحطة في تناولها ، فقد كان بالإمكان الإعراض عن هؤلاء بمرور كريم لا ينتبه فيه لهم ، على أن الأسلوب المحترم في رقيه يخفظ لا محالة من حدة الأساليب المبتذلة المنحطة ، وأعرف أن المشهد الأدبي تحدث فيه أساليب الحظر وتمارس لأسباب نعرفها جميعاً تتمثل في عدم رضانا عن البعض فنلجأ لهذا الأسلوب كنوع من التشفي ، وقليلون من يستخدمون الحظر لبعض الأشخاص للأسباب التي ذكرناها في الأعلى مع التأكيد بأن أسلوب الحظر حرية شخصية صرفة للإنسان أن يتعامل به على "كيف كيفه " دون أن يسأل عن سببه ، فقط وددنا توصيفه من وجهة نظر ليس إلا .

وحين يتم القول أنه مهما كان مستوى تجاوز البعض في وسائل الإتصال على الآخرين ليس هناك مبرر وجيه لحظر الأشخاص من منصاتنا التواصلية سواء كان الأمر شخصي أو بسبب وجهات النظر المخالفة ، نقول ذلك لأن هناك الكثير مما هو متاح للجوء إليه في مواجهة البعض بدلاً من استخدام أساليب الحظر. ، والمواجهة بالحوار والنقاش العقلاني والمنطقي والهادئ ، ثم لما الحظر ورفض الآخر وقد خلقنا الله متنوعون في تفكيرنا وللزوايا التي ننظر للأمور من خلالها.

جبان وبكل عنفوانه ، وعديم القدرة على المواجهة ، وصاحب ثقة مهزوة بنفسه من يلجأ لأسلوب الحظر لسين من الناس أو صاد ، وفيه غرور شامخ ومقصود فوق مقداره ومقامه إن لجأ إليه بسبب نقاش تأكد له بحسب ظنه بأنه ينال من مقامه التي بناها عنه الآخرون وعظموه على ضوئها أشراً وبطراً ، نفاقاً ومجاملة.

البعض يحدث نفسه بأن مواجهة البعض من أمراض النفوس تعب ، ويدخله في مماحكات لا طائل منها قد تأكل من عقله وتفكيره الكثير  فيلجأ للحظر قطعاً لأمر قد يترتب من جراء خوضه في نقاشات قد يراها عقيمة من وجهة نظره ، ومن أجل إبعاد نفسه منها ومن منطلقها يحاول الانزواء عن ذلك ، يفهم على ضوء هذا استخدم البعض لأسلوب الحظر والحذف ، وكذلك إن جاء بسبب البذاءآت الممارسة من  البعض كنوع من كف الأذى الذي قد يتسبب به هؤلاء ، علماً بأن هؤلاء هم في الأصل لا يسيئون إلا لأنفسهم ، وكل شيئ مردود عليهم ، ولن يمس شيئ من ذلك قدر ومقام من وجه البذيئ سليط اللسان سبه وشتمه في وجه هؤلاء ، لكن ما لا يفهم هو استخدام هذا الأسلوب في وجه من يناقشون ويتسائلون ويثيرون حواراً بين يدي من يكتبون في بعض الأحيان عن بعض القضايا ، حتى وإن كان لدى هؤلاء الذين يثيرون النقاشات موقفاً مسبقاً عنك ، أو تصوراً ربما لم تصله صورته الكاملة عنك ، وربما البعض يحاول استدراكك نحو مواطن الاستفزاز وإخراجك عن طورك بنقاشه الذي قد يكون عقيما ولا فائدة منه ، بإمكانك تجاوزه بهدوء مؤدب ، وأسلوب صامت لست مطالب فيه بالرد بقدر ما أنت مطالب بترك أثر يعيد هؤلاء لجآدة الصواب بأسلوبك الجميل الذي لن يكلفك الكثير من ذلك .

تعليق عبر الفيس بوك