مصفاة صلالة.. حُلم تحقق

علي بن سالم كفيتان بيت سعيد

 

وقعت المنطقة الحرة بصلالة مؤخراً اتفاقية بناء مصفاة صلالة لتكرير المشتقات النفطية، ولا شك أن الحدث هام ومفرح، فهذه المنشأة الحيوية التي طالبنا بها منذ عامين في مقال تحت عنوان (منطقة حرة منزوعة الدسم) أصبح اليوم أمراً واقعاً بفضل الجهود المخلصة التي بذلتها الجهات المختصة وعلى رأسها مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار فقد كان معالي السيّد المحافظ أثناء مقابلتي له أبريل الماضي حريصا كل الحرص على الدفع قدماً بعجلة المشاريع الحيوية في المحافظة؛ فكان معاليه صادقا وواضحا في حديثه الطويل معي ذلك النهار ولن أنسى الكلمات التي عبّر بها معاليه عن دعمه للأقلام المخلصة والوطنية، وتقبله للنقد البناء الذي يصب في صالح الإنسان والوطن.

كان مقالنا السابق "منطقة حرة منزوعة الدسم" يتناول موضوعاً اقتصاديا يهدف لخير الإنسان ورفع مستوى الرفاه الاجتماعي من خلال تفعيل أكبر لمنطقة صلالة الحرة، والتي تتميز بموقع استراتيجي قلّما تجده في العالم مع ظهير اقتصادي يمكن المراهنة عليه وميناء عالمي يشهد نموا مضطرداً عام بعد أخر؛ رغم التقلبات الدولية والإقليمية واهتمام الكثير من الفاعلين الاقتصاديين بموانئ بحر العرب وباب المندب فقد ظلّ ميناء صلالة الواجهة المفضلة والآمنة التي تقدّم خدمات لوجستية محترفة وعالية الجودة بإدارة كفاءات شابة عُمانية تخلط الليل بالنهار للحفاظ على التميز.

سنراهن مجدداً على الدفع الذي يقوده معالي السيّد المحافظ لتوطين الصناعات الثقيلة وتسهيل الإجراءات أمام الاستثمار الخارجي في منطقة صلالة الحرة في ظل جهود مقدرة يقودها الرئيس التنفيذي الحالي ونأمل من مجلس إدارة المنطقة أن يتجاوب مع التطورات الأخيرة التي أعادت لنا جزءا من الثقة التي افتقدناها خلال المرحلة السابقة فاليوم أصبحت الطاقة المطلوبة لتحريك العجلة الاقتصادية بريسوت متوفرة بعد أن تمّ رفع حجم تدفق الغاز الطبيعي للجنوب وبذلك تزول أحد أهم التحديات التي كانت تواجه الاستثمار في المنطقة الحرة بصلالة، والتي كتبنا عنها قبل عامين؛ فكل الشكر للجهات التي تجاوبت وعملت طوال تلك الفترة على إعادة تأهيل الوضع الاقتصادي للمنطقة والسعي الحثيث لتجديد اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

حسب المعلن عنه في اتفاقية مصفاة صلالة فإنّ هذه المنشأة الحيوية ستسمح بتدفق 150 ألف برميل من المشتقات النفطية يوميا مما سيعمل على تغطية الحاجة المحلية للمحافظة سواء كان ذلك في الجانب الاستهلاكي اليومي للمركبات أو ما تتطلبه المشاريع المرتقبة في المنطقة الحرة، وستزول بذلك معاناة انقطاع امداد المحافظة بالمشتقات النفطية أثناء الأحداث العارضة كالأعاصير والعواصف الاستوائية وغيرها مما يعد تكيفاً مع ما بات يعرف بتغير المناخ العالمي.

تبلغ تكلفة المشروع 2,5 مليار دولار وسيساهم باستيعاب أكثر من 600 باحث عن العمل مع اكتمال كل مراحله وهذا بلا شك ما رمينا إليه حول أهمية توطين المشاريع الأساسية التي تخفض من نسبة الباحثين عن عمل وتمنح الثقة في اقتصادنا الوطني فحسب بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تأتي محافظة ظفار ضمن المحافظات الأعلى من حيث عدد الباحثين عن عمل مقارنة بعدد السكان، ولدينا يقين عميق بأنّ الموقع المميز لمحافظة ظفار لديه الإمكانية الكافية لاستقطاب عشرات المشاريع العملاقة التي يمكنها استيعاب آلاف فرص العمل لأبنائنا في ظفار وبقية مناطق السلطنة.

في الختام نذكّر بأنّ دائرة اهتمامات أبناء المحافظة يجب أن تتجه نحو البناء والتعمير وترسيخ التنمية والبعد عن النعرات والتحزبات التي لم يصبح لها مكان في عالم اليوم، فالجميع في هذا الوطن الغالي الذي بناه جلالة السلطان - حفظه الله ورعاه يسعى لبلوغ النسب الأعلى في الإنجاز ورفع مؤشر النمو الاقتصادي بينما لا زال البعض للأسف يفكر في اختراع العجلة!!!