التقرير الأسبوعي يبرز العوامل المؤثرة في تحريك الطلب على الطاقة وانبعاثات الغازات الدفيئة

"QNB": الغاز الطبيعي محور أساسي للتحول إلى اقتصاد مبني على مصادر طاقة منخفضة الكربون

مسقط – الرؤية

تقل نسبة الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الكهرباء بالغاز الطبيعي بنسبة تزيد عن 50% عن حرق الفحم، بحسب التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني QNB، الذي ركّز على عدة عوامل تثبت أن الغاز الطبيعي يعد إلى حد بعيد أنظف وقود أحفوري، كما يعد محورا أساسيا لتحقيق التحول لمصادر الطاقة منخفضة الكربون، مستعرضا العوامل التي تحرك الطلب على الطاقة و"انبعاثات" الغازات الدفيئة، وخاصة ثاني أكسيد الكربون.

ولأن مصادر الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية والسدود الكهرومائية وتوربينات الرياح لا ينبعث منها غاز ثاني أكسيد الكربون مباشرة عندما تنتج الطاقة، فقد يعتقد المرء أنه يمكننا تقليل الانبعاثات وحل مشكلة تغير المناخ من خلال التحول بالكامل إلى مصادر الطاقة المتجددة. ولكن لسوء الحظ، ليس الأمر بهذه البساطة، وهناك عدد من القضايا التي تحتاج إلى معالجة.

أولاً، يؤدي تصنيع وتثبيت وتشغيل وصيانة مصادر الطاقة المتجددة بشكل غير مباشر إلى انبعاثات يجب أخذها في الاعتبار. ثانياً، على الرغم من التقدم السريع في تخفيض التكاليف، تظل مصادر الطاقة المتجددة أعلى تكلفة من الوقود الأحفوري في غالبية البلدان والمواقع، وخاصة عند المقارنة مع البنية التحتية القائمة. ثالثاً، تصبح موازنة التحميل اليومية لشبكة الطاقة أكثر صعوبة كلما زادت حصة الكهرباء الناتجة عن مصادر الطاقة المتجددة. رابعاً، تزداد أهمية موازنة الحمولة الموسمية مع إنتاج قدر أكبر من الطاقة الشمسية في الصيف مقارنةً بفصل الشتاء، في حين يبلغ الطلب على الطاقة لتوليد الكهرباء وللتدفئة ذروته في فصل الشتاء في معظم الاقتصادات الكبيرة. خامساً، تهيمن الشركات الكبرى على قطاعات الخدمات العامة في معظم الدول، ولدى هذه الشركات أساطيل قديمة من محطات الطاقة ومصالح خاصة والقدرة على ممارسة الضغوط على الحكومة.

ويخضع قطاع الطاقة في معظم البلدان لقواعد تنظيمية صارمة لأن الحصول على إمداد كهربائي موثوق به ومنخفض التكلفة أمر ضروري لدعم النمو الاقتصادي المحلي والقدرة التنافسية للصادرات. ويعني مفهوم "أمن الإمداد" في الأساس القدرة على توفير الكهرباء في ظل مجموعة واسعة من الأوضاع الاقتصادية والمناخية والجيوسياسية. وتتبادر إلى الذهن أربعة أمثلة رئيسية على ذلك. أولاً، استجابة اليابان لكارثة فوكوشيما دايتشي النووية في عام 2011 عندما أغلقت البلاد محطاتها النووية الأخرى لإجراء اختبارات السلامة واضطرت إلى زيادة الاعتماد على محطات الطاقة التي تعمل بالغاز للحفاظ على أمن الإمداد.

ثانياً، استجابت ألمانيا لكارثة فوكوشيما بالإغلاق التدريجي لمحطاتها النووية على الرغم من عدم تعرضها لخطر التسونامي؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة كبيرة في استخدام محطات الطاقة القديمة التي تعمل بالفحم، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى فشل ألمانيا في تحقيق أهدافها البيئية لعام 2020.

ثالثًا، تواصل بولندا الاعتماد على محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم لتوليد غالبية إنتاجها من الكهرباء، لأنها لا تريد أن تصبح معتمدة على الغاز الروسي.

رابعاً، اعتمدت الصين على الفحم لتحقيق معظم النمو الكبير الذي حققته خلال العقد الماضي، لكن ذلك أدى إلى مشاكل خطيرة ترتبط بجودة الهواء والتلوث، بالإضافة إلى زيادة كبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين. وتصدت الصين لهذه المشاكل من خلال التحول لمحطات الطاقة التي تعمل بالغاز والطاقة المتجددة. وتوضح هذه الأمثلة أن الحكومات غالباً ما تمنح الأولوية لأمن الإمداد، لا الاعتبارات الاقتصادية أو البيئية، في قراراتها.

ولحسن الحظ، فإنّ زيادة استخدام الطاقة المتجددة غالباً ما يكون منطقياً من منظور تأمين الإمدادات والاقتصاد والبيئة. وفي الواقع، هناك بعض النماذج الرائدة "مثل ألمانيا وكاليفورنيا" التي تكون فيها حصة مصادر الطاقة المتجددة كبيرة للغاية حيث يتم إنتاج كل الكهرباء اللازمة في الأيام المشمسة والعاصفة خلال الصيف. ومع ذلك، فإنهم يكونون بحاجة إلى الوقود الأحفوري لتوفير الطاقة في الليل وخاصة خلال أشهر الشتاء.

وتعد النرويج وألمانيا وكاليفورنيا هي الرائدة في مجال الطاقة المتجددة لأنها متطورة تقنياً بالإضافة إلى تمتعها بالثراء. لذلك، يمكننا أن نتوقع منها مواصلة إحراز تقدم بشأن التحدي المتمثل في زيادة الحصة الفعّالة للطاقة المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى الوقود الأحفوري لموازنة الطلب على توفير الطاقة كمكمل للطاقة المتجددة حتى في هذه البلدان الرائدة.

ويمكن لصانعي السياسات في جميع البلدان تقليل الانبعاثات بدرجة أكبر من خلال دعم التحوّل من الفحم الضار بالبيئة إلى الغاز الطبيعي، والذي يعتبر إلى حد بعيد أنظف وقود أحفوري. وهذا يتطلب التعامل مع المصالح الخاصة في البلدان الغنية، مثل النقابات العمالية التي تقاوم وتؤخر إغلاق مناجم الفحم في ألمانيا، والتحديات الاقتصادية للبلدان الأكثر فقراً، مثل الهند تخطط لتوفير نسبة كبيرة من الطاقة لنموها الاقتصادي باستخدام الفحم نظراً لتوافرهُ محليا بتكلفة اقتصادية منخفضة.

تعليق عبر الفيس بوك