قصة قصيرة

الحـــرمان..


أمين دراوشة | فلسطين

عاصفة من الأفكار المبهمة تجتاح رأسي، فمنذ أن اخترقت الآلة اللعينة باطن يدي اليمنى، وأنا لم أهدأ والأرق يعصرني، والتدخين بشراهة وسيلة وقحة للتخفيف من كمية الألم المتزايد.
رغبة جامحة بالهرب تداهمني، ولكن إلى أين..؟ لقد أصابني البلى فلم أعد أقوى على فعل شيء، حتى ممارسة عاداتي الفطرية.
تم فصلي من العمل وحصلت على مكافأتي كاملة مئة وثمانون ديناراً، كنت أحمل مبلغاً كبيراً كهذا لأول مرة.
تسعة شهور رفضت، حاولت الاستمرار... طارت زوجتي بعيداً، بحثت عن سبب واحد يبرر فعلتها الشنعاء بلا جدوى.
كم كرهتها و رحلت وخلفت وراءها رجل تعس وطفلتين تزقزقان.. ما أقساها من حياة! وما أسخف السبب الذي يجعل أم تترك أطفالها وترحل نحو المجهول.
قضيت أيامي باحثاً عن عمل في كل مكان، وكالعادة خرجت اليوم، وسرت طويلاً، حتى لم تعد قدماي الباليتين على حلمي فارتميت على أحد المقاعد محطماً، مهتكاً كخرقة بالية عديمة النفع.. أخذت أحملق بالمارة وأغبطهم على حياتهم حتى تقدمت مني سيدة جميلة كحبة عناب ترتدي ثوباً أحمراً، بلون وجنتيها وابتسامة ساحرة على محياها.. خواطر جمى اكتسحت فكري وأخذت تتسكع فيه، هل اشتهتني تلك السيدة؟ هل ستدعوني لمنزلها؟
وأخذت نشوة غارمة تأخذني لعوالم زاهية بألوان شتى، دنت مني أكثر.. والقت بيدي المصابة بعض النقود ورحلت....
انهارت أحلامي وانتحرت الابتسامة على شفتيّ ليحتل الحزن مكانه الأبدي، أخذت أحدق بكل شيء حولي حتى وقعت عيناي على أحد الصاغة وصدر عني آهه لا أرادية وقلت لنفسي الليلة.. الليلة سأجلب لأشبالي كل ما يشتهون ولن أجعلهم يحتاجون شيئاً بعد اليوم..

 

تعليق عبر الفيس بوك