برهان العسل لـ"سلوى النعيمي" إيروتيكا وتوظيف أدبي لا يتعمّد الإثارة


شيرين زين الدين | القاهرة

صدرت رواية "برهان العسل" للكاتبة السورية سلوى النعيمي عن رياض الرايس عام ٢٠٠٧ ، والمعنى الأساسي الذي أرادت الكاتبة أن توضحه للقارىء أن الخوف من دعم هذه الدراسة في مجتمعنا العربي ورفضه للاضطلاع عليها سيؤدي الى استمرار الحياة الجنسية بطريقة سرية كما هي، وستظل نظرة "العقل العربي".. للجنس كشيء معيب فيصبح مختبئا كما هو، وسيظل المعترفون بزواج المتعة الذي ليس لعقده قيمة وتفضيله على العلاقة الحرة، بينما العلاقة الحرة أوضح بكثير من هذا الزواج الكاذب الذي يعد إهانة لمعنى الحياة الزوجية.. فكيف للزواج أن تحدد له مدة،غالبا ما تكون بثمن كمن يستأجر سيارة أو تستأجر حذاء .. وتتحدث النعيمي في روايتها عن كيفية الوصول إلى الحرية الجنسية من خلال اعتماد دراسة الأدب الإيروتيكي. وإن كانت الرواية لا تتحدث بالضرورة في استخدام المصطلحات الجنسية بصورة دائمة في حياتنا.
غير أن لم  تتعمق الكاتبة في الحديث عن زواج المتعة فقد كان في أحد الشخصيات العابرة بين السطوو، وإن الفكرة الأساسية المتحكمة في الرواية هي فك جمود العقل العربي مما يتيح للإنسان اختيار حياته بحرية دون التقيد بمعتقدات ربما  تضع عليه أعباء نفسية وأوزارا على تشكيل الخطأ في هيئة صواب.
جعلت الكاتبة  أحداث الرواية تدور وكأن البطلة في رحلة استكشافية للغة الجسد، ولم تدعُ الكاتبة إلى  التشبه ببطلة روايتها فقد ركزت على  فكرة الوصول للوضوح والحرية التي لا يقبلها مجتمع يحترم الزيف؛ فبطلة الرواية بحكم عملها بالمكتبة الجامعية تعرفت على الأدب الأيروتيكي واهتمت به فيما عُرِض عليها بشكل مفاجىء كتابة بحث أكاديمي في الحياة الجنسية عند العرب؛ فقد قيل إن الباحثين سيناقشون تلك الأبحاث في مؤتمر في باريس، مما سيجعلها تطرح أفكارها بكل جرأة دون أن تجعلها سرا في مجتمعها العربي .
فبدأت المقارنة بين ثقافات العصور الأولى والعصر الحالي الذي أصبحت فيه الحرية في الكتابة  ممنوعة، وأشارت الباحثة إلى حرية الكتابة ومرونتها في العصور القديمة بينما تتقدم العصور ويتم تغيير أسماء بعض الكتب وحذف مصطلحات عربية كانت عناويناً لكتب بعض الشيوخ والقدماء.
في القرن الحادي والعشرين أصبحت الكتابة ليست بخير، فوضْع قيود على  أركان الكتابة الأساسية الثلاثة.. قيّد الكاتب مما جعله  لايستطيع التعبير عن فكرته بحرية؛ فكتابة القدماء في الحياة الجنسية بحرية كان يعني أننا نتراجع، فالقدماء لم يجدوا عيبا في علم المتعة وتركوا كتبهم للتأكيد على ألا يتعامل البشر معه على أنه رغبة محرمة ومعيبة.
اعتمدت الباحثة في دراستها على كتب التراث الجنسي عند العرب، واهتمت بمصطلحاته العربية وتفسيرها بعلم ومعرفة قائمة على أسس وقواعد ثابتة؛ (لفك هذا الجمود الذي ساد المجتمعات العربية). وبعدما أصبحت المتعة شيئا لا يتحقق بالشكل الكامل مع كل وسائل التوعية الموجودة في العالم.. أرجعَت هذا لأن العقل المتيقظ يخلق جسدا متيقظا.. فلا يستطيع أحد أن يشعر بالمتعة إلا إذا آمن بها وفًهِمَها من كل زواياها. ولكي نصل إلى المتعة لابد أن نكون على دراية كاملة بكيفية الوصول لها وهذا يتطلب "الوعي الجنسي"، ولأن الوعي الجنسي لايمكن أن يكتمل بالقراءة النظرية، تعددت علاقاتها الجنسية لتبدأ رحلتها العلمية السرية حتى تكتشف كل ركن من صحراء تلك الرحلة. إن فضولها الجنسي كان فضولا معرفيا أكثر من كونه جسديا، وتركت التفكير في الربط بين العشق والمتعة و رغم تعدد الرجال ما اكتمل ما تبحث عنه إلا مع رجل واحد ، وقد أسمته "المفكر" أسمته المفكر لربطها بينه وبين افكارها ..حتى انها اعتبرته شيئا من صنعها، فأصبح هو نقطة الضوء  التي تضيء لها الأشياء المعتمة،  حتى  أوصلها "للوعي الكامل" إن الانسان أحيانا يحتاج إلى من يضيء داخله المعتم ولكي يضيء لك انسان ما بداخلك لابد أن تطلعه على نقطة العتمة، والمفكر هو الرجل الوحيد الذي اختارته لكي يضيء لها عالمها السري مما ساعدها على إمكانية توصيل الفكرة بشكل أوضح في بحثها العلمي.
لم تستطع الباحثة أن تسمي ما بينها وبين المفكر عشق، عندما سألها عن علاقتهما، فقد كانت تبحث عن أقصى حدود المعرفة من خلاله ، ذهب المفكر، وظلت تنتظره أن يرجع لكن دوره قد انتهى، لقد انتهت من بحثها العلمي والذي جمع بين رؤيتها العملية والنظرية وثقافات المجتمعات العربية والغربية في تناول الأدب الإيروتيكي، والمقارنة بين حرية الجسد في الغرب وتقييده في المجتمع العربي.
الآن هي لا تبحث عن المتعة، فقد وصلت إليها بمعناها الحقيقي وهو "التحقق والوعي الكامل الذي ساعدها في نشر كتاب حر، يدعو إلى عدم رفض أي دراسة متعلقة بحياة الإنسان".

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك