الهـــــــارب.. قصة قصيرة


أمين دراوشة | فلسطين
صورته لا تبرح مخيلتي، وأشعر بدوار عنيف في رأسي كلما تذكرته.. عامر هذا كان اسمه، طويل، ذو شاربين غليظين وعينان تقدحان الشرر، أسمر البشرة، صاحب حاجبين كثيفين وممتلئ الجسم.. دائماً نافر وعنيد ولا يتلقى الأوامر إلا من عمه أبو العز الذي رباه منذ كان صغيراً لا يفقه شيئاً.
حتى أمه لم تنج من بطشه وجبروته وكان عمه يخفف من غلواء شدته على والدته، فقد كانت إمراته..!
أبوه توفي قبل عشرين عاماً بسكتة القلبية، الإشاعات تقول: إن ابو العز كان يرقد مع زوجة أخيه حين دخل أبو عامر عليهم فلم يحتمل الصدمة ومات، وبعد عام تزوج أبو العز كريمة، وربى عامر ليكون ابنه الذي عجز عن إنجابه، لا أعرف إذا كان عامر يعلم بهذه الحكاية أم أنه لا يدري وتلك مصيبة أو قد يكون سمع بها ولم يصدقها بتاتاً...
سجن عامر مرات عديدة وهو يحصّل حقوق عمه ويحارب أعدائه، حاولت مراراً أن تكسبه إلى جانبها دون جدوى.
مرت السنون، وجاء اليوم الذي سمعت فيه أن عامر قتل عمه وأمه وفر هارباً خارج البلاد... كثرت الإشاعات في حارتنا عن السبب الذي من اجله أرتكب جريمته الشنعاء، فمن الناس من يقول: إنه قد علم أن وفاة والده كانت بسببهم فصمم على قتلهم، أما آخرون فيرون ان السبب في قتلهم يعود إلى أن عامر الذي لم يعرف أنثى أبداً سوى امه قد دخل يوماً إلى البيت واقتحم غرفة نوم أمه ليجدها عارية في أحضان عمه فنهال عليهم ضرباً بأحد الكراسي حتى لفظوا انفساهم .. آه كم أشعر بالدوار والغثيان...!
ترى هل علم عامر بالقصة الحقيقية لذلك قتلهم أم أن رغبة شيطانية لا شعورية تسلطت عليه فلم يسيطر على نفسه وهو ينهال عليهم ضرباً حتى الموت...

 

تعليق عبر الفيس بوك