ساعةٌ للأطفال

للشاعر الأمريكي: هنري وادذورث لونغفيلّو* - ترجمة: محمد حلمي الريشة

 

(إلى أحفادي: لمار، طارق، هيثم، جاد)

 

بينَ الظَّلامِ وضوءِ النَّهارِ،

وحينَ يبدأُ اللَّيلُ بالانحسارِ،

تأْتي وقفةٌ فِي احتلالِ اليومِ،

والَّتي معروفةٌ أَنَّها ساعةٌ للأَطفالِ.

***

 

أَسمعُ فِي حُجرةٍ فوقِي

طقطقةَ قدمٍ صغيرةٍ،

وصوتَ البابَ قدْ فُتحَ،

والأَصواتَ النَّاعمةَ واللَّطيفةَ.

***

 

أَرى منْ مكتبِي فِي ضوءِ المصباحِ

انحدارَ درجِ القاعةِ الفسيحةِ،

و(أَليس) الخطيرةَ، و(أَلِّيغرا) الضَّاحكةَ،

و(إِديث) بشعرِها الذَّهبيِّ.

***

 

همسٌ، ثمَّ صمتٌ:

بعدَ ذلكَ أَعرفُ منْ عيونِهم المرحةِ

أَنَّهم يتآمرونَ ويخطِّطونَ معًا

لأَخذي علَى حينِ غرَّةٍ.

***

 

اندفاعٌ مفاجئٌ منَ الدَّرجِ،

وغارةٌ مفاجئةٌ منَ القاعةِ!

منْ ثلاثةِ أَبوابٍ تُركتْ بدونِ حراسةٍ

دخلُوا جدارَ قلعَتي!

***

 

صعدُوا إِلى بُرجي

فوقَ ذراعَيْ وظهرِ كرسيِّي؛

إِذا حاولتُ الفرارَ، يحاصرُونني؛

يبدُو أَنَّهم فِي كلِّ مكانٍ.

***

 

إِنَّهم تقريبًا يلتهمُونَني بالقُبلاتِ،

وأَذرعُهم ضفيرةٌ حَولي،

فأُفكِّرُ بأُسقُفِ (بِنجِن)

فِي برجِ الـ("ماوس) علَى نهرِ الـ("راين)!

***

 

أَلا تعتقدينَ، يَا زرقاءَ العينَيْنِ،

ولأَنَّكِ تسلَّقتِ الجدارَ،

مثلَ شاربٍ (شواربَ) قديمٍ كمَا حالِي أَنا،

أَنَّني لستُ نظيرًا لكُم كلَّكم!

***

 

آخذُكِ بسرعةٍ إِلى حضنِي،

ولنْ أَسمحَ لكِ بالمغادرةِ،

لكنِ انْزلِي بنفسِكِ إِلى داخلِ القَبْوِ

فِي البرجِ الدَّائريِّ لقلبِي.

وهناكَ سأَحتفظَ بكِ إِلى الأَبدِ،

نعمْ، إِلى الأَبدِ ويومٍ واحدٍ،

إِلى أَن تنهارَ الجدرانُ خرابًا،

وتتلاشَى فِي الغبارِ بعيدًا!

----------

* ولدَ الشَّاعرُ "هنري وادذورث لونغفيلّو" فِي "بورتلاند" بولايةِ "ماين"، فِي 27 فبراير 1807م. منْ بينِ كتبهِ الشِّعريَّةِ الَّتي نشرَها فِي حياتهِ: "أُغنيةُ هياواثا وأَصواتُ اللَّيلِ". توفيَ قي 23 مارس 1882م. هذهِ القصيدةُ نشرتْ للمرَّةِ الأُولى فِي مجلَّةِ "أَطلانتك" الشَّهريَّةِ فِي عددِ سبتمبرَ 1890م.

تعليق عبر الفيس بوك