محطات من إفريقيا!

حسين بن علي الغافري

في واحدة من أكبر المفاجآت ضمن بطولة أمم إفريقيا 2019، والمقامة حاليا في أرض الكنانة، أقصى منتخب جنوب إفريقيا نظيره منتخب الفراعنة بهدف مُتأخر في الدقائق الأخيرة من مباراة الفريقين.

منتخب مصر غادر البطولة، ولو أنَّ بوادر الخروج ظاهرة على القراءات الأولية للأداء بعد جُملة من المشاكل، وتخبط في المستوى الفني بشكل عام. من كان يُتابع المنتخب منذ الانطلاقة أمام زيمبابوي يُدرك تماماً أن الفريق لا يبدو جاهزاً إطلاقاً، ولا توجد فيه روح أصلاً، وكأنَّ المجموعة تلعب كواجب مشاركة، فضلاً عن غياب انسجام بين اللاعبين، وضعف ملحوظ في ترتيب الأوراق من قبل المدرب أجيري، الذي لم يتصرف طيلة البطولة بشكل ملائم، ولم يتعاطَ مع مختلف اللقاءات بإدارة تكتيكية منتظر منها أن تظهر تطورا في الشكل؛ لذلك أدرك تماماً أنَّ كل فرد مصري مستوعب لخروج منتخب الفراعنة ومسألة إقصائه واردة في كل لحظة.. ولكن يدعو ربه أن لا يحدث ذلك ويستمر بالتقدم إلى الأدوار الأخرى!

منتخب مصر -وقياساً على كل المعطيات- فإنَّ الاستقرار بشقيه الفني والإداري لم يكن في أكمل صُوَره، انطلاقا مع مشكلة عمرو وردة التي أخذت منحنيات مختلفة وتجذرت فصولها كثيراً ليصل الموضوع لوجبة دسمة إعلاميًّا، وأصبحت القضية الأولى، وشارك فيها حتى اللاعبين وتحدث عنها العالم كله. مع خروج زملاء محمد صلاح أمام جنوب إفريقيا، فيمكن القول إنَّ هذه النسخة من بين أسوأ النسخ التي قدمها المنتخب المصري في البطولة على مدار تاريخه الحافل، ولعل الأمر بحاجة لوقفة وقراءة ما حدث بمكاشفة حقيقية تعيد للمنتخب هيبته وتاريخه واسمه الذي سطّره، فسيد إفريقيا واسمها الأول يجب أن ينهض ويعود لمكانه الطبيعي ومكانته المعروفة.

خروج مصر، سبقه خروج مفاجئ آخر لأسود الأطلس أمام بنين.. المغرب كان أمام فرصة كبيرة للتأهل والوصول إلى ثُمن النهائي، إلا أنَّ مُنتخب السناجب -كما يطلق عليه- استمات في الخلف، وتعامل مع المباراة بهدوء وصبر شديد، عرف كيف يصل باللقاء إلى حيث ما يريد. ولربما ضربة الجزاء الضائعة في أواخر الشوط الثاني من حكيم زياش أثرت نفسيًّا على المنتخب، وأسهمت في رفع معنويات نجوم منتخب بنين. إجمالاً، خروج المغرب يعتبر مفاجأة نظراً للفوارق الكبيرة بين المنتخبين، ليستمر منتخب أسود الأطلس بعيدا عن معانقة اللقب الإفريقي الوحيد منذ العام 76 بإثيوبيا، ومنها لا يزال المنتخب بعيدا عن تحقيق لقب آخر رغم الأسماء الكبيرة التي مثّلت المنتخب على مدار هذه الأعوام.

عموماً.. ومنذ انطلاق البطولة، شاهدنا أن المنتخبات جميعها متقاربة في المستوى، باب المفاجأة مفتوح على مصراعيه، جل المنتخبات تعيش مرحلة من التكافؤ نوعا ما، وحتى من قلنا إنه منتخب مغمور قدم نفسه كما يجب، وأثبت تقدمه وتطوره، وهو ما يدفعنا للقول بأنَّ البطولة الحالية وبعد خروج مصر بصفتها مرشحة نظراً لتاريخها وجودة أدائها على مر السنوات الماضية، إضافة إلى أنها البلد المستضيف وتمتلك أفضلية الأرض والجمهور، فإنَّ الوضع الآن يوحي بأن مصير اللقب يبدو في الملعب بذات الفرصة أمام جميع المنتخبات.