المشهد الأدبي.. واقع الاستعلاء (2)


مروان المخلافي | اليمن

الأديب العربي وتحديداً بعض شعراء الفصيح ممن تهيأت لهم فرصة النشر والطباعة لبعض أعمالهم أحياناً يتخبطهم الشيطان من المس ، فقط هذه المرة يصنع فيهم حالة من الشعور الهائج المتعجرف فوق كل الناس والخلائق ، ودوناً عن الآخرين واقعهم تتفلت منه حالات الاستعلاء الطافح بالزهو والغرور، وخلف كواليس هذا الواقع المشوه يرزح الكثيرون ممن هم أبدع منه ومن غيره وفي تواضعهم على خلافهم ، فقط لم تتيسر لهم فرص النشر والطباعة لبعض أعمالهم التي تفوق عددا ما أصدره بعشر مرات، فقط طمرهم واقع الحال بسبب الظروف التي يمر بها المثقف العربي.  
هؤلاء - ويا للأسف- ارتضوا لأنفسهم بل ومنحوها صك استحقاقٍ بأن يكون غيرهم مطية لهم، ورافعة لحملهم  شعوراً منهم بأحقيتهم لذلك، وما علموا بأن حراس معابد الحرف، وأنبياء المجاز، وملوك البيان لا أحد سواهم من يمتلكون القدرة في إضفاء ألوان من السرور والبهجة على محيا الوجدان ، ويبتدرون النفوس بأجمل اللوحات زاهيات الألوان،  لتمكنهم من وظيفة الجمال الباهي الذي يشكل حياة الوجدان بجدائل النور والسناء.
وحري بكل منتسب لهذه الفئة - كفرد-  أن يعمر هذا الوسط عبر إشاعة الأجواء الايجابية كما ينبغي، والتي تعكس روح الانتماء والجمال لهذه الوظيفة رفيعة المستوى، وتتماهي في دعمها وسندها مع كل الوظائف الأخرى التي من شأنها الارتقاء بالمشهد الأدبي وكل منابره ومنصاته التي تثريه كماً ونوعا.
لكن للأسف الشديد مازال واقعنا يتراجع في أكثر من صعيد كان بالإمكان استثماره للنهوض به، وجعله رافداً يصب في مصلحته،  وتعميد بنيانه بجدر ساندة تقوي من مداميكه التي يستند عليها جمهور الكتاب والأدباء .
مايدعو للاستغراب منشور قرأته يتحدث عن  انتقال عدوى النفاق الأدبي والثقافي للجاليات وملاحقها الثقافية عبر ممارستها لمنطق التعظيم لبعض الكتاب بحثوا في علاقاتهم على أدبهم، وبعض الكاتبات بحثوا عن شَعرها على شِعرها كما يقال، وكل ذلك على حساب الأكتاف الغالية للمواهب العربية التي توارت بها حالة الاغتراب والسعي - لهثاً - خلف متطلبات الحياة المعيشية.
وكم علمونا منذ الصغر بأن الأدب يمثل بصمة الإنسان وشخصيته التي تدل عليه في كل مكان يذهب إليه عند من لا يعرفوه، حيث يأتي تواضعه في تصدرها لهذا الأدب، هذه القاعدة للأسف نراها اليوم تتكسر وتتهاوى على يد مجموعة من الأدباء والكتاب لا هم لهم إلا أن يجدوا أنفسهم في هالة من التوقير والتبجيل بعيداً عن أي اعتبار، وهؤلاء وجب التذكير بأن (كن ابن من شئت واكتسب أدبا*** يغنيك محموده عن النسبِ).
ولقد قرأنا بأن عمر بن الخطاب المسجد دخل المسجد ليلاً فداس على رجُل بقدمه دون أن يشعر، وحين غضب الرجل صاح بعمر (أحمار أنت) وهو لا يعرف أن من يقف على رأسه هو أمير المؤمنين، أجابه عمر بهدوء واطمئنان: لا ، لست حمارا ، إنما أنا عمر ومضى لسبيله تصلب الرجل في مكانه، ولكنه هدأ بعدما رأى وتأكد له بأن عمراً قد توارى عنه، وكان أصحابه ينادونه بعمر على خلافته.
اليوم ويا للؤم اليوم .....
( شاعر من ...- أكاديمي عربي - أستاذ جامعي عربي - ناقد أدبي عربي - رسام من ... - طبيب من ... - كاتب عربي - كاتب من .... - صحفي من .... - منشد عربي-  ناشط من ... - سياسي عربي)
أسماء وألقاب لن تجدها إلا سير ذاتية على واجهات صفحات الفيسبوك الخاصة بالعرب دوناً عن خلق الله والأوادم في بقية البلدان الذين لا يعرف الكثيرون منهم أين تقع بعض البلدان العربية أصلاً على وجه الخريطة.
ادخلوا صفحات العلماء وكبار المفكرين والمثقفين والعظماء الذين.حازوا  على جوائز العظمة في مجالاتهم التي أثروا بها الإنسانية في العصر الحديث، أدخلوا صفحات مؤسسي وسائل التواصل الحديثة لتجدوهم قد اختصروا حتى أسمائهم الرباعية من أربعة حروف وكفى ، ومحال على واحد منهم.يمر على تعليق دون التفاعل معه، حتى ترمب لا يجد غضاضة من الرد على بعض المعلقين في حسابه على تويتر ، وعندنا حدث ولا حرج.
ونحن اسم الواحد منا يتكون من عشرة أسماء  (الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي وعضو الهيئة الهندوراسيه النيوزلندية في كندا أحمد فازع مكرد بجاش ) وتحت اسمه الصفة (الخبير والمحلل........ِ العربي !!)... ويا مهازل إنه زمانك!!

 

تعليق عبر الفيس بوك