إِخوَةُ الجَحِيمِ


د. عمر هزاع | سوريا

فِي البَدءِ كانَ الماءُ..
حِينَ تَشَكَّلُوا..
فَتَغَمَّسُوا بِالطِّينِ..
ثُمَّ تَحَوَّلُوا..
وَقَفُوا هُناكَ
وَلَم يَكُنْ إِلَّا صَدًى يُتلَى لِصَوتٍ ما..
وَما يُتَأَوَّلُ..
لَم يَصعَدُوا نُجُمًا إِلَيهِ
وَإِنَّما كانَ الذِي بِشِهابِهِ يَتَنَزَّلُ..
قالُوا:
(نُرِيدُ الخُلدَ)
قِيلَ:
(ينالُهُ؛ عِندَ الرَّفِيفِ إِلى الضِّياءِ؛ الأَوَّلُ)
قالُوا:
(سَنَحمِلُ نِصفَنا؛ لِبُلُوغِهِ؛ نِصفَ المَسافَةِ؛ وَالبَقِيَّةَ.. نُحمَلُ)
وَتَعاهَدُوا..
وَاللَّيلُ نَصلَةُ خِنجَرٍ
يُردِي بِها المُتَكَفَّلَ المُتَكَفِّلُ..
مَحَوُا الذِي كَتَبُوهُ
ثُمَّ استَبدَلُوا:
(يُغتالُ أَنقَصُنا.. لِيَبقى الأَكمَلُ)
فَتَناوَبُوهُم..
وَالمَواثِقُ مَقبَضٌ بِيَدِ الإِخوَّةِ
وَالخِيانَةُ مُنصُلُ
وَتَقَمَّصُوا دَمعَ السَّنابِلِ
بَعدَ ما صاحُوا:
(تَرَبَّصَ بِالحَصادِ المِنجَلُ)
ما زالَتِ القُمصانُ بَينَ مَتاعِهِم
تَحمَرُّ..
تَصرُخُ..
تَستَكِيلُ..
وَتَفصِلُ..
حَتَّى إِذا انتَصَفَ الطَّرِيقُ..
دِماؤُهُم كانَتْ تُحَمحِمُ..
فِي الظَّلامِ..
وَتَصهَلُ..
كانَتْ تَسِيرُ..
إِذا يَسِيلُ بِها الدُّجى
وَإِذا تَجِفُّ بِها المَصابِحُ
تَجفُلُ..
فِيها نِداءٌ ما..
يُرَدِّدُ:
(أَدبِري)
وَتَذُوبُ شَوقًا..
لَو دَعاها المَشعَلُ..
وَالسِّرُّ فِي المِشكاةِ بابٌ مُوصَدٌ
لا قُفلَ..
لا مِفتاحَ..
كَي يَتَسَلَّلُوا
وَصَلُوا إِلَيهِ مُدَجَّجِينَ بِلَيلِهِم
وَعَلَيهِ خُطَّ:
(يَمُرُّ مِنهُ العُزَّلُ)
كانَ الخِيارُ الصَّعبُ:
أَن يَتَخَفَّفُوا..
أَو:
أَن يَمُرُّوا مُثقَلِينَ..
فَيُقتَلُوا..
فَتَخَفَّفُوا مِن بَعضِهِم
لَكِنَّهُم حَمَلُوا مِنَ الدَّمِ ما يُعِيقُ.. وَيُثقِلُ..
قِيلَ:
(ادخُلُوها.. الآنَ..)
ثُمَّ تَفَتَّحَتْ بُؤَرُ الجَحِيمِ
(وَإِن تَفِرُّوا تُسحَلُوا)

 

تعليق عبر الفيس بوك