"جارديان": عملة "فيسبوك" الرقمية اختراق جديد للخصوصية


ترجمة- رنا عبد الحكيم
اعتبرت صحيفة "جارديان" البريطانية أن "ليبرا" وهي العملة الرقمية المقترحة على فيسبوك، تمثل آخر محاولة لشركة تكنولوجية غربية كبرى لإضعاف قدرة الحكومات الوطنية وقوتها.
وتعد شركة فيسبوك مستخدميها الذين يقدروا بأكثر من مليارين، بأنهم سيكونوا قادرين على تحويل الأموال إلى بعضهم البعض بسهولة. أحد نماذج Libra هوWeChat Pay في الصين، وهو نظام للدفع عبر الهاتف المحمول يضم بالفعل أكثر من مليار مستخدم، وهذا نظام مربح بشكل كبير ولا يتعين تمويل شبكة WeChat الاجتماعية عن طريق الإعلان.
وهذه التطبيقات لا تنتصر للخصوصية، بل على النقيض من ذلك، تقوم WeChat بجمع أكبر قدر من المعلومات عن مستخدميها مثلما يفعل فيسبوك، وهذا كله يقع تحت تصرف الحكومة، ولذا كل ما يقال على الشبكة يخضع لرقابة صارمة. ومن الواضح أن الكثير من المستخدمين لن يسعدوا بفكرة منح فيسبوك الثقة لكي يتعمق أكثر في عادات الإنفاق الخاصة بهم. على الرغم من أن الشركة تدعي الآن أنها لن تستخدم أبدًا المعرفة التي اكتسبتها من خلال نشاطها في التعامل مع الأموال لزيادة كفاءة أعمالها الإعلانية، لكنها لم تفي بالوعود المماثلة التي أطلقتها عندما استحوذت على تطبيق واتس آب.
وتتجاوز طموحات فيسبوك المتعلقة بـ"ليبرا" نظام الدفع الإلكتروني البسيط، مثل WeChat Pay أو حتى PayPal. فهذه كلها وسائل لتحويل العملات الموجودة في جميع أنحاء العالم. وفيسبوك لا يريد بناء نظام التحويل فقط، لكنه يسعى لطرح العملة نفسها. وسيكون هذا الأمر محرجًا للشركة إذا فشلت، وقد يكون كارثًيا على العالم إذا نجحت الشركة.
أحد أبرز التطورات السياسية في القرنين الماضيين كان الاستيلاء البطيء على الأموال عن طريق الديمقراطية. قد يبدو هذا مطالبة متناقضة بصورة غير مجدية، وذلك عندما تتعرض العملات في كثير من الأحيان للفساد بسبب التضخم الناتج عن ظروف سياسية. حتى في بريطانيا والولايات المتحدة، يُعتقد أن استقلالية محافظي البنوك المركزية هي ضمانة بأن الاقتصاد سيتم إدارته وفقًا لشروط حكيمة. لكن استقلال محافظي البنوك المركزية ليس مطلقًا، وهم يدركون دائمًا أنهم يخدمون المصالح الوطنية. ويُظهر اليورو- الذي يوفر الوحدة النقدية التي تُدار بها العملة دون أي اعتبار لمصالح الأعضاء الأضعف مثل اليونان- الأخطار التي تواجه البلدان الصغيرة في بنك مركزي مستقل تمامًا عن السيطرة السياسية.
وهذه ليست مشاكل تكنولوجية. فالمال في حد ذاته ليس مشكلة تكنولوجية.
ويدعي مؤيدو "ليبرا" أن هذه العملة ستجلب للاقتصاد الأشخاص الذين ليس لديهم حساب بنكي في الوقت الحالي، لكن الدراسات الاستقصائية تبين أن السبب الأكثر شيوعًا لعدم امتلاك حساب مصرفي هو أنه ليس لديهم ما يضعونه فيه. وستزودهم العملة الإلكترونية الجديدة فقط بالقدرة على عدم امتلاك فئة أخرى من الأصول. وفي البلدان النامية التي توقفت فيها عمليات الدفع بواسطة الهاتف المحمول، وكينيا هي المثال الأكثر وضوحا، تبين أن هذا، أيضًا، كان نتيجة قرار سياسي بإعطاء الأولوية لمصالح شركة للهاتف المحمول على مصالح البنوك. وتعد الصعوبات وعدم الكفاءة الظاهرة للمدفوعات عبر الحدود على الإنترنت، نتائج للقرارات السياسية المتخذة لأسباب عقلانية تمامًا.
وتختتم الصحيفة افتتاحيتها قائلة إن ثمة قيود مفروضة على عمليات غسيل الأموال، وهناك لوائح مهمتها الحيلولة دون وقوع مشكلات اقتصادية كبيرة، ولذا إما أن تقدم فيسبوك قواعد مصرفية تنظيمية مثل البنوك، وفي هذه الحالة تصبح خاضعة لجميع الضوابط، أو أن تقرر محاربة القانون، والقانون هو الغالب في نهاية الأمر.

 

تعليق عبر الفيس بوك