الأمم المتحدة تحذر من خطورة تحول المياه إلى سلاح في الحرب

في الصراع الليبي: المياه أثمن من النفط أحيانا

طرابلس - رويترز

رغم أنَّ النفط الليبي يكمُن في صميم الاشتباكات الدائرة منذ ثلاثة أشهر حول العاصمة طرابلس، وما سبقها من سنوات الصراع، فقد بدأت المياه تصبح مدعاة لقلق أكبر بكثير لدى سكان المدينة.

فقد كثُرت فترات انقطاع المياه بعد انتشار حالة أشبه بالفوضى منذ الإطاحة بالزعيم معمر القذافي قبل ثماني سنوات، غير أن مشكلة أكبر بدأت تلوح في الأفق في بلد تتكون أرضه في الأساس من صحراء قاحلة وينقسم بين إدارتين متنافستين.

وفي غرب ليبيا، أصبح العثور على المياه النقية صعبا بسبب ما لحق من تلفيات بشبكة الكهرباء ونظام التحكم في المياه من جراء هجوم تشنه قوات موالية للقائد العسكري خليفة حفتر المتمركز في شرق البلاد على طرابلس؛ حيث الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة.

وقال أسامة محمد الدوكالي أمين الصندوق بأحد المقاهي في طرابلس، والذي يشتري المياه المعبأة كلما أمكن، ويحصل عليها من ماء سبيل عندما تنفد أمواله: "المياه الصالحة للشرب إشكالية يومية لعائلتي"، ويقوم آخرون بملء الزجاجات من آبار.

وتسبب النهب والإهمال في تدهور الوضع واستغلت الجماعات المسلحة الاضطرابات. وفي مايو، أرغم مسلحون يطالبون المسؤولين بالإفراج عن قريب لهم مقبوض عليه، العاملين بمرفق المياه بقطع الإمدادات عن طرابلس كلها لمدة يومين. وتقول تقارير غير منشورة من الهيئة العامة للمياه ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة إنَّ الأمم المتحدة حذرت جميع الأطراف من خطورة تحول المياه إلى سلاح في الحرب غير أن شبكة المياه أصيبت بأضرار جسيمة بالفعل في غرب ليبيا حيث تقع العاصمة. بل إن المياه المعبأة محليا في بلد يملك أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط في قارة أفريقيا أصبحت ملوثة.

وقالت هيئة المياه في عرض توضيحي لمنظمات دولية في مارس الماضي -اطلعت عليه رويترز- إنه إذا لم يتم إصلاح الأضرار فمن الممكن أن يصل الأمر إلى إغلاق شبكة أنابيب المياه الرئيسية فجأة، وعلى غير المتوقع وبشكل لا يمكن التحكم فيه ودون الاستعداد له.

وجاء في العرض أنَّ العواقب ستكون وخيمة؛ لأنه لا تُوجد شبكة بديلة صالحة للعمل لضخ إمدادات المياه.  ويمثل هذا التحذير من تعطل الشبكة، والذي تردد صداه في تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة في الشهر نفسه، أخطر بادرة على انهيار خدمات الدولة في ليبيا التي كانت من أغنى دول شمال إفريقيا. وسيكون لذلك تداعيات بعيدة الأثر في بلد يستغل فيه مسلحون إسلاميون وفصائل مسلحة ومهربون يعملون على تهريب المهاجرين واللاجئين الأفارقة إلى أوروبا حالة الفوضى.

وقال مصطفى عمر المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة ”سيحرم عدد يقدر بنحو أربعة ملايين شخص من الحصول على المياه النقية“ مضيفا أن النتيجة المحتملة لذلك هي الإصابة بالكوليرا والتهاب الكبد الوبائي (أ) والإسهال الذي يعد من الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال.

وكان سوء الخدمات العامة من الدوافع وراء الانتفاضة على حكم القذافي، غير أن شبكة أنابيب يبلغ طولها 4000 كيلومتر، وتعرف باسم النهر الصناعي العظيم، كانت مشروعا رائدا من مشروعات الهندسية المدنية على مستوى العالم عند بنائها في الثمانينيات.

ويعيش حوالي 80 في المئة من السكان البالغ عددهم ستة ملايين نسمة على امتداد ساحل البلاد على البحر المتوسط أو بالقرب منه ويعتمدون على المياه العذبة التي تضخ عبر الأنابيب من خزانات جوفية في جنوب البلاد حيث تقع أيضا الحقول الغنية بالنفط في ليبيا.

تعليق عبر الفيس بوك